الجمعة 19 إبريل 2024
سياسة

الحروني: الوزير وهبي يريد العودة بالمغرب إلى ما قبل 2011!!

الحروني: الوزير وهبي يريد العودة بالمغرب إلى ما قبل 2011!! عبد اللطيف وهبي والعلمي الحروني
صرح السيد وزير العدل (حزب البام)، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين مؤخرا بما يفيد صراحة نيته العمل على تقنين " منع الجمعيات من وضع الشكايات ضد المنتخبين" وذلك من خلال التعديلات التي سيقدمها " سيادته " ضمن النسخة الجديدة للقانون الجنائي.
وفي محاولة ل" تبريد الطرح "، صرح الناطق الرسمي باسم حكومة أخنوش ( حزب الأحرار) بأن الأمر لا يعدو كونه مجرد فكرة من الافكار!.
وفي كل الأحوال، فإن تصريح وزير العدل يعبر عن الذهنية الجماعية لأغلبية الاحزاب المشكلة للحكومة إن لم يكن هذا توجه حزب الاستقلال أيضا او على الأقل الجناح المشارك في الحكومة (الايام ستؤكد او تنفي الأمر) ونأمل أن يتفكك ذلك التحالف الهجين بخروج حزب علال الفاسي منه لأنه لا يليق به.
لا يمكن النظر لتصريح السيد عبد اللطيف وهبي الحالي على أنه فعل معزول، بل يدخل ضمن توجه تسلطي استراتيجي لمنظومة الاستبداد-الفساد، بدليل قيام الحكومة الحالية بسحب مشروع القانون الجنائي الذي يتضمن تجريم الإثراء غير المشروع من مجلس النواب يوم 8 نونبر 2021،
كما تم سحب مشروع قانون من مجلس النواب يتعلق بتنظيم «الاحتلال المؤقت للملك العمومي للدولة»، وضمنها الأراضي المملوكة للدولة ضمن ما يسمى الملك البحري، أو الأملاك الأخرى في يناير 2022، وتم كذلك سحب مشروع القانون 46/20 الذي يغير ويتمم القانون 33/13 المتعلق باستغلال المناجم دون تبرير.
إن " التصريح المشؤوم" لوزير العدل يدخل في نفس السياق وهو أخطر من سابقيه، وهو قرار تراجعي عن مكتسبات المجتمع المدني والشعب المغربي عموما ويهدف لاستأصال أي حق لمراقبة مدنية مشروعة للمسؤولين منتخبين كانوا او معينين، ومؤشر خطير بعودة التوجه التحكمي للأصولية المخزنية التي ردعتها حركة 20 فبراير المغدورة ردعا، التوجه الذي اختفى ليعود بعد عشر سنوات ليكشر عن أنيابه في شكل سلالة متحورة جديدة افرزتها انتخابات شتنبر 2021 المزورة.
إن تناوب توجهي "التمكين" و "التحكم" وتسلطهما على الشعب المغربي منذ 2011، وهما معا وجهان لعملة واحدة باعتبارهما ينفذان أجندة الوكلاء المحليين للنيوليبرالية الجشعة، هذا التناوب، في اعتقادي، توجه واحد متحالف في عمقه، توجه يُبْقِي وَلا يذَرُ من المكتسبات والحقوق المشروعة للشعب المغربي أي شيء، ويحاول هنا والآن خنق أي صوت مقاوم حر.
لكن هيهات.. هيهات، إن دوام الحال من المحال، فيقظة الجماهير الشعبية ونضالاتها وصمودها ومقاومتها، رغم القمع والمنع، لكل أشكال التسلط والاستبداد السياسي والردة الحقوقية والظلم الاجتماعي سيتقوى عوده وسينتصر في النهاية. تلك قوانين الفيزياء المتسقات من الدينامية الطبيعية:
فلكل فعل رد فعل مساوٍ ومعاكس، وفي النهاية، دائمًا ما يفشل الظالم.
قد يستطع وزير العدل، صاحب الخرجات البهلوانية، ومن وراءه في حماية الفساد والمفسدين بتمرير تعديل القانون الرجعي التحكمي داخل البرلمان لكون تحالف الفساد يتوفر على أغلبية مزورة خاصة وأن المسمات بالمعارضة تفتقد للشجاعة والجرأة للوقوف صفا واحدا ضده. لكن، في المقابل، لن يفلح في خنق أصوات الديناميات المواطناتية المناضلة وسط البرلمان الشعبي الواسع التي هزمت توجهه اللاشعبي واللاديمقراطي سنة 2011.
فأي عدل وأية عدالة يمكن أن يتغنى بها الحاكمون بعد فضيحة التصريح المشؤوم لوزير العدل الذي يكيل بمكيالين؟: القبول بمسائلة المواطنين ومنع مسائلة المنتخبين والمسؤولين المعينين من طبقة الفساد حليفة الاستبداد؟ إنه تجل صارخ من تجليات الصراع الطبقي، حيث الطبقة المخزنية الحاكمة تحمي نفسها من المسائلة والمحاسبة والإفلات من العقاب وتدوس على الطبقة الكادحة وعموم المواطنين بفرض قانونها الرجعي.. قانون الفساد.
فبعد كل هذا، أين المبدأ الدستوري " ربط المسؤولية بالمحاسبة" الذي تحاول ذهنية الاستبداد تسويقة بعد أن فرضه ضغط الشباب العشريني؟
فإذا مرر هذا القرار المشؤوم فلا عظم الله أجر من صوت لهؤلاء القوم الفاسد. والدعوة مشروعة لخلق جبهة تضم ليس فقط، جمعيات المجتمع المدني، بل أيضا الأحزاب الديمقراطية الجادة لأن الأمر يعنيها أيضا، وذلك لحمل الحكومة على التراجع عن قرارها التحكمي الاستبدادي.