السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمد حمضي: الدخول المدرسي ومحنة المصلحة الفضلى للطفل

محمد حمضي: الدخول المدرسي ومحنة المصلحة الفضلى للطفل محمد حمضي

عديدة هي الأسر المغربية التي تتضاعف معاناتها وتتعمق وهي تستعد لتفعيل حق أبنائها في التعليم عند كل بداية لموسم دراسي جديد. معاناة وحدهم الأطفال يؤدون فاتورتها. لقد كان بالإمكان محاصرة ما يترتب عن هذه المعاناة لو تم استحضار روح التوجه الحقوقي والديمقراطي لبلادنا، وهي تستقبل مطلع القرن 21 الجاري، بإرادة ملكية ثابتة ، تجسدت في عدة مبادرات كبرى ، لم يكن آخرها اعتماد دستور 2011 ، الذي وسع من مساحة الحقوق في متنه ، تصديرا وأحكاما .

 

بمناسبة كل دخول مدسي يتعطل مبدأ المصلحة الفضلى للطفل/التلميذ(ة). تعطيل يسببه التأويل اللاحقوقي للمبدأ، علما بأن المبدأ المذكور كما جاء في حزمة من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ذات الصلة، تعطي لمصلحة الطفل الاعتبار الأول في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات العائلية" .

 

حين يحدث شرخا في الأسرة، ويدخل مكونيها الأساسين (أب وأم الطفل/التلميذ-ة) في نزاع غالبا ما يكون معروضا على القضاء الذي سيقول كلمته بعد استيفاء كل الخطوات المحددة قانونا للحسم في هذا النزاع، يعيش مبدأ المصلحة الفضلى للطفل محنة غير مسبوقة، يكتوي بنيرانها الأطفال الذين يحاول كل واحد من الوالدين إعطاء نفسه الحق في تسجيله بهذه المؤسسة التعليمية أو تلك، أو نقله من هذه المنطقة أو تلك . في المقابل مديرات ومديري المؤسسات التعليمية وبناء على مذكرات وتدابير ادارية من الوزارة الوصية تنتصر للولاية للأب بغض النظر عن وضعه الاجتماعي والنفسي، وقدرته على النجاح في إعطاء نفس لهذه الولاية، يمتنعون عن تسليم الأمهات شواهد تسمح لهن بالحصول على وثيقة الانتقال لأبنائهن. ولن تكون النتيجة غير ما تعبر عنه المقولة الشعبية " شي اكلا الفول، شي تنفخو فيه". وهو ما يعني بأن المآت من الأطفال / تلميذات وتلاميذ، وبسبب النزاع المذكور، الذي ناذرا ما تحسمه النيابة العامة بمحاكم المملكة حين يعرض عليها، بترجيحها كفة مبدأ الولاية للأب، على حساب كفة المصلحة الفضلى للطفل، (كثيرا من الأطفال) يتبخر حقهم/ في التعليم، فيصبحون قنابل موقوتة تهدد مستقبل البلاد لا قدر الله .

 

والحكومة تستعد لمراجعة مدونة الأسرة كما دعاها لذلك الملك محمد السادس في خطاب العرش الأخير، عليها فتح نقاش عمومي يلامس مبدأ المصلحة الفضلى في تفاصيلها الدقيقة، ولن يتأتى ذلك إلا إذا تم الانتصار للتأويل الديمقراطي/ الحقوقي لما ما جاء في تصدير دستور المملكة " جعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، في نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملائمة هذه التشريعات مع ما تتطلبه تلك المصادقة " .

 

وفي انتظار مراجعة مدونة الأسرة ، وحتى لا تتوسع رقعة الأطفال/ التلاميذ والتلميذات ضحايا النزاع بين الوالدين ، فإننا ندعو إلى التعليق المؤقت لمذكرات وزارة التربية الوطنية التي تحصر " حق" انتقال التلميذات والتلاميذ في يد الأب ، والعمل على تشكيل لجنة من أطر المديريات الإقليمية للتربية الوطنية، ورئيس خلية التكفل بالنساء ضحايا العنف، وفاعل(ة) مدني عضو(ة) بنفس الخلية، والاستئناس بتقارير تنجزها المساعدة الاجتماعية لدى النيابة العامة ، وتقارير المساعدون الاجتماعيون التابعون لقطاع التعليم، للحسم وبشكل مستعجل في أحقية الأم أو الأب في احتضان الأطفال قبل أن تصدر المحكمة حكمها في قضية النزاع المعروض عليها.