الخميس 28 مارس 2024
فن وثقافة

الباحث احميدة يستعرض صفحات من تاريخ مجالس الادب في المغرب (1/2)

الباحث احميدة يستعرض صفحات من تاريخ مجالس الادب في المغرب (1/2) الاستاذ الباحث الدكتور محمد احميدة
خصص الزميل عبد الإله التهاني الحلقة المنصرمة من برنامجه الثقافي "مدارات "، للحديث عن مجالس وأندية الأدب في المغرب، حيث استضاف الدارس الأدبي والباحث الأكاديمي  الدكتور محمد احميدة، واصفا إياه في ورقته التقديمية لهذه الحلقة، بأنه " ظل يخص موضوع الأندية والمجالس الأدبية في المغرب، بجهد متواصل من البحث والتوثيق والترجمة لأعلام هذه الأندية عموما"، مع تركيز على تاريخ وسيرة أكبر ناد أدبي، عرفته الساحة الثقافية والعلمية في المغرب، ممثلا بالنادي الجراري، الذي أسسه العلامة والمؤرخ والناقد الأدبي المرحوم عبد الله الجراري، وترأسه لعقود طويلة من الزمن، قبل أن يخلفه في رئاسته نجله العلامة والأديب والمفكر الدكتور "عباس الجراري"، عميد الدراسات الأدبية بالمغرب.

وأضاف معد ومقدم البرنامج، بأن الاستاذ محمد احميدة "يمتلك حاسة نقدية دقيقة ورؤية جمالية ثاقبة وثقافة أدبية واسعة، وأنه من الشخصيات العلمية المرموقة في الساحة الثقافية المغربية، كدارس وباحث متميز في قضايا الأدب والفكر واللغة، وكقلم منتج باستمرار في مجال التوثيق لموروثنا الادبي المغربي"، مؤكدا أنه ظل " يزاوج بين مهامه كأستاذ جامعي، وبين شغفه المستمر بالبحث والتنقيب والكتابة، فضلا عن توليه مسؤوليات ثقافية وعليمة رفيعة من بينها، إضطلاعه سابقا بمهام مدير مجلة "المناهل"، التي تصدرها وزارة الثقافة المغربية".

واستعرض عناوين من مؤلفاته الصادرة، من قبيل: (من الأدب المغربي على عهد الحماية محمد بوجندار الكاتب والشاعر / الكتابة الإصلاحية بالمغرب خلال القرن التاسع عشر: قضاياها وخصائصها الفنية/ من تاريخ الأندية الأدبية في المغرب: النادي الجراري بالرباط لمؤسسه العلامة عبد الله الجراري / حركية النادي الجراري خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين/ دراسات في الأدب العربي بالمغرب الحديث، وهو كتاب من جزأين/ محمد بن الحسين: الشاعر الذي أحب وطنه، وهو كتاب مشترك مع الأستاذ محمد لومة/ شعراء النادي الجراري: الشاعر والنص، وهو  كتاب يقع في 822 )،  فضلا عن إشرافه على تنسيق وإعداد كتب، ظهرت بتأليف جماعي، في قضايا وموضوعات مختلفة.
 
■ المجالس والاندية الأدبية ظاهرة مشتركة بين الثقافات الانسانية: 
وفي حديثه عن ظاهرة الأندية والمجالس الأدبية بالمغرب، اعتبرها الدكتور محمد احميدة، أنها " مظهر حضاري،  ووجه يبرز المكانة التي تحتلها الثقافة في مجتمع ما ، وأننا نجدها في بلاد المشرق العربي كما في المغرب، وكذا في البلدان  الغربية، فيما يعرف بالصالونات الأدبية"، مستعرضا بعض المجالس الشهيرة في بلاد الأندلس مثلا، من أشهرها النادي الأدبي للشاعرة ولادة بنت المستكفي في مدينة قرطبة، مرورا بأندية الفترة الحديثة بالمشرق العربي، كمجلس المفكر والأديب عباس محمود العقاد، ونادي المحقق المعروف شاكر محمود، ومجلس مي زيادة.
 
■ مجالس المغرب خلال الفترة الحديثة: 
وأوضح المتحدث أنه خلال الفترة الحديثة، عرف المغرب أندية أدبية في عدد من مدنه، كالنادي الجندري في بداية القرن العشرين، وهو نادي لواحد من كبار أدباء المغرب هو المؤرخ والأديب محمد بوجندار، ونادي محمد دينية، ونادي محمد بن أحمد بن عبد الله، ونادي الشاعر أحمد الزبدي ثم نادي العلامة عبد الجراري بمدينة الرباط أيضا.

كما أشار الأستاذ محمد احميدة أندية أدبية أخرى، من قبيل  نادي المؤرخ والفقيه الاديب أحمد بن خالد الناصري، ونادي الطيب عواد، وكلاهما في مدينة سلا، ونجد نادي المدرسة الإلغية بسوس، والمجالس التي كانت تقام في المدارس العتيقة هناك، إضافة إلى نادي الأستاذ عبد الله إبراهيم، ونادي الشاعر عبد القادر حسن، وكلاهما كانا في مراكش، علاوة على  نادي خالد الريسوني في مدينة العراءش، ونادي عبد السلام بن ريسون، ونادي عبد السلام بنونة بتطوان، ونادي المؤرخ عبد الرحمان بن زيدان في مكناس، ونادي مولاي إدريس بن عبد الهادي العلوي ونادي العلامة عبد السلام بن سودة بمدينة فاس، مبرزا أن نفس الظاهرة كانت في صحرائنا المغربية، التي كانت مليئة بهذه المجالس، حيث ذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، مجلس الشيخ أحمد الهيبة، ومجلس الشيخ مربيه ربو، ومثل هذا في مدن مغربية أخرى.
 
■ النادي الادبي للعلامة المرحوم  عبد الله الجراري:
وتعريفا بالنادي الأدبي الجراري لمؤسسه العلامة المرحوم عبد الله الجراري، اعتبر الأستاذ محمد حميدة أنه أقدم نادي أدبي في المغرب، كتب له الاستمرار إلى يومنا هذا، حيث تأسس سنة 1930، في سياق أحداث الظهير البربري، حيث كان العلامة عبد الله الجراري، من أبرز من تصدوا لذلك الظهير، الذي كان يستهدف تقسيم المجتمع المغربي، حيث ألقي عليه القبض وسجن بسبب موقفه ذاك.
وروى  ضيف البرنامج  كيف أن  أصدقاء العلامة الأديب عبدالله الجراري  من العلماء والأدباء، بدأوا  يترددون على بيته لتهنئته بخروجه من السجن، فلما كثر المترددون خصص لهم يوما، هو يوم الجمعة لاستقبالهم، ومن هنا حسب روايته، انطلق النادي من تجمع لتهنئته، إلى محفل يجتمع فيه العلماء والأدباء من أصدقاء العلامة عبد الله الجراري، فكان التأسيس سنة 1930 لنادي عبد الله الجراري .
وتعريفا بشخصية العلامة الأديب والمحقق والمؤرخ عبد الجراري، وصفه  الأستاذ محمد احميدة  بأنه عالم مشارك، وله كتابات في مجالات معرفية متعددة، حيث كتب في التاريخ، وفي الفقه والتفسير، وفي فن المقالة ، كما كتب أيضا في السيرة الذاتية، وفي فن المسرح، حيث ألف مسرحية سنة 1928، بعنوان (تحت راية العلم والجهاد)، إضافة إلى ما كتبه كذلك عن فن الموسيقى وفي الشأن التربوي، باعتبار أنه خاض في حقل التربية والتدريس .كما زاول  مهام  التفتيش في المعهد المولوي بالرباط ، بتكليف من  المغفور له الملك محمد الخامس. 
وأوضح الدكتور احميدة بأن تراث المرحوم عبدالله الجراري، شكل رصيدا معرفيا سمح للباحثين الجامعيين فيما بعد، 
أن يؤسسوا على أعماله أبحاثا جامعية.
وفي هذا السياق، ذكر بأن هناك دارسين أنجزوا عن إنتاجه، رساءل  لنيل ديبلوم الدراسات العليا في الأداب، أو أطروحات لنيل دكتوراه الدولة، من خلال الانكباب على دراسة الإنتاج العلمي الذي خلفه هذا العالم الكبير ( يتبع ...)