الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

كمال السعيدي:القائد الركراكي .. 

كمال السعيدي:القائد الركراكي ..  الدكتور كمال السعيدي
في الوقت الذي كان أكبر همنا كمغاربة أن ينتصر المنتخب الوطني في كل مباراة ويحقق إنجازات يذكرها التاريخ .. كنت أركز كذلك على شخص وليد الركراكي الذي اكتشفته واكتشفت فيه أشياء لم أكن أعرفها فيه .. 
نعم اكتشفت فيه المدرب الممتاز واكتشفت فيه كذلك مواصفات القائد الحقيقي .. اكتشفت أنه يمتلك فوق خبراته في التدريب، رؤية للمستقبل وقدرات تواصلية وتدبيرية جيدة للغاية .. وقدرة على إدارة فريقه وخلق الإنسجام في صفوفه لدفعه إلى الإقتراب ما أمكن من القمة أو بلوغها حتى .. واكتشفت أنه رجل هادئ، صبور ورحب الصدر .. يتقبل النقد ولا يرد على الإساءة بجنسها .. 
بعد كل انتصار كان وليد الركراكي يخرج في ندواته التواصلية ليس للتباهي بذاته أو بإمكانياته أو لينسب النجاح لنفسه رغم أن له دور كبير فيه .. ولكن ليحفز لاعبيه على المزيد من العطاء وهو ينسب لهم النجاح ..  
كان يخرج ليدافع عن كل واحد منهم سواء كان جيد الأداء أو أنه لم يكن في يومه، تشعر أنه لا يريد للإحباط والفشل أن يتسللا إلى أي منهم .. ذلك لأنه كان يثق فيهم ويثقون فيه .. 
لم يقل أبدا أنه بدل مجهوات جبارة من جهته لتحقيق نتائج أفضل لكن فلان أو علان من فريقه هو من خدله أو تسبب في فشل مهته .. لقد تحمل مسؤولية اختياراته ودافع عنها بشجاعة إلى آخر محطة .. 
كان قريبا من اللاعبين يشعرهم أنه صديق وشريك .. لم يمارس على أحدهم أبوية فجة ولا تعالي القيادة بل ظل متواضعا .. لذلك رفعه اللاعبون فوق رؤوسهم وتلاعبوا بجسده مثل الكرة وهو وهم في منتهى السعادة .. ذلك لأنه كان يريد منهم أن ينخرطوا بكل جوارحهم في مشروع وطني وحلم جماعي ..  
القائد الذي يعتبر نفسه صاحب سلطة ويريد أن يمارسها على فريقه لا يصلح للقيادة أصلا ولا هو يعرف ميكانيزمات العمل الجماعي .. 
حين يجتمع ثلاثة أو أربعة أشخاص مثلا ويعقدون العزم على السفر سويا على مثن سيارة استأجروها للغرض، فهم يدركون بالبداهة أن واحد منهم فقط هو من سيقود السيارة .. فيختارون أفضلهم للمهمة .. مهمة قيادة السيارة .. لكن ذلك لا يعني أنه أفضلهم في كل شيء ولا أنهم سينقادون له طيلة الرحلة .. ولا أنه صاحب فضل عليهم .. 
النجاح الجماعي هو ثمرة عمل جماعي وتوزيع جيد للأدوار  والمسؤوليات .. خلف ذلك الأداء الجيد للمنتخب كان هناك عمل فريق آخر بعضه لا يعرفه أحد وقد لا يدخل الملاعب .. هناك دور للمدرب ولطبيب الفريق وللمكلف بالتمارين وبالإعداد البدني وللمكلف بالتغدية ولباقي المسؤولين الإداريين وغيرهم .. وهناك دور كبير كذلك للجمهور الذي احتضن الفريق الوطني وصرخ باسم رموزه ورفع أعلامه وردد شعاراته .. 
فهمت من تجربة المنتخب الوطني أن النجاح الحقيقي هو النجاح الجماعي .. وإذا كان كل عمل جماعي يحتاج إلى قائد وإلى فريق .. فلا بد للقائد أن يحب فريقه وأن يحبه فريقه .. لابد لهما معا من أجواء الثقة والانسجام وحفظ الكرامة .. 
القائد المتعجرف أو المتسلط لا يصلح للقيادة .. 
لأن الفضاضة حاجز غالبا ما يدفع أعضاء الفريق إلى الإبتعاد عن القائد نفسيا على الأقل .. 
يقول تعالى مخاطبا نبيه الكريم وهو قائد كبير كذلك  :
"ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك " .