السبت 20 إبريل 2024
مجتمع

مهاجرون أفارقة: لهذه الأسباب اخترنا الاستقرار في المغرب

مهاجرون أفارقة: لهذه الأسباب اخترنا الاستقرار في المغرب المغرب أوقف منذ 2017 إلى نهاية 2021 ما يفوق  360 ألف محاولة للهجرة غير النظامية
انتقل المغرب من بلد مصدر للهجرة إلى مستقبل ومحتضن لها، في معادلة صعبة وامتحان عسير، وسار اليوم مستقرا لهؤلاء المهاجرين من دول جنوب الصحراء وغيرهم. هذا التوجه يعضده كل حملته دعوات الملك محمد السادس، الذي تم اختياره رائدا في الاهتمام الملكي بالهجرة والمهاجرين الأفارقة لا تخطئه العين، ضمن قضايا الهجرة بأفريقيا من قبل الاتحاد الافريقي. الخطاب الملكي  بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء بتاريخ 06 نونبر 2013، إلى الرسالة الملكية الموجهة إلى القمة ال 27 للاتحاد الإفريقي التي انعقدت بالعاصمة الرواندية كيغالي بتاريخ 17 يوليوز 2016، ثم الخطاب الملكي الملقى بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب بتاريخ 20 غشت 2016، للعناية بهاته الفئة من المهاجرين باعتماد سياسة جديدة متعدّدة الأبعاد اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، وبعدما طرح موضوع الهجرة واللجوء داخل المغرب بجرأة من خلال التقرير الموضوعاتي الذي رفعه المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى الملك حول وضعية المهاجرين واللاجئين بالمغرب.

وأمام هذا الوضع، سارع المغرب لنهج خطة سياسية واستراتيجية جديدة لتمركز قوي في أفريقيا،  وسط حاجته للتضامن مع الدول الافريقية، كما فعل في مشاريع اقتصادية واجتماعية وإنسانية، وحاجته إلى فك كل ألغاز العملية الأمنية في إطار نهجه الإستباقي، ومراعاة لالتزاماته بمقتضى القانون الدولي، وتقديره للجانب الإنساني والتضامني، فقد أقر بوجود أعداد من المهاجرين جنوب الصّحراء فوق ترابه يقدرون بالآلاف، وأعلن منذ 2014 عن نهجه سياسة استثنائية في ميدان الهجرة، بفتح الباب لتسوية الوضعية الإدارية للمهاجرين فوق ترابه، والتي مكنت من حصاد تمت بموجبه تسوية وضعية أكثر من 70 ألف مهاجر على أراضيه.

وبقدر ما أمن المغرب حدوده، فإنه بالمقابل أرسى لبنات سياسة تضامنية في استقبال المهاجرين، من جنوب الصحراء وفق مقاربة انسانية مندمجة تصون حقوقهم وتحفظ كرامتهم، وسعا إلى تأمين نجاعة عملية تسوية وضعية المهاجرين، التي قام بها المغرب، وفق معايير معقولة ومنصفة وتوفير الظروف الملائمة لهم للإقامة والعمل والعيش الكريم داخل المجتمع.

ولم يكتف بهذا فقط، بل سارع إلى تبني مقاربة تتأسس على المعالجة الشمولية لقضايا الهجرة، التي لا تنحصر في الجانب الأمني فحسب، بل تشمل  معالجة دوافعها الاقتصادية والاجتماعية بالدول المصدرة لها، سواء من خلال استثمارات في تلك البلدان أو إدماج المهاجرين المتدفقين على التراب المغربي بتدرج، بخلاف ما  تفعله بعض بلدان أوروبا حيث أنها لا تساير التدفّقات الهجروية، الافريقية على وجه الخصوص، بوجوب الكف عن نهب ثرواتها وعدم دعم الحكومات والأنظمة المتسلطة، مما يضطر الآلاف من الأشخاص للهجرة قسرا  والفرار بحياتهم من بلدانهم، إما بسبب الجوع أو الحرب أو الأوبئة أو الهشاشة بحثا عن لقمة العيش في بلاد المغرب.

وتواصل اهتمام المغرب بهذه القضية، وبشكل أكبر، من خلال إرساء "المرصد الافريقي للهجرة" في عام 2018 (مقره بالرباط)، بعد عودة المغرب للاتحاد الافريقي، بمبادرة من الملك محمد السادس، ليكرّس المغرب أهمية استراتيجية مبادرة "التحالف الإفريقي للهجرة والتنمية"، وهي مبادرة تقوم على منظور إفريقي مشترك، وعلى مبادئ إنسانية لقضايا الهجرة، وعلى المسؤولية المشتركة، بين دول المصدر والعبور والاستقبال، وكذا على الترابط الوثيق بين الهجرة والتنمية، بما يغير من نظرتنا  تجاه الهجرة، والتعاطي معها ليس كإكراه أو تهديد بل كمصدر قوة إيجابية.

هذا التّوجه، الذي استرشد بالتوجيهات الملكية، تعزّز أكثر بجعل الهجرة رافعة للتنمية، عبر "تبني مقاربة شاملة تربط بين الحقّ في التنمية والهجرة، وتساهم في ترسيخ منظور مغاير للهجرة باعتبارها فرصة للتنوع والغنى البشري والاقتصادي والثقافي والاجتماعي، وليس معضلة وخللا متعدد الأبعاد والتداعيات. وهو ما يعضده بلورة  رؤية واستراتيجية دقيقة للتعاطي مع الوضع الإقتصادي والإجتماعي والحقوقي والثقافي، وكذا إطار دولي للتعاون يقوم على شراكة استراتيجية إقليمية من أجل صياغة حلول مستدامة تحقّق التنمية الشاملة لبلدان المنشأ، وتساهم في بناء قدرات المغرب، وتضمن الرفع من المساعدات المقدمة من دول الشمال إلى دول الجنوب، خاصة وأن المغرب أوقف منذ 2017 إلى نهاية 2021 ما يفوق  360 ألف محاولة للهجرة غير النظامية، مع ما يستلزم ذلك من تعبئة موارد مالية ومادية ولوجستيكية ضخمة.
 
تفاصيل أوفى في العدد الجديد من أسبوعية "الوطن الآن"
رابط العدد هنا