الخميس 18 إبريل 2024
كتاب الرأي

الحسين بكار السباعي: ثورة الملك والشعب درس كبير في التضحية وفي التعبئة الوطنية

الحسين بكار السباعي: ثورة الملك والشعب درس كبير في التضحية وفي التعبئة الوطنية الحسين بكار السباعي
كل لحظة تمر اليوم على شعوب العالم، تطرح موقفا وتتطلب اختيارا. والمغرب وبفضل التوجيهات والخطب الملكية، والتي تحمل دروسا وعبر لمن يعتبر، اختار طريقه الصحيح بقدرته على التعبئة الجماعية و انخراط المواطنين في مشروعه وعقده الاجتماعي الجديد، عقد يجسده النموذج التنموي الجديد بالعمل في اطار تشاركي بين السلطة والمنتخب المحلي كما الجهوي و المواطن، الحلقة مطلب التنمية المستدامة، وذلك بالعمل على تكريس الفعل الجماعي التشاركي الهادف الى تجاوز كل الازمات والتخفيف من آثارها الاقتصادية والاجتماعية واستشراف حلولها .
وها نحن اليوم نستحضر ذكرى ثورة الملك والشعب، مطالبون والمطلب أضحى فرض عين، على كل مواطن مؤمن بقيم الوطنية الحقة، على المشاركة الفعلية في العمل على لمواجهة كل التحديات، التي تهدف الى الحد من قدراتنا كدولة خطت طريقها بثبات بين الدول المتقدمة، فاستوعبت دروس أزمة كوفيد 19 واجتاز امتحانها بكل شجاعة، وانتصرت بفضل التحام الملك والشعب على الوباء الفتاك، بل اعطت المثال للدولة التي ضحت باقتصادها من أجل شعبها، فخلقت الاستثناء. وها نحن اليوم نجد أنفسنا في تحالفات جديدة وانتصارات ديبلوماسية كبيرة أنهكت جحود وجهود أعداء وحدتنا الترابية.
كما نجد انفسنا ملزمين دون تراجع الى توحيد جبهتنا الداخلية والانخراط الكلي في محاربة الفساد والشجع والدفاع عن حق كل المواطنين في العيش الكريم، فوحده التعديل الحكومي المرتقب، ولا الاصلاحات المؤقتة والمرقعة، كفيلين بمعالجة مشاكل عدة كان سببها الأساس غياب تفعيل حقيقي لبنود دستور حضي بإجماع كل المغاربة، الذين انتظروا طويلا تنزيل بنوده وتفعيل بنائه الدمقراطي بركنيه المشاركة الفعلية للمواطن والحكامة والمحاسبة .
إن ذكرى ثورة الملك والشعب ، ليست مجردة عيد وطني ولا يوم عطلة مدفوعة الأجر ، بل أضحت اليوم عنوانا لضرورة تعبئة وطنية وارادة ملكية ، من أجل مغرب المستقبل الذي نتطلع له و أبناؤنا ، مغرب تكافئ الفرص والقطع مع الريع وزواج السلطة بالمال ، هذا الزواج غير الشرعي الذي انتج العديد من القرارات العشوائية وغير الشعبية ، إن الظروف التي انتجت ثورة الملك والشعب في الفترة الكولونيالية من تاريخ المغرب ، قادرة اليوم على خلق ثورة اصلاح وتنمية حقيقية وتوزيع عادل للثروات بإرادة ملك وشعب تحدى كل المتغيرات والانزلاقات والأزمات .
واعود بالمتلقي الكريم إلى أحد خطب الملك محمد السادس بمناسبة ذات الذكرى والذي جاء فيه : " أن المغرب مستهدف لأنه دولة عريقة تمتد لأكثر من اثني عشر قرناً، فضلاً عن تاريخها الأمازيغي الطويل، وتتولى أمورها ملكية دستورية ومواطنة منذ أزيد من أربعة قرون في ارتباط قوي بين العرش والشعب، والمغرب مستهدف أيضاً لما يتمتع به من نعمة الأمن والاستقرار التي لا تقدر بثمن، وبخاصة في ظل التقلبات التي يعرفها العالم"، هذا الاستهداف الذي يهم المغرب، يفرض عليه جملة من التحديات يرتبط بعضها بتحديات داخلية، تهم القدرة الجماعية على إنتاج خطاب تعبوي جماعي قادر على تمثل روح الاستقلال، وجعلها ممتدة في الحاضر وتلقي بظلالها على المستقبل، وخارجي ليس في النهاية سوى مظهر للتعبئة الجماعية الداخلية، والتي بمقدورها أن تمنح المغرب المكانة التي يستحقها في محيطه الإقليمي والدولي."
وختاما، جاحد من يحاول العزف على أوتار الشد والجذب إرضاء لنرجسيته، أو تمهيدا لبلوغ غاياته، أيا كان شكلها أو لونها أو طعمها، أن يخجل من نفسه، و أن يقف برهة على قارعة المشهد المغربي العام، يتأمل ذاك التمازج و الاتساق و الانسجام، الذي يشكل استثناء.
جاحد من ينكر كل القواسم المشتركة على كثرتها التي تجمع الشعب المغربي وتقوي ارتباطه القوي بملكه.
أن جيل المغرب اليوم بالقميص والتيشورت والجينز والتنورة، أبدا لم يكن اقل بطولة و إيثار من جيل لهيبي وجيل الجلباب والحايك، من الصعب على من لم يزر المغرب ومن لم يقف على ما حققه من تنمية في صحرائه ووسطه كما شماله وشرقه، أن يلمس ملامح التاريخ المجيد لهذا الوطن القوي بشعبه وملكه.
 
ذ/ الحسين بكار السباعي، محام وباحث في الإعلام والهجرة وحقوق الإنسان.