الجمعة 26 إبريل 2024
اقتصاد

رضوان زهرو: نقص الغذاء يعتبر أخطر مشكلة يتعرض لها المغرب  في حاضره و مستقبله

رضوان زهرو: نقص الغذاء يعتبر أخطر مشكلة يتعرض لها المغرب  في حاضره و مستقبله الدكتور رضوان زهرو
لقد كشفت تداعيات كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، أن المغرب ليست له سيادة إقتصادية تهتم بالزراعة والأمن الغذائي الداخلي بعدما كان إلى عهد قريب يصدر منتجات غذائية كاللحوم والتمر وغيرها !!، و كذلك الشأن بالنسبة لتصنيع المواد الأساسية، بحيث بات يعتمد بدرجة أولى على الإستيراد،في هذا الإطار إتصلت" أنفاس بريس"  بالدكتور رضوان زهرو أستاذ الاقتصاد  وأجرت معه الحوار التالي:   
 
ما هي السبل التي يجب أن يقوم بها المغرب للتقليل من تبعيته  للخارج وتحقيق الإكتفاء الذاتي بخصوص المواد الغذائية الواسعة الاستهلاك؟
إن نقص الغذاء في أي مجتمع من المجتمعات، يعتبر من دون شك مشكلة تنموية خطيرة؛ وهي تعظم كلما كان العجز كبيرا؛ هذا العجز على أنواع ثلاثة:
إما عجز في الإنتاج أو عجز في القدرة الشرائية أو عجز فيهما معا؛ وهكذا، يمكن أن نجد بلدانا لا تنتج غذائها أو جميعه، ولكنها تملك القدرة المالية الكافية لشرائه؛ وبلدانا أخرى تنتج غذائها كليا أو جزئيا ولكن تبقى شرائح من المجتمع لا تستطيع الحصول عليه، بسبب ضعف قدرتها الشرائية؛ وصنف ثالث من البلدان، وهي العاجزة تماما عن إنتاج غذائها وعاجزة كذلك عن شرائه من الخارج.وبصرف النظر عن الكثير من المشاكل والأزمات والتحديات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، والتي يعانـي منها المغرب اليوم، فإن نقص الغذاء يعتبر أخطر مشكلة يتعرض لها، في حاضره ومستقبله من دون شكك إذا إستمر الحال كما هو عليه الآن؛ فالمغرب يعتبر بحق منطقة عجز غذائي بإمتيازومشكلته الغذائية تبقى من أبرز مظاهر الأزمة الإقتصادية والإجتماعية وعلامة من علامات فشل الإستراتجيات التنموية المتعاقبة لحد الآن، حيث إن حاجة السكان للغذاء لازالت تنمو سنويا بمعدلات تفوق معدلات زيادة الإنتاج المحلي؛ مما يؤدي إلى زيادة الواردات سنويا وبشكل مذهل؛ كما أن إستمرار الهجرة من القرى  إلى المدن حولت الذين كانوا ذات يوم منتجين زراعيين، أو على الأقل مكتفين بأنفسهم، إلى مستهلكين طوال الوقت؛ كما أن إرتفاع مداخيل الطبقات الوسطى في المناطق الحضرية، علاوة على هؤلاء المهاجرين الجدد الذين لا يزال مطلبهم الأساسي هو الطعام، قد أوجد طلبا شديدا على السلع الغذائية؛ مما أسهم في زيادة حدة المشكلة الغذائية. لذلك، فالمغرب كبلد فقير، يوجد في وضع لا يُحسد عليه؛ فهو مطالب إما بالقبول بالتبعية الإقتصادية للخارج، أو الإعتماد على الذات وشد الأحزمة وتطوير الزراعة، إلى مستوى يمكنه على الأقل من تحقيق إكتفائه الذاتي.
 
كيف يمكن تشجيع الصناعة المغربية الداخلية بل ودعوة وتحسيس المواطنين إلى تثمين هذه الصناعة وتشجيعها عوض التهافت على المنتجات المستوردة .. وكمثال على ذلك برنامج مليون محفظة لماذا لا يشجع المنتوج المحلي من هذه المادة عوض طلبها من الخارج ومن الصين تحديدا، وبالتالي ألا يؤدي هذا المسعى إلى إنعاش المقاولات المغربية العاملة في الجلد ؟.
إن تشجيع  الصناعة المغربية لا  يمكن أن يتم إلا من خلال الإعتماد على الذات، لضمان نمو إقتصادي مستقر ومستدام، وهو ما يعني ضرورة الإعتماد على الموارد المحلية ًو تشجيع إستهلاك المنتوج الوطني، إضافة إلى العمل على جذب الإستثمار الأجنبي المباشر، والإستثمار في مشروعات البنية التحتية الأساسية، والتنوع في البنيةالصناعية، وتغطيتها لمعظم فروع النشاط الصناعي.
وبذلك وحده، يمكن لمكاسب التطور الإقتصادي في بلادنا أن تنعكس إيجابا من جهة على المواطنين، في تحسين حياتهم المعيشية، ومن جهة أخرى على  المقاولة المغربية في إنعاشها وتحسين كفاءتها وتنافسيتها.

ويمر العالم اليوم، من ظرفية إقتصادية دولية خاصة، يطبعها الإضطراب وعدم الإستقرار؛ وذلك بسبب جائحة كوفيد والحرب الروسية الأوكرانية.
وتتمثل هذه الظرفية أساسا في تراجع معدل النمو الإقتصادي العالمي وإنخفاض حجم المبادلات التجارية، وكذا تقلص تدفقات الإستثمارات الأجنبية؛ إضافة إلى إنفلات قبضة التحكم من أيدي البلدان الصناعية، فيما يخص معدلات التضخم، والتي أصبحت تميل إلى الإرتفاع، وما لذلك من تداعيات على القدرة الشرائية للمواطنين،وخاصة ذوي المداخيل الثابتة؛ مما ينذر بأزمات إقتصادية وإجتماعية خطيرة وما قد ينتج عنه من إنعكاسات سلبية، تهدد أمن وإستقرار المجتمع؛ مما يحتم على بلادنا اليوم، التوفر على نظرة إستراتيجية واضحة لآثار وإنعكاسات ما يحدث الآن من تحولات متسارعة جدا، وقراءتها، والتعامل معها بكل موضوعية وجدية ومسؤولية. 

وإذا كان الإنسان هو الرأس المال الحقيقي، متى تم التركيز عليه كثروة وطنية، من إشباع لحاجاته، وحماية لجميع حقوقه، الشخصية والمدنية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية؛ فالدعوة أصبحت اليوم أكثر إلحاحا إلى إعادة النظر في الفلسفة العامة التي تحكم "نموذجنا التنموي" الذي يجب أن لا يبقى إصلاحه رهين التوافقات بين السلطة التنفيذية من جهة، وجماعات الضغط المختلفة من جهة أخرى، بل يجب أن يكون نتاج تفكير عميق ورصين؛ قائم أساسا، على الخبرة والواقعية..