السبت 20 إبريل 2024
مجتمع

المحامي الشمسي: مدونة الأسرة بريئة من اتهامات الوزير وهبي بخصوص ارتفاع الطلاق بالمغرب

المحامي الشمسي: مدونة الأسرة بريئة من اتهامات الوزير وهبي بخصوص ارتفاع الطلاق بالمغرب وزير العدل عبد اللطيف وهبي والمحامي محمد الشمسي(يسارا)
كشف وزير العدل عبد اللطيف وهبي عن أرقام صادمة، بخصوص ارتفاع حالات الطلاق بالمغرب، والتي شملت معطيات متعلقة بالفترة الممتدة ما بين سنة 2004 و2021، التي بلغت  خلالها حالات الطلاق المسجلة قرابة 27000، ليفسر انخفاضها الطفيف بدخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ إلى غاية2021 ، وفي هذا الصدد تواصلت "أنفاس بريس" مع محمد الشمسي، بصفته محامي بهيئة المحامين بالدار البيضاء، للتعليق على تصريح وزير العدل.

ما هي قراءتك للأرقام المصرح بها من قبل وزير العدل؟
بالنسبة للرقم الذي صرح به وزير العدل حول عدد حالات الطلاق وجعله في قرابة 27000حالة طلاق سنة 2021، فهو رقم لا يمكن تحليله وتفكيك تداعياته، لأن وزير العدل لم يعط معدلا سواء وطنيا أو عالميا قصد الارتكاز إليه، وبالتالي لا نقوى على المجازفة بالقول إنه رقم مخيف أو مرعب أو عادي، فهل نقارن حالات الطلاق بحالات الزواج؟
 
ما السبب الحقيقي وراء تنامي حالات الطلاق؟
دعيني أولا أرد على تصريح وزير العدل الذي حاول الهروب والتهرب من سؤال عن سبب أو أسباب ارتفاع مؤشر الطلاق، فالسبب ليس هو مرونة فصول مدونة الاسرة كما قال الوزير، بل إن السبب أعمق وأكبر، إذ يرتبط بضعف البنية الاقتصادية والاجتماعية والهشاشة المالية والمادية التي تعرفها البلاد، فنسبة كبيرة جدا من الطلاق هي بسبب عجز الزوج عن الانفاق، وبسبب إما عطالته أو دخله الضعيف، فهو لا يقوى على توفير بيت زوجية لأسرته الصغيرة فيحتمي وسط والديه وإخوته الذين لا يقلون هشاشة عنه ويتحول البيت الى حلبة للصراع والتطاحن من اجل أمتار ومن أجل خصوصية مفقودة.
لذلك على وزير العدل ان يكون صريحا وصادقا مع نفسه بأن الغالبية العظمى من حالات الطلاق هي بسبب الفقر وقلة الحيلة وضعف الدخل، أما الطلاق الاتفاقي فهو ليس دائما بتلك الصورة التي وصفه بها وزير العدل بأنه مرتبط بالوعي بين الزوجين وما شابه ذلك، بل إن هذا الطلاق يخفي خلفه معاملات سرية تقوم على الاتفاق على مبالغ مالية يجري الاحتفاظ بها لدى وسطاء من أهل ثقة من جانب الزوجين، ويظهر الزوجان رغبة غير حقيقية امام مجلس القضاء على اتفاقهما المصادق عليه لكن في حقيقة الامر تجري ما يشبه الصفقات المالية، ويختار الجانبان هذا الصنف من الطلاق لإنهاء العلاقة في أقل وقت ممكن.
وأما عن الطلاق فلا ينبغي النظر اليه باعتباره شيئا سلبيا، لأننا نخطئ حين نقارن الطلاق بالزواج، وحين نقارن أسرة متماسكة بأسرة مفككة، فطبيعي أن يظهر لنا الفرق بين الشيء ونقيضه، لكننا مطالبون بمقارنة الطلاق بأشياء قريبة منه بل أبشع منه، نقارن الطلاق بحالات الخصام الدائمة التي يشتبك فيها الزوجان امام اعين الاولاد ويظل الاشتباك مستعرا حتى يحضر رجال الامن ويرفع كل طرف منهما شكاية ويواجهه الآخر بشكاية مضادة، وتنتقل عدوى الخصام الى أسرتي الزوجين، فأي حال هو أفضل لهاذين الزوجين ولأولادهم؟ هل هو حالة التطاحن والتعارك والخصام ام الطلاق والتسريح بإحسان؟ وهنا يبدو الطلاق كتدخل مستعجل لإيقاف نزيف حروب الزوجين، ثم إن الطلاق لن يكون نهاية الكون، فقد تتزوج المطلقة من غير طليقها ويتزوج المطلق من غير طليقته وينبت زواج جديد ناجح على أنقاض الزواج القديم الفاشل، وهنا لا تملك وزارة العدل الاحصائيات اللازمة للقول بعدد حالات إعادة تجربة الزواج من جديد، فكم من زواج جديد بين زوجين طلق كل منهما شريكه الأول، ونجح في تجربته الثانية.
 
ما موقع الأبناء من قرارت الانفصال هته؟
بالنسبة للأبناء فإن طلاقا مؤلما وهادئا خير لهما من بقاء أبويهما في زواج التطاحن والعراك والهجر المضاد، فالأبناء هنا يخيرون بين المر والأمر، فيكون الطلاق مرا لكنه علاج لزواج مريض.
لا يمكن سن قوانين تمنع أو تحد من الطلاق لأن الطلاق تعبير عن أحاسيس ومشاعر، بالمقابل يمكن توفير بيئة حاضنة للزواج المثمر عن طريق تحسين ظروف العيش والرفع من فرص الشغل وتزفير مناخ اقتصادي واجتماعي لسد ذريعة الطلاق لعدم الانفاق أو العجز عن توفير بيت زوجية والقيام بمتطلباتها، وفي غياب النهوض الاقتصادي فان الطلاق سيبقى ماضيا في الارتفاع لأن إحصائيات وزارة وهبي تقف عند الأعداد دون أن تتوغل في الأسباب، وهنا يمكن ان نطرح مسؤولية الدولة في تفكيك الأسر بسبب الطلاق الناتج عن فشل الزوج في الإنفاق على زوجته وأسرته بسبب قلة فرص الشغل، وهذا يطرح وجوب تدخل الدولة لإنقاذ بعض الأسر لاسيما الأطفال من مخالب الطلاق لعدم الانفاق.