الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

رشيد لبكر: ماذا يعني فتح القنصليات الأجنبية بالأقاليم الجنوبية

رشيد لبكر: ماذا يعني فتح  القنصليات الأجنبية بالأقاليم الجنوبية رشيد لبكر
من المعلوم، أن إقدام  دولة ما على فتح قنصلية لها بإقليم داخل دولة أخرى، أي بين الدولة الموفدة والدولة المقيم فيها بلغة العلاقات الدولية والقانون الدولي، ينطوي على دلالات كثيرة، منها تأكيد حسن العلاقات القائمة بين هاتين الدولتين، واعتراف الدولة الموفدة  للدولة المستقبلة بالسيادة الكاملة لهذه الأخيرة على الإقليم الذي ستستقر به هياكلها القنصلية قبل بداية ممارسة القنصل لمهامه، والتي تأتي على رأسها بالطبع، رعاية مصالح بلاده والسهر على ضمان حقوق رعاياها المقيمين بالإقليم المعني.

 في هذا الإطار، لا بأس من الإشارة، إلى أن مهام القناصلة في هذا الإطار، محددة بمقتضى اتفاقية دولية، وهي اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية  التي تمت المصادقة عليها سنة عام 1961، وكما هو معروف، فهي اتفاقية دولية تحدد الإجراءات والضوابط الخاصة بالعمل الدبلوماسي بين الدول، وتبين الحقوق والواجبات الخاصة بأفراد البعثات الدبلوماسية، أي أنها تحدد المسؤوليات التي  يلتزم القنصل بتنفيذها أثناء مزاولة مهامه، سواء لفائدة الدولة التي ينتمي إليها أو الدولة المستقبلة له.

وارتباطا بإبراز انعكاسات فتح العديد من الدول لقنصلياتها  بالأقاليم الجنوبية بالمملكة المغربية، نؤكد أن هذه المبادرات تنطوي بالفعل على أهمية كبرى جدا، اتساقا بطبيعة الحال مع روح اتفاقية فيينا، التي جاءت لتأكيد المبادئ المنصوص عليها في ميثاق هيئة الأمم المتحدة والخاصة بالمساواة في حق سيادة كل الدول وفي المحافظة على السلام والأمن الدوليين، وفي تنمية علاقات الصداقة بين الأمم وتحسين علاقات الصداقة بين البلدان مهما تباينت نظمها الدستورية والاجتماعية، ومن تم، فإن إقدام  الدول على فتح قنصلياتها بالأقاليم الجنوبية، فيه تأكيد على اعترافها بسيادة المغرب على هذه الأقاليم  واعتبار ذلك حقه الثابت من حقوقه الترابية، ومن جهة أخرى، فأهمية هذا " الفتح" القنصلي، تتجلى أيضا، من خلال منطوق المادة الثالثة من اتفافية فيينا السابق الإشارة إليها، والتي تحدد مهام البعثات الدبلوماسية  في تمثيل الدولة المعتمدة لدى الدولة المعتمد لديها، عبر  القيام بالعديد من المهام نجملها في الآتي: حماية مصالح الدولة المعتمدة وكذلك مصالح رعاياها لدى الدولة المعتمد لديها في الحدود المقررة في القانون الدولي، التفاوض مع حكومة الدولة المعتمد لديها، التعرف بكل الوسائل المشروعة على ظروف وتطور الأحداث في الدولة المعتمد لديها وعمل التقارير عن ذلك لحكومة الدول المعتمدة، تهيئة علاقات الصداقة وتنمية العلاقات الاقتصادية والثقافية والعلمية بين الدولة المعتمدة والدولة المعتمد لديها.

تخبرنا هذه المسؤوليات إذن بأن المغرب حقق خلال هذه السنة التي نودعها وحتى السنة التي ما قبلها، تقدما كبيرا في مسار كسب قضيتها الوطنية وإغلاق هذا الملف بشك نهائي، لأن تزايد عدد الدول التي ترغب في فتح قنصلياتها بكل من الداخلة أو العيون، هو تنفيذ عملي وواقعي، لما تنص عليها المادة 3 من اتفاقية فيينا، أي توسيع الاتصالات وزيادة التبادل الودي مع  المناطق الصحراوية والتعريف  بالإمكانات التنموية الواعدة التي تزخر بها  في مختلف المجالات، فضلا عن التعريف بفرص الاستثمار والتعاون التي تقدمها في مجالات الاقتصاد والتجارة والعلوم والتكنولوجيا والثقافة والتعليم وغيرها، وغير خاف، أن تشبيك العلاقات والمصالح وتبادل المنافع والمكتسبات سيشكل عاملا حاسما في ضمان التأييد الدائم لموقف المغرب، إلى جانب أن التقارير التي سينجزها هؤلاء القناصلة، حول الوضع الاجتماعي بهذه المناطق والتقدم المسجل في مجال حقوق الإنسان والبنيات التحتية وتنمية المنطقة على مختلف الأصعدة، ستكون كافية لدحض مزاعم الخصوم  والترويج للصورة الحقيقية حول الواقع المتنامي الذي تعيشه هذه المناطق والثقة التي باتت تحظى به من طرف المستثمرين بفضل وما تزخر بها من مشاريع وتستقبله من استثمارات وتنعم به من أمن واستقرار، بعيدا عن الدعاية المضللة  والبروباكاندا والمظلومية الخداعة وغيرها من أساليب الكذب والافتراء التي يروج لها أعداء وحدتنا الترابية.