السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

صافي الدين البدالي: ظاهرة الساعات الإضافية عنوان فشل المنظومة التعليمية

صافي الدين البدالي: ظاهرة الساعات الإضافية عنوان فشل المنظومة التعليمية صافي الدين البدالي
أصبحنا نعيش منذ سنوات ظاهرة الساعات الإضافية المؤدى عنها، يقدمها أساتذة في التعليم العمومي وحتى في التعليم  الخصوصي في مقامات متعددة، بل حتى في المقاهي أوفي مدارس خصوصية او مدارس تعليم الحلاقة اوالتمريض ،بمعنى أن هناك أبوابا مفتوحة على مصراعيها للريع والكسب السريع على حساب الأسر و على حساب راحة التلاميذ. ولقد سبق لوزير التعليم الراحل محمد الوفا أن تصدى لهذه الظاهرة بعد أن وقف على مساوئها بنفسه. وتحولت عملية الساعات الإضافية بعده تقدم في السر،حيث يتعاقد التلميذ والأستاذ حول المكان الذي يكون خارج عيون المراقبين.
 فلماذا هذا التهافت على الساعات الإضافية ؟هل ذلك راجع إلى ضعف التلميذ ؟ أم راجع الى مضامين المراجع  والمناهج الدراسية المعتمدة في جميع الأسلاك ؟ أم راجع إلى الأستاذ الذي يبحث عن كل السبل غير التربوية من أجل الربح ؟ إنها اسئلة فرضتها ظاهرة الساعات الإضافية المؤدى عنها والتي أصبحت تسيء إلى سمعة الأستاذ وإلى  القطاع التعليمي بشكل عام بل حتى التعليم الخصوصي!؟  .
إن الإجابة على هذه الأسئلة  تتطلب منا استحضار قواعد المنظومة التعليمية ومدى  ملاءمتها مع واقع المنظومة التعليمية في بلادنا.علما بأن كل منظومة تعليمية تنبني على المكونات التالية : 
1 - التلميذ وهو مركز الإهتمام، 
 2- الأستاذ حامل  المشروع التربوي،      
3- المنهاج الدراسي، 
4 -الأسرة والمحيط  الإجتماعي والثقافي .
 وكل مكون من هذه المكونات له علاقة جدلية  بالمكونات الأخرى ،فإذا فسد  واحد منها فسدت المنظومة ككل، وإذا كان هناك تفاعل إيجابي بين كل المكونات صلحت المنظومة وتحققت الأهداف المرجوة. فالمغرب لمةيستطع تحقيق هذه المعادلة المتعلقة بالمنظومة التربوية للأسباب التالية:
 
أولا: لأنه لم يجعل من  التلميذ مركز اهتمام في المنظومة وذلك رغم ما قام به من اصلاحات تعليميَّة متتالية على مسّتوى  المناهج والبرامجَ وطرائقَ التدريس وعلى مستوى التقويم، ولم يستطع تحقيق رتب متقدمة عالميا. وظلَّ يُراوح مكانَه في مؤخرة الترتيب بين مصافِّ الدول المتأخرة. لأن التلميذ ظل عنصرا خارج المنظومة و في وضعية المتلقي وليس كعنصر مشارك من أجل بناء واكتساب المعارف وتقوية  قدراته العقلية والفكرية. بل يجد نفسه تحت وطأة برامج ذات حملات خارج اهتماماته وطموحاته الفكرية والعقلية . بل يجدها غريبة عن محيطه الإجتماعي والثقافي،  مما يجعله يصبح عاجزا عن التعلم الذاتي وعن الإكتشاف وإعادة الإكتشاف وعن الإستدلال والتحليل  العلمي واستعمال المنطق في حياته اليومية وفي علاقته مع المحيط ويصبح في حاجة الى دعم خارجي الذي يتجلى في الساعات المؤدى عنها لعله يتدارك النواقص التي راكمها في المؤسسة التعليمية العمومية أو الخصوصية. إن اعتبار الطفل خارج مركز اهتمام العملية التعليمية/ التعلمية من الدوافع التي فرضت عليه الساعات المؤدى عنها والتي لا تجعله مفكرا أو مبدعا بل ناسخا للدروس و تجعله يتمرن عل الإختبارات الإفتراضية؛ و على انجاز تمارين لعله يصادفها أو مثلها في الإختبارات المراد اجتيازها .هذه واحدة من أسباب فشل المنظومة التعليمية في بلادنا.
 
ثانيا :بالنسبة للأستاذ حامل المشروع التربوي، فإنه أصبح حبيس مضامين  لخدمة أهداف سياسيَّة وأيديولوجيَّة.ورهين  توجيهات وتعليمات لا تساعده على تجاوز ما هو وارد في الكتاب المدرسي بالإضافة إلى عدم توفير الوسائط الديداكتيكية التي هي رافعة أساسية لإنجاح المنظومة التعليمية، لتحقيق الأهداف التعليمية التعلمية وبناء الكفايات لدى المتعلم.  
ثالثا: إن معضلة التكوين الأساسي للأستاذ والتكوين المستمر ظلت من زمن بعيد تشوبها عدة نواقص و اختلالات مما حول الأستاذ الى ملقن كرها ،وليس إلى منشط تربوي ومبدع ومؤلف .اما بالنسبة  لمحتوى البرامج فإنها تتغذى من نقل التجارب الفاشلة في دول أجنبية (فرنسا، بلجيكا) ومن  الإستيلاب الفكري وليس من الإبداع الوطني العلمي،ذلك الإبداع الذي يحرص على الهوية وعلى الموروث  الثقافي ويساعد الطفل على المبادرة والمشاركة الفعلية في بناء المفاهيم وعلى الإكتشاف واستثمار المكتسبات في وضعيات مختلفة علمية أو ثقافية او فنية أورياضية .
رابعا: إن الطفل/ التلميذ يعيش تناقضا بين ما تقدمه المدرسة وما هو واقع على مستوى الأسرة والمحيط . وهنا يفقد الطفل توازنه المعرفي والفكري والثقافي ويصبح يعيش الإستيلاب و الأشياء الجاهزة فيصاب بالملل وبالكسل وبالتمرد على الذات وعلى المدرسة.
ذلك هو واقع المنظومة التربوية في علاقتها مع   الساعات المؤدى عنها.