الخميس 18 إبريل 2024
مجتمع

متى كانت صلاة الجمعة مبررا لإغلاق فروع التعاضدية العامة للتربية الوطنية في وجه المرتفقين؟

متى كانت صلاة الجمعة مبررا لإغلاق فروع التعاضدية العامة للتربية الوطنية في وجه المرتفقين؟ ميلود معصيد، رئيس التعاضدية العامة للتربية الوطنية
فوجئ عدد من منخرطي التعاضدية العامة للتربية الوطنية بإغلاق مكتب بأحد فروعها في وجوههم خلال أوقات العمل. أين حصل ذلك؟ ومتى؟ وكيف؟ ولماذا؟...
"أنفاس بريس" تقدم أجوبة عن هذه الأسئلة على لسان أحد المنخرطين الذي يحكي ما جرى له بفرع للتعاضدية، حين حمل ملفه الصحي لإيداعه لدى المكتب الذي قصده ليجده مغلقا، وليفاجأ بما سيحدث بعد ذلك.
وقبل ذلك، نُذكر بأن من بين المهام المنوطة بفروع التعاضدية العامة للتربية الوطنية تلقي ملفات المنخرطين المتعلقة بخدمات التغطية الصحية وتسجيلها، والتي على أساسها تُصرف للمنخرط تعويضات المبالغ المصروفة في العلاجات التي قام بها. وهذا هو الغرض الذي من أجله يقصد أغلبية المرتفقين التعاضدية طيلة أيام الأسبوع. ومعلوم أن إدارة التعاضدية تعتمد التوقيت المستمر المعمول به في الإدارات العمومية المغربية.
يحكي محدثنا أنه حل بمقر التعاضدية بالدار البيضاء الكائن بالعنوان الرئيسي بزنقة حلب بمرس السلطان، في أحد أيام الجمعة (23 شتنبر 2022)، في حدود الساعة الواحدة بعد الزوال، فوجد المكتب المخصص لإيداع ملفات علاجات الأسنان وأصناف أخرى مغلقا. ولما سأل موظفة بشباك الاستقبال، أحالته على أحد الأعوان بمدخل الإدارة، الذي أجابه بأن المكتب مغلق بسبب صلاة الجمعة!
اتجه محدثنا إلى الشبابيك التي كان أغلبها بدون موظفيها، إلا شباكين اثنين، فسأل أحد الموظفَيْن الموجودَيْن عن سبب إغلاق المكتب في وقت العمل، فرد عليه: "وقت صلاة الجمعة.. مشاو يصليو".
ولما استغرب المنخرط هذا الرد الذي لا يسنده قانون، إذ إن تسهيلات أداء صلاة الجمعة لا تلغي العمل بالتوقيت المستمر، ولا توقف دوام الإدارة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تعطل مصالح المرتفقين، كان رد الموظف: "هادشي اللي كاين، وهذا هو القانون اللي دارتو الوزارة.. وإذا ما عجبكش طلع عند المدير ...". وزاد: "أنا خدام فهاد الوقت حيت مكنصليش.. نهار يهديني الله مغاديش تلقاني هنا فهاد الوقت"!!
في هذه الأثناء، كان عدد من المواطنات والمواطنين يتوافدون على مقر التعاضدية، قاصدين المكتب المعني، فكانوا يفاجأون به مغلقا، وحين يستفسرون، يكون الرد: "صلاة الجمعة"، ويُطلب منهم الانتظار، لأن الموظفين "مشاو يصليو الجمعة".
ظل المرتفقون، وفيهم نساء ورجال متقدمون في السن، ينتظرون أكثر من ساعة.
وفي حدود الساعة الثانية والربع بعد الزوال، سيتجه شخص صوب المكتب المغلق، وسيبدأ في طرق الباب طرقات خفيفة. (سيظهر فيما بعد أن هذا الموظف هو أحد الموظفين الثلاثة الذين يشتغلون بالمكتب المغلق، حيث يشتغل به موظفتان وموظف).
يضيف محدثنا: بعد طرقات الموظف، وأمام استغراب المرتفقين المنتظرين، سيُفتح الباب من الداخل، ليظهر أن الموظفتين المكلفتين بتلقي ملفات المرض كانتا بداخل المكتب، في الوقت الذي ظل فيه المرتفقون متروكين على كراسي الانتظار خلال توقيت العمل.
أمام هذا المشهد المثير، سيتوجه محدثنا صوب الموظف الذي كان أخبره بأن المكتب مغلق بسبب صلاة الجمعة، وأن الموظفين الذين يشتغلون به غادروا لأداء صلاة الجمعة، ليستفسره "كيفاش مشاو يصليو الجمعة، وهوما كانوا سادين عليهم فالمكتب، والناس كيتسناو كثر من ساعة..."!! وحتى قبل أن يكمل محدثنا تعليقه، سيفاجأ بالموظف ينتفض في وجهه بشكل هيستيري وهو يطلق كلاما غير أخلاقي ولا يمكن أن يصدر عن موظف يُفترض أنه صلة الوصل بين إدارة التعاضدية التي شغَّلته وبين أعضائها المنخرطين. أخذ الموظف يردد بصوت مرتفع وغاضب: "راني قلت ليك أنا مكنصليش.. أنا سكايري.. أنا سكايري.. كون كنت كنصلي متلقانيش هنا.. ولاش كتدوي معابا أنا؟.. أنا غير موظف.. وإذا كان عندك شي مشكل طلع عند المدير.."!!
وهكذا - يعلق محدثنا - بالإضافة إلى تعطيل مصالح المرتفقين بإغلاق المكتب في وقت العمل، يصر هذا الموظف بكل ما أوتي من جهد وبعنف لفظي على تقديم صورة تسيء إلى الإدارة التي شَغَّلته، والتي منحته صفة تفرض عليه أن يلتزم بحسن التعامل مع المنخرطين وأن يقدم لهم بكل احترام الخدمات التي من أجلها قصدوا إدارة تعاضديتهم.
الواقعة التي نقلناها على لسان محدثنا تبين كيف يستغل بعض الموظفين التسهيلات التي مُنحت لهم من أجل أداء صلاة الجمعة للهروب من العمل والتهرب من أداء الواجب المهني. والحال أن الأمر يتعلق بتسهيلات وليس بتوقيف العمل، أو بالتخلي عن التوقيت المستمر المعتمد في الإدارة المغربية.
كما أن هذه الواقعة تقدم نموذجا لنوع التواصل الذي تعتمده إدارة التعاضدية مع المنخرطين/ المرتفقين، وتظهر مستوى خدماتها المباشرة معهم.
ما رواه مصدرنا يخالف التعهدات المعلنة من طرف مسؤولي التعاضدية. فأول ما يستقبله المتصفح للموقع الإلكتروني للتعاضدية العامة للتربية الوطنية كلمة لرئيسها يلتزم فيها ب"الرقي بخدمات التعاضدية لتستجيب لانتظارات وتطلعات المنخرطين والمنخرطات"، وب"تجويد الخدمات"، وب"تقوية التواصل مع المنخرطين"، وب"تقديم الأفضل لهم، لأنهم جوهر التعاضد"...
لكن يبدو أن كلمة ميلود معصيد موضوعة فقط لتأثيث الموقع الإلكتروني للتعاضدية لا غير. فما جاء فيها من تعهدات والتزامات هو مجرد كلام للاستهلاك. أما الواقع فهو ما يجري تحت مكتبه بزنقة حلب.
فهل يعلم رئيس التعاضدية العامة للتربية الوطنية أن بعض الموظفين بهذا الفرع الذي يوجد أسفل مكتبه بالمقر الرئيسي يقومون بإغلاق مكاتبهم في وقت العمل، مستغلين صلاة الجمعة، فيعطلون مصالح المنخرطين أعضاء التعاضدية التي يترأسها؟!
وهل يعلم رئيس التعاضدية أن بعض المستخدمين الذين تُشَغِّلهم التعاضدية لخدمة المنخرطين يقومون بما يعاكس ذلك، حين يجعلون من شبابيك التعاضدية منصات للاعتداء اللفظي على هؤلاء المنخرطين الذين يصفهم الرئيس ب"جوهر التعاضد"، وعوض "تقديم الأفضل لهم" يقدمون لهم الأسوأ؟!
قد يكون ما حدث بفرع زنقة حلب استثناء أو حالة معزولة، لكن المغاربة فطنوا لهذا الأمر منذ زمان، حين قالوا: "حوتة وحدة كتخنز الشواري". فهل سينتظر معصيد إلى أن يفسد الحوت كله؟!.