الجمعة 19 إبريل 2024
مجتمع

عزوزي بوزيد  يناقش أحمد  نور الدين كيف كنا كيف أصبحنا !!؟

عزوزي بوزيد  يناقش أحمد  نور الدين كيف كنا كيف أصبحنا !!؟ عزوزي بوزيد (يمينا) وأحمد نورالدين
سي أحمد نورالدين ...
ما فتئ الملك محمد السادس، منذ اعتلائه عرش أسلافه الكرام الميامين يوم 30 يوليوز 1999، ينادي في كل خطبه وفي كل مناسبة بترسيخ الروح الوطنية العالية وسلك سبل المحافظة على قيم حضارتنا العربية-الإسلامية العريقة وأسسها الصلبة المتينة.
أملي أن ينتبه عدد من المسؤولين الحاليين السياسيين والإداريين ورجال المال والأعمال إلى هاته التوجيهات الملكية وأن يفهموا عمق مفهوم حب الوطن، وأن الإرتماء في أحضان الفساد المالي والإداري لن يجلب لهم سوى الخزي والعار ويدفع إلى الإنحطاط بالوطن.
سي أحمد نورالدين ،
نعم ، أنا متفق معك تماما و قل يا سي أحمد حين تؤكد : 
" كيف كنا ؟ وكيف أصبحنا !!؟ العلم يرفع أمة ويعزها، والجهل يخفض أمة ويذلها.ساد الانجليز العالم واصبحوا الامبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس، حين ملكوا ناصية العلم وحازوا قصب السبق إلى الثورة الصناعية والآلة البخارية التي فتحت لهم آفاق التكنولوجيا، ونحن انقلبنا على اعصابنا حين خلدنا إلى السبات وركنا إلى الراحة، ميزانية البحث العلمي في دولنا والوضع الاعتباري للمؤسسات التعليمية ، يلخص كل شيء."
ردك هذا، سي أحمد جعلني أربط بين مستوى "التطور الديمقراطي" في الدول العربية و"البحث العلمي"  في علاقاتهما مع الدول المتقدمة تكنولوجيا، وبين "مستوى الوعي" عند شعوب الدول السائرة في طريق النمو خصوصا الإفريقية والخليجية أكثر من أميركا اللآتينية وآسيا الجنوبية ، وهذا مبحث موازي غاية في الأهمية يتطلب التوقف عنده بروية وموضوعية .
سي أحمد ..
أؤكد دائما على حقيقة فكرية قوية حين أدون: كل أمة تنازلت عن قيمها ودينها وهويتها وأخلاقها و تاريخها مآلها مزبلة التاريخ .
كل أمة سعى أبناؤها إلى اعتناق عالم مادي صرف، مهرولين وراء المال الكثير والكسب بلا حدود خال من المرجعيات المبدئية والحضارية والأخلاقية، مصيرها التلف والتبخر والإندثار.
أنا مع الحداثة بالمطلق !! 
أنا مع البحث عن التقدم والنفاذ إلىأعلى المستويات لأبناء أمتنا  على أجنحة البحث العلمي بالتمام والكمال، أنا مع العولمة الإقتصادية والعلمية في إطار الإحترام المتبادل للأمم والشعوب والسيادة الوطنية ولكنني لست مع العولمة التي تسعى إلى خلط الأوراق الثقافية والتراثية والحضارية وجعلها بابا للنفاذ إلى أحشاء هويتنا من أجل تدميرها تدريجيا وجعلها "حصان طروادة" لاقتلاعها وإحراقها والقضاء عليها خطوة خطوة .
علينا الا نخلط بين "الإنفتاح على الآخر" و"البغاء التراثي والهويتي" الذي يبحثون من خلاله عن نزع جذورنا من أجل التحكم في الأجيال الصاعدة وجعلها "أمة إمعة"، تقاد كما تقاد قطعان الخرفان فيما عرف بلغة موليير moutons de Panurge.
بوضوح تام وكامل، عكس ما يحاول البعض الإيحاء به بسذاجة فكرية أوجهل مؤسف بأهداف الجيو- ستراتيجية لقوات اقتصادية ومالية وعسكرية مبنية على فكر كلي هيمني أو لحاجة في نفس يعقوب أي أولائك الذين يسخرون لحماية مصالح "مجموعات محددة وشخوص بعينها"... لقد دخلنا في عصر "صراع الحضارات" Lutte des civilisations من أجل بناء عالم مشيد على قيم وضعتها "مجموعة من الشخوص" المتوارين وراء هيئات ذات صبغة عالمية وبعد دولي، تسعى إلى تدبير الشأن العام العالمي في غياب تام ومطلق للقيم الأساسية والأخلاق الإنسانية الفطرية التي جبل عليها الإنسانية طبيعيا.
سي أحمد .. 
بالإضافة إلى كلامك القوي أعلاه ، هناك نقط ضعف على مستويين متكاملين، المستوى القيمي والمستوى التدبيري.
غياب الروح الوطنية والغيرة على ألأمة وابنائها وتاريخها المجيد، عند عدد من الأفراد والمجموعات من الساهرين على تدبير الشأن العام المحلي والجهوي والوطني في بلادنا ، يجعل التقدم الإقتصادي والنمو الإجتماعي بطيئين جدا عندنا ويزيد من فرضيات التخبط في اتخاذ القرارات الصائبة التي تعزز فرص النهوض بمجتمعنا إلى أعلى المستويات.
حينما كنت مدير مديريتي المساهمات المالية والصناعية والسياحية ثم القروض للمقاولات المتوسطة والصغرى بالبنك الوطني للإنماء الإقتصادي BNDE  بالرباط خلال 12 سنة، من سنة 1983 إلى سنة 1994، واجهت مجموعات جد قوية إداريا وماليا واقتصاديا داخل البنك وخارجه، مجموعات كانت تحاربني وتناهض دفاعي عن القيم الوطنية ، كان همها الوحيد هو السطو على أموال الدولة عبر قروض مزيفة ومشاريع وهمية واتخاذ قرارات مغشوشة لا علاقة لها بمصلحة الوطن، بل منافية لها.
 
كنت أسعى جاهدا إلى العمل على الدفع بالإستثمارات المنتجة في كافة أقاليم وجهات مملكتنا بالعمل يدا في يد مع أصدقاء لي كانوا يتحملون مسؤوليات سامية بالإدارة الترابية بوزارة الداخلية كالسادة: سي صالح زمراك عامل عمالة العيون بالساقية الحمراء بصحرائنا الغالية، وسي اسليمان حداد عامل أقليم شفشاون وسي حمودي بوحنانة عامل إقليم تاونات رحمهم الله جميعا وسي امحمد ضريف والي فاس.
 
كل المشاريع التي كنت أتوصل بها من عندهم وأضعها في المسار الإداري للبنك قصد الإستفادة من التمويل من أجل إنجاز المشاريع وخلق فرص الشغل وخلق قيمة اقتصادية مضافة، كانت تشطب بجرة قلم وتسحب من جداول التمويل.
 
ومن نتائج مواقفي الوطنية هاته التي كنت أتخذها، هي أنه تقرر تشطيبي من موقع المسؤولية بالبنك والدفع بي إلى النأي كليا عن دائرة الضوء آنذاك بالموازاة مع إيجاد وخلق حجج واهية لعرقلة مسيرتي حتى خارج المسيرة المهنية، بل سعت عدة جهات إلى تفخيخي عبر لقاءات مشبوهة ومواعيد مبثوثة وبرمجة شيطانية جهنمية.
 
لقد خطوا خطوات خطيرة غاية في الخطورة، أدمجوا فيها أشخاصا أصدقاء لهم يعملون ب "مصالح خارجة عن البنك" لها إمكانيات ووسائل ولوجيستيك تمكنهم من تفخيخ كل شخص حاول أو يحاول أن يفضحهم ويفضح ممارساتهم المشينة للمصلحة الوطنية العليا من أجل الإقاع به والزج به في هوامش قد يعاني منها ويقاسي فيما تبقى له من عمر. 
 
يفهم بوضوح أن ندائي بالقيم السامية والمصالح العليا لوطننا الغالي كان مجلب سخط لي وكان مصدر عدم رضى علي، من طرف هؤلاء المسؤولين الفاسدين سياسيا وأخلاقيا وتدبيريا.
 لماذا؟
لأن نموذجي هذا نموذج شخصية وطنية يهدد المستقبل المهني لهاته الشرذمة المتسلطة ، وأمثالها كانوا عديدين ، وهو نموذج يعاكس مصالح هاته العينة التي لا غيرة لها على وطنها وأمتها والتي لا يهمها إلا ان تحمي مصالحها الآنية وهي تعبث بالمصلحة العليا للأمة والوطن.
 
وبالتالي فمركز بناء الأمة بناء قويا منسجما مع قيمنا الدينية والحضارية والتاريخية والأخلاقية يبدأ بالإصلاح والتقويم لقطاعين أساسيين حيويين : التعليم والإعلام اللذان يهيئان إلى إصلاح القطاعات الإجتماعية والإقتصادية والمالية وغيرها.
دور التعليم دور أساسي وحيوي ومحوري تماما كما هو الشأن للسلطة الرابعة .
التعليم يكون ويؤطر والإعلام يوجه ويعلم .
 
أنا مع "الحداثة بمفهومها الوطني" القح الأصيل الحداثة التي تخطط للتقدم العلمي وتسطر لحماية "الهوية الوطنية" في إطار "العولمة المتكافئة" ، بمعني مناوئة لكل من يسعى لزعزعة التراث الوطني تحت يافطة "الحداثة المزيفة والعولمة المخربة" التي يحاول الفاسدون والخائنون لوطنهم دسها بين ثنايا نسيج التضامن الذي يعزز صفوف أمتنا الغالية.