الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

حسن شاكر: حتى لا تمُد مؤسسات الهجرة رجليْها…!

حسن شاكر: حتى لا تمُد مؤسسات الهجرة رجليْها…! حسن شاكر
أعتقد ان خطاب ثورة الملك و الشعب في 20 غشت الماضي ، قدم سلوكا حضاريا في تقييم حصيلة مؤسسات الهجرة وما قدمته من خدمات و مصالح لخمسة ملايين وغيرهم الالف من اليهود المغاربة بالخارج..اذ واجه الخطاب كل تلك المؤسسات بلغة مباشرة و دون لف أو دوران ، و جعلها امام ضرورة مراجعة آليات عملها و تغيير هياكلها و تحسين اختصاصاتها و مهد  لكل تعديل تشريعي من شأنه تحسين أداء تلك المؤسسات بدون استثناء بما فيها المؤسسات الحكومية و الدستورية و القانونية حيث الخطاب جعل كل تلك المؤسسات في مرمى التأهيل و التحديث…
وهو ما جعل رئاسة الحكومة تنفخ الروح على عجل في اللجنة الوزارية لمغاربة العالم بعد موت سريري..والنتيجة هي بلاغ مطاطي وخطاب إنشائي و إقصاء مغاربة العالم من المساهمة في إعادة هيكلة القطاع ككل ، هذا دون ان ننسى الكبوة الخطيرة للبيان بعدم تثمينه لدور مغاربة العالم في ملف الدفاع عن الوحدة الوطنية و الترابية انطلاقا من بلدان الإقامة وكذا عدم التطرق لتسطير برامج الرفع من درجة ترافعهم في ذات الملف…
لكن اذا كانت الدولة المغربية لها جرأة تقديم قراءة نقدية قوية و صريحة  و قادرة على تشريح مؤسساتها لتطالب بالتأهيل و التحديث…فكيف هو الحال داخل أفراد المجتمع المدني بالمهجر..؟ هل استطاع بعد مرور ثلاث عقود او أربعة من العمل و النضال و المطالب و الصرخات..تكوين جبهة موحدة..؟ هل ما يعيشه افراد المجتمع الجمعوي بالمهجر هو حالة صحية قد تساهم في تصحيح المسار ..أم هو صراع بين الحرس القديم و الجيل الجديد..؟ هل صحيح انه لا وجود لجمعيات حقيقية ، بل وجود لفعاليات فردية قوية فقط ..؟ و بماذا نفسر كل هذا التراشق و الصراع السري الغير النظيف بين العديد من أفراد الجاليات المغربية بالمهجر..؟ وهل صحيح ان هناك جهات بالمهجر يتم تحريكها عن بُعد لمهاجمة هذه المؤسسة أو تلك..؟ وهل صحيح ما يقال عن بعض أفراد الجاليات انها ترفض غيرها و تسعى الى تقديم نفسها بانها الممثل الوحيد و الأوحد و الازلي لكل الجاليات المغربية بالمهجر رغما عنهم  و بدون تفويض انتخابي ، و ان مصير كل رافض لعقلية الإقصاء المعششة في رؤوسهم الصغيرة..يكون مصيره التنمر و جلسات هاتفية لا تنتهي من النميمة و الكولسة…؟
العديد من العقلاء يعتقدون انه لو تم توظيف كل ذلك الزمن المهدور في الكولسة و البحث في الحياة الشخصية و الميولات المختلفة لخصومهم في العمل الجمعوي و التجييش و الشيطنة…إذ لو تم توظيفه في التفكير الجاد و التعاون و المساهمة في تقديم مقترحات واقعية و موضوعية …لو تم تغيير مصطلحات الصراع و التصادم بغيرها كالتعاون والتضامن.. و الاختلاف الموضوعي مكان الخلاف الشخصي…و تعاون وتماسك الأجيال مكان صراع الأجيال…لكان حال مغاربة العالم احسن مما هو عليه الآن..
فإذا كنا نعتبر ان المجتمع المدني للجاليات المغربية بالمهجر شريكًا أساسيا لمؤسسات الهجرة في كل عمليات  الإصلاح أو التاهيل أو التحديث..و نطالب بإشراكه بقوة سواء في الورش الملكي الجديد ، او بإدماجه و بقوة في كل مؤسسات الحكامة الدستورية و القانونية حسب الفصل 18 من الدستور…
فان ما نلاحظه اليوم لا يبشر بالخير ، إذ  احترفت بعض الوجوه " المستهلكة " تنظيم هجومات " بقنابل صديقة " لتدمير مقترحات الآخر و لتقزيم آراء الآخرين رغم قوتها وموضوعيتها..في حين ان المطلوب هو الاجتهاد و التنافس و الإبداع و تقديم  المقترحات و ليس إجهاد النفس في ابتكار وسائل التنمر و تجييش ضعاف النفوس او النهل بما تجود به علينا الغابة من أسماء الحيوانات…!
اننا نستحضر عند الحديث عن علاقة مؤسسات الهجرة المغربية  بجمعيات مغاربة العالم..مقولة " آن لأبي حنيفة ان يمد رجليه…" اذ عندما وجد الإمام والعالم " أبو حنيف " نفسه امام شخص غير جاهز للنقاش و غير أهل لكل إعتبار رغم مظاهر الوجاهة و الهندام الأنيق.. لم يجد حرجا في أن يمد رجليْه…
فهل تقبل الأجيال الحالية ان تُبْقي على مظاهر التشتت و الإقصاء و صراع مسير عن بُعد… داخل منظومة المجتمع المدني للجاليات المغربية بالمهجر..؟ لانه في غياب مظاهر توحيد الجهود و التشبيك و خلق " قوة ضاغطة " فان مؤسسات الهجرة لن تجد بدورها حرجا في أن تمد رجليها…
فهل نمتلك نحن أيضا الجرأة لتقديم قراءة نقدية لواقع الجمعيات و الجمعويين..وهل هي جمعيات مغربية من الناحية القانونية حسب ظهير الحريات العامة المغربي..أم هي جمعيات لمغاربة بالخارج تخضع لقوانين دول إقامتهم..؟ وهل تتطلب مرحلة ما بعد الخطاب الملكي إعادة النظر في تعريف جمعيات مغاربة العالم و دمقرطتها ..؟ و هل يجب شملها بالتحديث و التاهيل و إعادة الإطار التشريعي في اطار ظهير الحريات العامة…؟ لان اغلب جمعيات المهجر هي جمعيات غير مغربية.. ولانه قبل أي حسم في آليات كل إصلاح قادم ، فلابد من التساؤل لماذا لا تثق غالبية المهاجرين في العمل الجمعوي و في بعض الجمعويين..؟