السبت 4 مايو 2024
كتاب الرأي

أحمد بومعيز: " سقرديوس قرطاج" يضع كل بيضه في سلة الجزائر المهترئة ،ويصيح :" ما نايض ما نايض" 

أحمد بومعيز: " سقرديوس قرطاج" يضع كل بيضه في سلة الجزائر المهترئة ،ويصيح :" ما نايض ما نايض"  أحمد بومعيز
" أي والله ... معنييتو "...رئيس تونس الشقيقة يستقبل زعيم البوليساريو استقبالا رسميا وفق بروتوكول رؤساء الدول .. 
أي والله ...فعلها" سقرديوس قرطاج "،ولم تكن عليه بالغريبة،  كمثيلاتها من الخرجات والشطحات والمغامرات السياسية التي دأب عليها منذ توليه كرسي الرئاسة في تونس .فهو بالكاد استقر بقصر قرطاج حتى استفرد بالسلط وغير الدستور لصالحه ،وهو ماض في مغامراته السياسية وفق مزاجه وتوجهاته الشعبوية. وكل ذلك ليس بغريب عليه ..وهو بذلك منسجم مع بهلوانية القرارات التي يتخذها منذ مدة.
قيس سعييد لا يمكن أن يكون إلا كما هو، فهو جاء من لاشيء ،متحللا ومتجردا من كل المسارات و المسؤوليات التاريخية والتنظيمية والاستراتيجية، والتي ترتبط مشروعيا بالمؤسسات السياسية والأحزاب التي يوكل إليها تسيير الحكومات والدول ،وذلك في سياق نظري يفترض ممارسة الحكم والتسيير وفق منهجيات ديمقراطية تؤطرها آليات الحكامة الجيدة وأدوات التدبير الحكيم للسلط والسياسات.  
 .." أي والله .. معنييتو"...قيس سعييد لا تعنيه النظرية ولا المنهجية ولا الاستراتيجية،فقط هو يختار السلوك وفق التكتيك الذي تفرضه الظرفية والمصلحة الآنية للتمكن من الاستبداد الشخصي في حكم الدولة التونسية المرتبكة منذ ثورة الياسمين المجهوضة ..وهو بشعبويته المعهودة تلك ،يدفع بالمعادلة المغاربية إلى التعقيد أكثر، على منوال " ما نايض ما نايض" أو وفق مبدأ " خاسر خاسر " ضدا في " رابح رابح" ..
هو نفسه قيس سعيد الذي كان يبحث عن كل الفرص لتأزيم العلاقة مع المغرب، والتقرب أكثر من الجزائر. والمؤشرات كثيرة في هذا الشأن ،منها المناوشات في التشكيل التنظيمي لاتحاد المغرب العربي، وعدم التصويت في شهر أكتوبر الماضي على قرار مجلس الأمن لتمديد فترة المينورسو بالصحراء المغربية..
لكن ،وبخرجته الاخيرة ،يكون قيس قد وضع كل بيضه في سلة الجزائر المهترئة ،وقرر أن يخسر المغرب ،والمغرب العربي، والحياد الايجابي في قضية الصحراء والنزاع بين المغرب والجزائر..وبذلك يخسر كل رهانات الريادة التي كان من الممكن أن تقوم بها تونس في المنطقة. فالمنطق السياسي يقول أن حياد تونس كان يمكنها على الأقل من مهمات التحكيم والحكمة بين الدولتين القطبين في المنطقة المغرب والجزائر.وبذلك قد يجد لتونس موقعا في الخريطة الجيوسياسية التي باتت قيد التشكل في شمال إفريقيا والتي لن تتم إلا بحضور دولة المغرب التي باتت مؤهلة جغرافيا وسياسيا واستراتيجا كي تشكل البوابة الرئيسية لإفريقيا وشمالها ،بصرف النظر على مناورات الجزائر ومحاولاتها عرقلة كل المسارات ،ورفض الحلول الواقعية لنزاع أقاليم الجنوب المغربي الصحراوية..
واذا كانت دينامية الدبلوماسية المغربية بدت قوية في السنوات الأخيرة ،وحققت مكتسبات سياسية حاسمة في قضية الصحراء ،ومنها موقف الولايات المتحدة وألمانيا واسبانيا،فعودة الجزائر مؤخرا إلى المناوشات بقوة لم تأت بنتائج كبيرة باستثناء استقطاب تونس بقيادة سعييد لتوريطها كدولة في قضية لا يخدم مصالحها تعقيد ملفها بل يخدمها حلحلة المشكل، ومباشرة تأهيل وهيكلة المؤسسات المشتركة بين أقطاب المغرب العربي ..
ربما ، بل الأكيد ،أن لقرار تونس ثمنا  ،أداه نظام الجزائر" سائلا"من عائدات الغاز والبترول المنعش والمنتعش مؤخرا؟ وإلى جانبه حزمة تهديدات وضغط واضح  لجنرالات الجزائر على تونس وسلطات سعييد المرتعشة والغير قادرة على مسايرة منعرجات المرحلة والظرفية بالمنطقة المغاربية.  
لكن ،ورغم ذلك ،كل هذا لا ينفي بالمرة خطورة ما أقدم عليه سعييد من مغامرة قد يسير هو ذاته وفق مسارها إلى النهاية حتى يثبت جرأة الشعبوي المغامر والمقامر الذي بات يجسده في المنطقة :
كأن يعترف بجمهورية الوهم ،وأن يقطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، إسوة بأصحاب ذات الفتوى ،جنرالات الحكم في الجزائر ... 
هذا،إن لم يكن فعلا سقرديوس قرطاج قد فعلها دبلوماسيا في الشكل والبروتوكول.