هو بلاغ للتاريخ وصفه أحد الموقعين عليه، بعنوان: "لن نقبل بفرض أية وصاية على المؤسسات المهنية، وعلى المحاميات والمحامين"، يتحدث فيه نقباء مهنة المحاماة عن وحدة الصف المهني، وكيف أنه خيار استراتيجي، وقعه النقباء: عبد الرحمان بنعمرو، عبد الرحيم الجامعي، مبارك الطيب الساسي، ادريس شاطر، ادريس أبو الفضل، حسن وهبي، محمد أقديم، عمر ودرا.
فيما يلي البلاغ الموجه للرأي العام المهني، كما توصلت بنسخة منه جريدة "أنفاس بريس":
فيما يلي البلاغ الموجه للرأي العام المهني، كما توصلت بنسخة منه جريدة "أنفاس بريس":
ظلت مهنة المحاماة ومعها الزميلات والزملاء ومؤسساتهم ونقبائهم ورؤساء جمعيتهم، عبر كل الحقب التاريخية، متشبعة بمبادئها، محافظة على كرامتها مكسرة كل محاولات الاعتداء عليها وعلى رسالتها، كما عرفت فترات امتُحنت فيها المحاميات والمحامين وممثليهم في مبادئهم، وفي صمودهم وفي حِكمتهم وفي مسؤولياتهم، فكانوا فيها كلها أوفياء لعقيدتهم المهنية الراسخة ولضميرهم الحي، الوفي للأخلاق المهنية وللمهام النبيلة التي تؤديها المحاميات ويؤديها المحامون في صف من الوحدة والإقدام في ساحة العدالة وأمام القضاء خدمة لحقوق الإنسان وللمحاكمة العادلة ودولة القانون، وتنديدا بكافة أشكال الانحراف والفساد مهما كانت طبيعتها ومصادرها وبؤرها.
وفي ظلال هذه القيم، أعطت هيئات المحامين، وعلى رأسها النقباء ومسؤولي جمعيتهم، وأعطت أجيال المحاميات والمحامين من مختلف مشاربهم، النموذج الأمثل والمواقف المبدئية الثابتة في كل ما يرتبط بقضايا الوطن الكبرى، وعلى رأسها قضية الوحدة الترابية للمغرب، سواء على مستوى الجبهة الداخلية أو على المستويات الإقليمية والقارية والدولية، فأسسوا بذلك للعلاقة الجدلية ما بين قناعاتهم الوطنية وما بين قضاياهم وانشغالاتهم المهنية، وفي صدارتها الدفاع عن استقلال القضاء وعن قيم المحاكمة العادلة وعن المشروعية، والدفاع من نفس المنطلقات على حرية واستقلال المحاماة و طسمعة وكرامة المحامين، وكلها شروط أساسية لا تقوم دولة القانون والمؤسسات بدونها.
واليوم، والوضع المهني مقلق وخطير ، ومخاوف المحاميات والمحامين توشك أن تنفجر غضبا أمام الإعلان عن مشروع مسودة قانون مهنة المحاماة من إعداد وزارة العدل، مسودة محدودة الرؤية والآفاق، لم تقدم فيها مؤسسات الهيئات رأيها كالمعتاد، مشروع عزل المحاماة عن جذورها وعن مقوماتها وعن محيطها، مشروع قد يؤدي إلى محاولة تكسير بنيان الجسم المهني ووحدته، مشروع لم يعط التقدير الواجب لبدلة المحاماة ولماضيها التاريخي العريق، مشروع مسودة أثار معارضة واسعة من محامين وهيئات فاق كل توقع وانتظار، مشروع التقى وزير العدل من أجل سماع الرأي حوله، وخارج أية تمثيلية رسمية، بعض النقباء السابقين ورؤساء سابقين من غير أن ينتج عنه أي موقف مهني رسمي، قد يلزم الجمعية أو مكتبها أو الهيئات أو المجالس أو المحامين.
وأمام ماخلفته مسودة المشروع من ارتجاجات يمكن أن تتخذها جهات ما ذريعة لسحب ما حققته المحاميات والمحامون وهيئاتهم من مكتسبات عبر تاريخ مضيئ من العطاء ومن الصبر ومن النضال المهني المشرف، وأمام المخاطر التي ستنصب على منظومة العدالة كاملة لو استمر استغفال الهيئات والنقباء ومحاولة فرض الوصاية عليهم وعلى مؤسساتهم، فإننا نتوجه بالنداء وبكل الإلحاح للسيد وزير العدل من أجل وقف المسودة، وتأجيل النظر في أية مراجعة لقانون مهنة المحاماة أو مشروع لتنظيمها، إلى حين العودة للحوار عبر قنواته التاريخية، أي مع المؤسسات المهنية من نقباء هيئات المحامين، ومع جمعية هيئات المحامين، ليتحمل الجميع مسؤولية تأطير المهنة تشريعيا وحقوقيا في الحاضر والمستقبل، لكي لا يشعر أحد بوجود إرادة مسبقة لفرض الأمر الواقع على الهيئات وعلى المحامين بمشروع مسودة لم ينل من المنطلق الثقة العامة والإجماع الكامل على ما أتت به من مقتضيات، خصوصا وأنه لم يصل بعد إلى مراحله التشريعية، وحتى لو كان به ما يمكن أن يعتبر إيجابيا.
وإننا نتمنى، من جهة أخرى، من كل المحاميات والمحامين الحفاظ على اليقظة ورص الصفوف بينهم كخيار أساسي وأولى، ونأمل أن نتجه كلنا محاميات ومحامين تحت لواء هيئاتنا كلها، ومعنا زملاؤنا نقبيب ومجلس ونقباء سابقين وكل الزميلات والزملاء من هيئتنا القوية هيئة الدار البيضاء، باعتبارها أكبر هيئة على المستوى الوطني، نحو المؤتمر الوطني القادم، مسلحين بعزيمة مهنية لا تمسها، أو تقلل منها الأحداث مهما كَبُرَت، وننتظر من زميلاتنا وزملائنا الالتزام، كما عرف عنهم، بالنقاش الموضوعي البناء وتجاوز الخلافات التي قد تكون لها نتائج غير مرغوب فيها.
وفي النهاية، نحن على يقين تام بأن السيد وزير العدل سيتحلى ببعد النظر وسيتجاوب مع ندائنا بسرعة وايجابية، وان صفحة جديدة ستفتح ما بين الوزير وبين الهيئات وكل المحامين، ترسمها الموضوعية والشفافية والثقة، إذ لا شراكة ولا تشاور ولا حوار من دونها.