الجمعة 17 مايو 2024
اقتصاد

فيصل اوعلي: آفاق التأمين التكافلي ودوره في التنمية والاستثمار

 
 
فيصل اوعلي: آفاق التأمين التكافلي ودوره في التنمية والاستثمار فيصل اوعلي اوبها
بعد منح التراخيص لفائدة خمسة فاعلين (أربع شركات للتأمين التكافلي وشركة لإعادة التأمين التكافلي)، يعتزم المغرب إطلاق صناعة التأمين التكافلي بهدف تنويع قطاع التأمين، حماية أصول القطاع المصرفي التشاركي (المصارف والزبناء على حد سواء) وإعطاء دفعة جديدة لتطوير سوق الرساميل التشاركي في المغرب.
في هذا الإطار، يوضح فيصل اوعلي اوبها، مستشار في التأمين وإعادة التأمين التكافلي - باحث في المالية التشاركية، لـ"أنفاس بريس"، الإشكاليات المرتبطة بتنويع منتوجات التأمين التكافلي لفائدة الأفراد والمهنيين والشركات، وكلفتها التنافسية مقارنة مع التأمين التقليدي، إلى جانب تسويق التأمين التكافلي ودوره في التنمية والاستثمار.
 
 
التأمين التكافلي ومحنة الانتظار
 
إذا انتظرتك الآلاف أو الملايين، فأنا واحد منهم… هي كلمات صدرت على لسان العديد من زبناء البنوك التشاركية وغيرهم من مؤيدي تجربة المالية التشاركية بالمغرب، فقد أقضى بطئ الإجراءات المرتبطة بهذه الصناعة التأمينية الجديدة وتأخر انطلاق مؤسسات التأمين وإعادة التأمين التكافلي بفارق زمني كبير مقارنة بالأبناك والنوافذ التشاركية التي تقترب من إتمام نصف عقد من الزمن على افتتاح أبوابها لفائدة الجمهور، مضجع الزبناء و ذويهم ممن أفجعهم الموت في فقدان حبيب أو قريب أو اصابته بعجز دائم و مستدام.
وقد تسبب غياب التأمين التكافلي المطابق لأراء المجلس العلمي الأعلى إشكالا كبيرا يتمثل في تخوف العديد من الزبناء من الإقدام على أخذ تمويلات تشاركية من جهة وتحفظ كبير لمؤسسات الائتمان التشاركية من تمويل الجمهور في غياب ضمانات حقيقية و التي يعد التأمين التكافلي أهم عنصر في معادلة التمويل التشاركي.
 
الترخيص للفاعلين في القطاع
تم الترخيص لأربع شركات لمزاولة التأمين التكافلي وشركة واحدة لإعادة التكافل، ويتعلق الأمر ب”التكافلية للتأمينات” التابعة لتحالف أطلنطا سند بنسبة 60%، القرض العقاري والسياحي بنسبة 20%، بنك قطر الدولي الاسلامي بنسبة 10% و الشركة الإسلامية القطرية للتأمين بنسبة 10% ،ثم “وفا تكافل” التابعة لتأمينات الوفاء (مجموعة التجاري وفابنك) ، بالإضافة ل “تعاونية التأمين التكافلي” التابعة لتحالف التعاضدية المركزية، القرض الفلاحي للمغرب والبنك الشعبي ،ثم “المغربية للتكافل” التابعة لمقاولة التأمين “المغربية للحياة” -مجموعة “الشركة العامة”، أما مجال إعادة التأمين التكافلي فقد منحت رخصة مزاولة هذا النشاط للشركة المركزية لإعادة التأمين عبر نافذة تحمل اسم Retakaful في انتظار منح اعتمادات أخرى من أجل تنافسية أكبر .
 
تحفظ و ترقب
مع الإعلان الرسمي لمنح الاعتمادات لمقاولات التأمين وإعادة التأمين التكافلي، ولوسطاء توزيع خدمات هذه الصناعة التأمينية الجديدة، تنفس العديد من الفاعلين الاقتصاديين وأصحاب المصلحة من زبناء ومهتمين … الصعداء ببزوغ مكون جديد ضمن مكونات المنظومة المالية التشاركية ببلادنا، ورغم شح الخدمات التأمينية التكافلية المعروضة للجمهور حتى كتابة هذه الأسطر، لكن يبقى الأمل كبيرا في تطوير الباقات و التغطيات التأمينية المقدمة لفائدة الأفراد و المهنيين و كذا للشركات، وتوفير منتجات تأمينية تكافلية بأثمنة مناسبة ومماثلة لنظيرتها في السوق التأميني التقليدي، حتى لا يأخذ المستهلك انطباعا سيئا بخصوص غلاء قيمة أقساط التأمين الواجب أداؤها لصندوق التكافل.
و بخصوص تسويق منتجات التأمين التكافلي، فقد تم تسجيل تخوف ممزوج بتحسر كبير من طرف بعض وسطاء التأمين لاحتمال حصر عملية التسويق في شبكات الأبناك والنوافذ التشاركية الشريكة لهذه المقاولات المعتمدة دون بقية وسطاء التأمين الحاملين لتكوين ومعارف أساسية في ميدان التأمين التكافلي، مما سيؤثر لا محالة على انتشار هذا النوع الجديد من التأمين لدى شرائح المجتمع على صعيد التراب الوطني في ظل محدودية شبكة البنوك و النوافذ التشاركية وطنيا، مقرون بعدم تخصص بعض أطرهم في هذا المجال باعتباره نشاطا فرعيا لهذه المؤسسات لكن أهمية مداخيله ستوحي بعكس ذلك.
 
دور الصناعة التأمينية التكافلية في التنمية والاستثمار
رغم تأخر السلطات المالية والإشرافية بالبلاد على فتح المجال أمام الفاعلين الاقتصاديين في مجال التأمين وإعادة التأمين التكافلي، إلا أن آمالا كثيرة عقدت من لدن المستثمرين ورجال المال و الأعمال و كذا جل شرائح المجتمع الراغبين في توفير حالة الطمأنينة والأمان لأنفسهم، لأسرهم، لمشاريعهم بمختلف انواعها وللعاملين لديهم، من مختلف المخاطر التي يتعرضون لها في احترام تام لمبادئ الشريعة الاسلامية، و بالرغم من أن قطاع التأمين التكافلي لم يرتقي بعد إلى النتائج المأمولة منه حيث لم تتعدى نسبة تغلغله في العالم الإسلامي % 37.77، لكنه يعد ألية جذابة للاستثمار وتحفيز رأس المال العامل بالإضافة الى مساهمته الفعالة في تحقيق التنمية الاقتصادية للبلدان، خصوصا اذا اقترنت بفاعلين مؤسساتيين بالقطاع من ذوي السمعة الطيبة في مجال العناية التأمينية والمالية والتعاقدية الواجبة ، ومن ذوي الكفاءة في تحقيق النتائج.
وبالرغم من عدم اكتمال منظومة التأمين و إعادة التأمين التكافلي المغربية بشكل كامل بسبب غياب عقود التأمين على المركبات والتأمين على المسؤوليات والمقاولات وحوادث الشغل والإنجاد والائتمان والكفالة… التي تشكل دعامات أساسية لتوسيع قاعدة المحفظة التكافلية و انتشارها وتنويع مخاطرها، والمساعدة على جذب موارد مالية و رؤوس أموال مهمة لصناديق التأمين التكافلي، بالإضافة لغياب صناديق استثمارية تشاركية وعدم اعتماد مؤشر بورصة الدار البيضاء الموافق للشريعة الاسلامية حتى اللحظة قصد توظيف الموارد المالية لصناديق التكافل و استثمار مدخراتها في هذه القيم، فان مستقبلا زاهرا ينتظر هذه الصناعة الناشئة و المطابقة لآراء الشرع الحنيف."