يظل نقل جثامين المغاربة الذين قضوا نحبهم بالخارج من أهم المشاكل التي تعترض التمثيليات الدبلوماسية والمراكز القنصلية المغربية. غير أن الأهم من ذلك هو المصيبة التي تتحول إلى مصيبتين حين يواجه أهل الميت حرقة الفراق، ثم حرقة "أداء تكاليف" نقل الجثمان إلى المغرب التي تختلف من دولة إلى أخرى، والتي قد تصل في الدول الأوربية إلى 5 آلاف أورو، فيما يمكنها أن تصل إلى أكثر من 11 ألف دولار بالنسبة لدول أمريكا الشمالية والجنوبية.
وإذا كانت مؤسسة "البنك الشّعبي" قد أحدثت شركة "مغرب أنجاد" للتخفيف من أحمال الموت على أهل المتوفين المغتربين، ولتأمين نقل الجثامين إلى الوطن الأم، فإن مجموعة من الأصوات المغربية بالمهجر ترتفع من أجل مناشدة الشركة الأم (المؤسسة المالية) من أجل تخفيض التكاليف التي يمكنها أن تتضاعف في بعض الحالات لتصل إلى حوالي 15000 يورو؛ وهي التكاليف التي أرغمت مجموعة من العائلات على دفن أمواتها في دول الاستقبال، ذلك أن تكلفة الدّفن بالخارج تظل، في كل الأحوال، أقل ثقلا من الدفن في البلد الأصل. ومن النماذج الصارخة حالة أسرة [بوجيدا] التي طولبت بدفع مبلغ غير واقعيّ وغير معقول، لإتمام دّفن الأم في المقبرة الإسلامية بالعاصمة كوبنهاجن، علما أنّ المتوفّاة استمرّت في دفع مساهمتها لشركة تأمين "مغرب أنجاد" ما يزيد عن أربعين سنة؛ وهو ما يطرح هذا السؤال العريض: (ما هي وظيفة "أنجاد" بالخارج.. إكرام الميت أم "ترييش" أهله؟):
عن هذه الحالة يتحدث محمد هرار (المقيم في الدنمارك) والذي ننقله لقراء "أنفاس بريس":
لم يكن النّاس في السّابق يدفعون أموالا لدفن موتاهم. فقد كانت المقابر وقفا عُرفيّا ذا حرمة لا تحوم حولها شبهات الاستثمار، ثمّ بات الدّفن مجالا للاستثمار تُخصِّص له البنوكُ والشركات المالية؛ هيئاتٍ خصوصيّةٍ، تتابعه وتقف على مجرياته في الداخل والخارج.
وقد بادر البنك الشّعبي المغربي مشكورا، منذ عقود إلى توظيف شركة التّأمين "مغرب أنجاد" للوقوف على تأمين هذا الجانب المهمّ في حياة مغاربة العالم، خصوصا وحياة النّاس عموما. وقد كان يُنتَظَر، والمغرب بلد مسلم متمسّك بسنّة نبيّه الحبيب صلّى الله عليه وسلّم، أن تتّبع "أنجاد" أعراف أهلها المسلمين وتُقدّر حالة المتوفَّى عنهم عائلُهم أو كبيرُهم أو حتّى صغيرهم. فلا تجمع عليهم مُصيبة الموت، ومُصيبة المال في آن واحد. فإنّ في ديننا وأعرافنا دعوةً إلى الوقوف مع أهل الميّت والتّخفيف عنهم، ليس بالمواساة والعزاء فحسب، ولكن - وهو الأهمّ – بالوقوف إلى جانبهم؛ كتحضير الطّعام وغيره، ممّا يستوجب الاهتمام به في وقت يقلّ فيه عادة اهتمام أهل الميّت بما عدى ميّتهم.
أحسب أنّ هدف البنك الشّعبي من تكليف شركة التأمين "مغرب أنجاد" إنّما هو الوقوف على هذه الجوانب ومساعدة المغاربة، ولا سيّما منهم المقيمين بالخارج في مصائب الموت، وأحسب أنّه كان على الشّركة، وقد أحسنت اختيار اسمها أن تُؤازر المغاربة وتنجدهم، ولا تراهم مجرّد باب من أبواب الاستثمار المخلّ بما انتُدبت له، والمخلّ أيضا باسمها "أنجاد أو إنجاد.
"
معلوم أنّ "مغرب أنجاد" قد دأبت على التّكفّل بنقل الميّت المتوفّى خارج المغرب إلى وطنه الأم، وإتمام عمليّة دفنه. وهي عمليّة تُكلّفها كثيرًا من المال، حوالي 15000 يورو، كما تواترت عليه بعض الرّوايات، وكان عليها أن تكون سعيدة إذا ما خُفِّض هذا المبلغ بأيّ سبب من الأسباب. وإنّ من أسبابه عدم رغبة أهل الميّت في نقل ميّتهم إلى المغرب، وإقباره حيث تُوُفِّيَ، مراعاة لحالات أفراد العائلة، الذين يفضّلون وجوده في مقابر الجوار التي منّ الله تعالى بها على المسلمين كوقف خاصّ بالمسلمين في بلاد الاحتضان؛ إذ ليس تكلفة الدّفن بالخارج كتكلفته بالنّقل إلى داخل البلاد. وقد كانت تكفيها المبالغ التي دفعها الميّت في حياته إليها؛ فإنّ منها ما يتجاوز التّكلفة بكثير. غير أنّها ومع ذلك فاجأت ولا زالت تُفاجئ العائلات المغربية المقيمة في الديار الدنماركية. حديثا ومنذ أسبوع فقط، فقدت أسرة [بوجيدا] أمّها رحمها الله تعالى وأكرم مثواها، بطلب مبلغ غير واقعيّ وغير معقول، قيل لهم لتُكمّل به تكلفة الدّفن في المقبرة الإسلامية بالعاصمة كوبنهاجن، علما وأنّ الحاجّة المتوفّاة قد استمرّت تدفع لشركة تأمين "مغرب أنجاد" ما يزيد عن أربعين سنة.
معلوم أنّ "مغرب أنجاد" قد دأبت على التّكفّل بنقل الميّت المتوفّى خارج المغرب إلى وطنه الأم، وإتمام عمليّة دفنه. وهي عمليّة تُكلّفها كثيرًا من المال، حوالي 15000 يورو، كما تواترت عليه بعض الرّوايات، وكان عليها أن تكون سعيدة إذا ما خُفِّض هذا المبلغ بأيّ سبب من الأسباب. وإنّ من أسبابه عدم رغبة أهل الميّت في نقل ميّتهم إلى المغرب، وإقباره حيث تُوُفِّيَ، مراعاة لحالات أفراد العائلة، الذين يفضّلون وجوده في مقابر الجوار التي منّ الله تعالى بها على المسلمين كوقف خاصّ بالمسلمين في بلاد الاحتضان؛ إذ ليس تكلفة الدّفن بالخارج كتكلفته بالنّقل إلى داخل البلاد. وقد كانت تكفيها المبالغ التي دفعها الميّت في حياته إليها؛ فإنّ منها ما يتجاوز التّكلفة بكثير. غير أنّها ومع ذلك فاجأت ولا زالت تُفاجئ العائلات المغربية المقيمة في الديار الدنماركية. حديثا ومنذ أسبوع فقط، فقدت أسرة [بوجيدا] أمّها رحمها الله تعالى وأكرم مثواها، بطلب مبلغ غير واقعيّ وغير معقول، قيل لهم لتُكمّل به تكلفة الدّفن في المقبرة الإسلامية بالعاصمة كوبنهاجن، علما وأنّ الحاجّة المتوفّاة قد استمرّت تدفع لشركة تأمين "مغرب أنجاد" ما يزيد عن أربعين سنة.
تقول الأحداث أنّ الأمّ رحمها الله تعالى قد أوصت بتسريع دفنها في المقبرة الإسلاميّة في الدّنمارك، وأنّه بعد معاناة واتّصالات ومشاورات ماراتونيّة بالتّعاون مع الوكالة الممثّلة للبنك في العاصمة كوبنهاجن، طالبت شركة التّأمين التّابعة للبنك الشّعبيّ أنجاد"، أهل الفقيدة، بدفع مبلغ إضافيّ على المبلغ الذي كانت دفعته المرحومة طيلة أربعين سنة، يقدّر بحوالي 1500 يورو، لإتمام عمليّة الدّفن تنفيذا للوصيّة. وهو ما جعل العائلة تشهد كثيرا من العنت والضّيق غير اللّائقين بمغرب تواصى أهله المسلمون بالتّضامن والتّعاون مع المسلمين، لا سيّما زمن المصائب والملمّات. علما وأنّ المبلغ الإجمليّ لتكلفة الدّفن لا يتجاوز 5000 يورو، أي تقريبا ثلث التّكلفة المترتّبة على التّرحيل من الدنمارك والدّفن بالمغرب، فأين العقل وأين المنطق يا سادة؟!.
إنّنا من هذا المنبر، نُناشد المسؤولين في البنك الشّعبي؛ كي يراجعوا مشكورين، مع شركة "مغرب أنجاد" التّابعة للمؤسسة الماليّة، هذه المسائل دون أن يفقدوا من النّظر، أنّهم مسلمون يتعاملون مع مسلمين مغاربة، يبذلون الجهود اللّازمة للمساهمة فيما يُنعش المغرب ويطوّره، ولم يبخلوا يوما، وفي عز الأزمات عن دعم بلدهم بما يملكون. ودون أن يغفلوا كذلك عن أمر قد يُخجلهم، مفاده أنّ أناسا من المغرب العربيّ نفسه ينقلون موتاهم ويدفنونهم إذا ماتوا على نفقة بلادهم كاملة، دون الحاجة إلى تأمين من جهات معينة.
اجعلوا الموت فرصة للتآزر والتّراحم، ولا تجعلوه فرصة للاستثمار، فإنّ أبشع الاستثمار ما كان في الموت، والموت لا يختار.