الجمعة 29 مارس 2024
فن وثقافة

جمال الكتامي: رسالة إلى والدي..

جمال الكتامي: رسالة إلى والدي.. جمال الكتامي
والدي، كيف حالك؟
أما عني أنا، فكما تعرف، نفس الحمق رغم بلوغي سن الستين. بدأتُ في الأيام القليلة الماضية أقوم بتمرينات على آلة العود و محاولات للتلحين، أريد أن أرى ابتسامتك و أنت تسترق السمع لقِطع من أغنياتي في الغرفة المجاورة. لم يعد هنا ما يُفرح، لم يكن من داعٍ لفرحتك و أنا أخبرك أن اليوسفي عُيِّنَ وزيرا أولا. الأموي مات من الألم و تلك المرأة الجميلة التي كنتَ تتنبأ لها بمستقبل سياسي زاهر إنفصلت عن تحالف اليسار. لم يعد في المغرب طبقة متوسطة، قررت الدولة الإكتفاء بطبقتين فقط R+1. اللغة الأمازيغية بقيت حبرا على ورقِ الدستور و العربية في طريق الأفول. لا يسود إلا التافهين، و المخنثون أصبحوا قدواتنا. المغرب الكبير أصبح أجزاء متناحرة و الصحراء تكلفنا الكثير. تقوَّت لوبيات الريع و معهم لم يعد في مقدورنا إقتناء المحروقات و الأدوية. المواد الغذائية يا أبي لم تعد في متناولنا..
هذا الصباح بعث لي المكتب المغربي لحقوق المؤلفين حفظه الله بألف و خمسمائة درهم تعويضا عن عشرين عملا غنائيا مسجلا لديه. لم أخبرك أنهم اعترفوا بأغنياتي و سجلوها و هي بالتالي محفوظة. لكنهم منحوا فنانا شعبيا ثلاثة ملايين سنتيم. أعلم أنهم فعلوا ذلك، فقط لأنني أغني لشعراء محترمين (لعن الله الشعراء إلى يوم الدين)، ألَمْ يقولوا أن "الشعراء يتبعهم الغاوون"؟، كنتُ أعرف ذلك و مع ذلك تبعتُهم، و لا أعتقد أني سأتخلى عنهم، هُم أسوأ أنواع الإدمان. لولاهم لكنتُ في وضع أفضل. كوفيد أتى على الأخضر و اليابس، لم يبق الكثير من الناس المحترمين.
أتركك الآن يا أبي، لأنني سأذهب للسوق بالأموال الطائلة التي أكرمني بها المكتب المغربي لحقوق المؤلفين لشراء اللحم، إشتقتُ لأكل اللحم.. لم أخبركَ أن ثمنه تجاوز الثمانين درهما.. ثم بعد ذلك، سأعرج على ذلك المكان اللعين، أعرف أنك ستكون غاضبا مني، لكن، سأذهب..
إبنك جمال الكتامي.