الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

عبد المنعم خنفري: هل هي بداية تصاعد أحزاب اليمين المتطرف بأوروبا؟

عبد المنعم خنفري: هل هي بداية تصاعد أحزاب اليمين المتطرف بأوروبا؟ عبد المنعم خنفري
بداية كانت لأحزاب اليمين المتطرف سنوات الأربعينيات من القرن الماضي حزب العمال القومي الاشتراكي بقيادة أدولف هتلر بألمانيا وحليفه التقليدي في إيطاليا إبان تلك المرحلة الحزب الوطني الفاشي بزعامة بينيتو موسوليني، مرحلة عرفت تصاعد المد النازي والفاشي لأحزاب عرفت كما كبيرا من التطرف و الميل لأقصى اليمين، لكن وبنهاية الحرب العالمية الثانية والانتحار أو الاندحار كما يحلو لقرائنا الكرام تسمية هذا الأمر، الذي عرفته هذه الأخيرة تراجع هذا الفكر مع احتفاظ بعض المواليين له والمتشبعين به بأبجدياته بتلقينها لجيل بعد جيل ويتجلى هذا في جدلية تطرح نفسها في سؤال التميز لهاته الأخيرة.
 بحسب الخبراء هناك أربعة أسباب رئيسة وراء سعي أحزاب اليمين المتطرف لتصنيف نفسها خارج جل التيارات وهي: 
جوهر العقيدة الفكرية لهذه الأحزاب، التي ترى في كلا الاتجاهات خصما سياسيا يجب عدم الوثوق به والتحالف معه.
سياسات اليمين المتطرف والقراءة الأُحادية للعالم، التي لا ترى في التمييز بين (اليمين واليسار) أي شرعية أو إضافة سياسية أو أي مغزى مقنع. 
رفض الدلالة السلبية لمصطلح (أقصى اليمين) المرتبط بالعنصرية والتمييز العرقي، مما يقودهم إلى السؤال عن التمييز برمته. 
يعرف اليمينيون المتطرفون أنفسهم بأنهم (لا يساريون ولا يمينيون)! مما يسمح لهم بالتميز عن بقية الأطياف السياسية، والادعاء بأنهم لا ينتمون ولا يعتدون بالسياسة التقليدية الحالية. فمثلا: أعادت الانتخابات الرئاسية الفرنسية عام 2017م الحديث عن هذا التمييز، وهذا الانقسام بين (اليمين واليسار)؛ إذ ادعت زعيمة اليمين المتطرف «مارين لوبان»، أن هذين اللفظين مفردتان لا معنى لهما، وأن الانقسام الحقيقي هو بين (العولمة) و(الوطنيين)
 وهذا ما تجلى من عودة وصعود نلاحظه بعد غياب دام زهاء أكثر من 70 سنة خاصة بالقارة الأوروبية وما تعرفه من تحولات جيوسياسية أطبقت على الأوضاع وفرضت تكتلات جديدة في إطار صعود قوى جديدة قديمة لخلق التوازن في النظام العالمي الجديد أو بالأحرى كنس نظام أحادي القطبية.
 من المجر إلى النمسا والسويد وصولا إلى فرنسا وأخيرا إيطاليا، وجدت أحزاب اليمين المتطرف وتحالفاتها، في موجات الهجرة والاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية وتراجع القدرة الشرائية وأزمة الطاقة نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، بيئة خصبة للتفريخ والنمو في ظل التراجع التاريخي لأحزاب اليسار وغياب المناعة الطبيعية واللقاحات الضرورية لبقية الأحزاب الوسطية الأوروبية لكبح جماح هذه العدوى السريعة وتفشي ظاهرة التحالفات اليمينية المتطرفة.
وفيما يشبه "متحورات كورونا" السريعة العدوى والانتشار، انتقلت عدوى التحالفات اليمينية المتطرفة في عدة بلدان أوروبية بسرعة الفترة الأخيرة، وانتشرت كالنار في الهشيم محققة "حركية" كبيرة، لتراكم النجاح تلو الآخر.
انتصار تاريخي لليمين المتطرف مجددا وكما أصبحنا نتلقى الأخبار على مسامعنا كل يوم ها هو الانتصار الجديد في انتخابات إيطاليا في حدث غير مسبوق منذ العام 1945.
ستتاح لحزب الفائزين الجدد فرصة حكم البلاد للمرة الأولى منذ عام 1945. ومن المتوقع أن تحصل الكتلة اليمينية التي تضم أحزاب "إخوة إيطاليا" وحزب "الرابطة (ليغا)" وحزب "فورزا إيطاليا" على نسبة تتراوح بين 41 و45% من الأصوات، وهي نسبة كافية لضمان السيطرة على مجلسي البرلمان. 
ستصبح ميلوني أول امرأة تصل إلى منصب رئاسة الوزراء، وأول شخصية يمينية متطرفة تترأس حكومة البلاد منذ الحرب العالمية الثانية.
حيث ينتخب الإيطاليون غرفتي البرلمان-النواب والشيوخ-وبموجب قوانين جديدة فإن حجم الغرفتين جرى تقليصه بمقدار الثلث، وبالتالي فإن مجلس النواب يتألف من 400 مقعد ومجلس الشيوخ يتألف من 200.
اذ دونت وكتبت ميلوني، صباح الأحد 25 شتنبر2022 على تويتر متوجهة إلى أنصارها "اليوم، يمكنكم المساهمة في كتابة التاريخ". وأضافت "في أوروبا، إنهم قلقون جميعا لرؤية ميلوني في الحكومة. انتهى العيد. ستبدأ إيطاليا بالدفاع عن مصالحها القومية"
فهل العملية السياسية مرحليا فعلا يتجلى فيها ميدان المصالح لا ميدان المواقف والمبادئ في ظل ما يعرفه العالم من تحولات.
 
عبد المنعم خنفري، ناشط حقوقي، وفاعل جمعوي