الخميس 28 مارس 2024
اقتصاد

ظاهرة الرعاة الرحل بسوس ماسة أصبحت تهدد السلم الاجتماعي

ظاهرة الرعاة الرحل بسوس ماسة أصبحت تهدد السلم الاجتماعي مشهد للرعاة الرحل بسوس
ظاهرة تستأثر باهتمام الرأي العام بشكل كبير وتتعلق بغزو كاسح للرعاة الرحل بحيث لم يعد يقتصر ضرر الرعي الجائر على مناطق سوس خلال السنوات الأخيرة على الاستيلاء على المحاصيل الزراعية وثمار الأشجار؛ بل يتعدى ذلك إلى تهديد السلم الاجتماعي، حيث اندلعت مرات كثيرة مواجهات دامية بين الرعاة الرحل والسكان المتضررين،
وقد عرفت منطقة سوس منذ مدة هجومات خطيرة واعتداءات لمافيا الرعي الجائر بأقاليم تيزنيت وشتوكة آيت باها وتارودانت، والتي عرفت تطورات سريعة وخطيرة في الأيام الأخيرة خصوصا بمنطقة تافراوت المولود دائرة أنزي إقليم تيزنيت، وقد وثقت ضم جموعة من الفيديوهات المباشرة والحية من عين المكان بشاعة الأعمال الاجرامية المرتكبة في حق سكان عزل أغلبهم من النساء والأطفال والمسنين، واظهرت المشاهد جحافل من الإبل والماعز أتت على الاخضر واليابس، بما فيها شجر أركان واللوز والزيتون ؛ والاستيلاء على منابع الماء الصالح للشرب لشرب المئات من الإبل والماعز.
وهكذا عاشت دواوير الجماعة الترابية" تافراوت المولود" خلال الاسبوع الأول من شتنبر 2022 أحداثا مأسوية جراء اعتداءات الرعاة الرحل الذين اقتحموا ممتلكات الساكنة مستبيحين حقولهم، بعد إنزال آلاف المواشي من جمال وماعز؛ وهي ليست بالمرة الأولى التي يتم فيها الاعتداء على ممتلكات الساكنة بالإقليم، الذي أصبح يعرف بموسم توافد الرحل سنويا، وبات يخلق قلقا ومشاكل باستمرار في جميع الأماكن التي يمر بها هؤلاء، إضافة إلى أنه بالرغم من وجود ترسانة قانونية والمتمثلة في قانون الترحال الرعوي 113.13،وأيضا الصفة الضبطية للسلطات إلا أنه لا يتم تفعيلها، ما يتسبب في قلق ومشاكل باستمرار، على اعتبار أن هؤلاء الرحل لا يراعون احتراما سواء لشجرة الأركان التي تتواجد بقوة بالمنطقة، والتي تعتبر موروثا ثقافيا واقتصاديا، ولا يحترمون مناطق رعي الساكنة، كما لا يحترمون السلطات وبالتالي تقع هذه الاحتكاكات دائما.
وقد تم التصعيد بجماعة تافراوت المولود بعدما استدعى الرحل عشيرتهم وكأنهم في حرب معلنة مع السكان الذين حاولوا الدفاع على ممتلكاتهم، إن ما عاشته منطقة تافراوت المولود من أحداث خلال الأيام الأخيرة كانت بمثابة حرب العصابات، لا ينقصها سوى الأسلحة الحية؛ وأبطالها أشخاص ملثمون يستعينون بدراجات نارية وبسيارات لوندروفير الرمادية، يزرعون الرعب في حق كل من سولت له نفسه الدفاع عن أرضه و عرضه ، وقد حملت فعاليات محلية مسؤولية ما آل إليه الوضع إلى القطاع الوصي لأنه هو الموكول له وفق قانون الترحال الرعوي تفعيل مسارات رعي الرحل.
لأنه لو تم تفعيل بعض مقتضيات هذا القانون كتفعيل المسارات لتم تجاوز الأمر، علما أنه تم بتزنيت احداث منطقتين رعوتين ولكن لا يتم اللجوء إليها، ويفضل الرعاة الرحل الاعتداء على ممتلكات الساكنة.
وقد أعرب فريق الأغلبية بجماعة “تافراوت المولود” عن “مساندته وتضامنه مع الساكنة على إثر ما تعرضوا له من اعتداءات وتجاوزات ومع رئيس الجماعة إثر ما تعرض له من سب وشتم وتهديد بالقتل من طرف الرعاة الرحل، أثناء طلبه من الرعاة الابتعاد عن حقول وممتلكات الساكنة”. وكذلك تضامنهم مع “نائب رئيس الجماعة الذي تعرض لضربة غادرة بعد مفاوضته للرحل من أجل المغادرة استدعت نقله للمستشفى
وعلى مستوى آخر وفي إطار دورها الترافعي وطنيا ودوليا وجهت" تنسيقية أكال للدفاع عن حق الساكنة في الأرض والثروة" تقريرا عما يعانيه السكان الأصليون وممتلكاتهم وخاصة شجر أركان والبيئة، إلى العديد من المحافل الدولية، وقد ركز التقرير على وضعية شجرة أركان، حيت رحبت التنسيقية بتخصيص المنتظم الدولي ليوم سنوي للإحتفاء بها، لكنها تذكره بالسياسات التي تروم تجريد الساكنة منها، بسبب العديد من السياسات والقوانين التي لا تراعي أراضي وأعراف السكان الأصليين وتفرض بواسطتها سياسة الأمر الواقع، من تهجير للساكنة بفعل حرمان مناطقها من التنمية ونزع أراضيها وترواثها بما فيها شجر أركان، واغراق مناطقها بالرعي الإستثماري.
ومن جهتها اعتبرت وزارة الداخلية أن توالي سنوات الجفاف وندرة الموارد المائية وتقلص المساحات المزروعة عوامل تتسبب بين الفينة والأخرى في اعتداءات الرعاة الرحل على الممتلكات الخاصة والمراعي والمزروعات؛ وهو ما تنجم عنه ردود فعل عكسية من لدن السكان، على شكل مناوشات هنا وهناك.
وأوضح عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، في معرض جوابه عن سؤال للنائبة البرلمانية عن فريق التقدم والاشتراكية خديجة أروهال، أن هذه الظاهرة ليست جديدة على إقليمي سيدي إفني وتيزنيت؛ إلا أن تنقل الرعاة لم يعد يخلو من المشاكل والخلافات مع الساكنة المحلية التي يوجد بها كسابون وفلاحون. وأشارت وزارة الداخلية إلى أن الظاهرة قديمة تؤطرها الأعراف والتقاليد التي كانت راسخة بين الساكنة المحلية والرعاة الرحل، مؤكدة استفادة اقتصادية لهذه المناطق من مرور قطعان المواشي وذلك بتبادل المنافع التجارية. كما أكدت الوزارة أن السكان يحصلون على المواشي مقابل تزويد الرعاة الرحل ببعض المستلزمات مثل توفير المياه وبيع الكلأ، مسجلة أن بعض السكان يمتهنون بدورهم تربية المواشي والتنقل إلى مناطق توفر العشب والمراعي.