الجمعة 29 مارس 2024
فن وثقافة

 محمد الشوبي: أغلب من قدمهم المسؤولون في السنوات الأخيرة هم أساتذة جامعات انتهازيون

 محمد الشوبي: أغلب من قدمهم المسؤولون في السنوات الأخيرة هم أساتذة جامعات انتهازيون الممثل المغربي محمد الشوبي

تعيد جريدتي "أنفاس بريس" و "الوطن الآن" طرح سؤال المثقف ودوره القيادي على مختلف الواجهات وانخراطه في الدفاع عن قضايا المجتمع، يفتح الباب أمام عدة أسئلة مقلقة نتيجة اكتساح واحتلال الميوعة للفضاء العمومي، إلى درجة اعتقادنا بأن ضمير المثقف والمبدع والفنان لم يعد ذاك الضمير الفاعل والمتفاعل مع أحداث وطنه وقضايا مجتمعه، سواء أكانت سياسية أو اقتصادية أو ثقافية واجتماعية. فهل مازال السياسي يستحضر كتابات وتنظيرات رجل الإقتصاد، ويستعين بالباحث المتخصص في علم الاجتماع، وكتابات وتنظيرات المفكر والأديب والمبدع الفنان؟ و هل يمكن تدبير شؤوننا بالإعتماد على التقني لوحده في غياب لأي دور للثقافة ؟

هل العيش ممكن في فضاء خال من المعاني؟ وكيف يمكن خلق شروط الإلهام والأحلام دون الإعتماد على المعاني؟ و من يعطي للقوى الفاعلة في المجتمع طاقة التفاعل والإنتاج سواء للعلامات المعنوية أو المادية ؟ وما هي شروط تجاوز عوائق التنمية وإزالة ألغام الإحتراب المجتمعي التي تولدها الواحدية التي تسعى إخضاع الكل لنمطيتها؟

 

 غياب المثقف عن المشهد الثقافي المغربي فسح المجال للتفاهة والسخافة والميوعة التي أضحت تحتل الفضاء العمومي والمشهد العام، في الوقت الذي كان المثقف هو سند وركيزة المجتمع. ويجعل من كتاباته وفنه في جميع الحقول والأجناس الفنية والأدبية أذاة للترافع عن قضايا الوطن وقيم الجمال. كيف تقرأ هذا الغياب؟ 

للأسف أن الزمن السياسي الذي نعيشه الآن غيب المثقف وغيب الفنان، بل غيب الفاعل الجمعوي الذي كان في سبعينيات القرن الماضي. السياسي قبل ذلك كان يستحضر كتابات وتنظيرات عزيز بلال في الإقتصاد، ومداخلات محمد گسوس في علم الاجتماع، وكتابات وتنظيرات محمد عابد الجابري في الفكر والسياسة، وكانت له أدرع ثقافية تنهل من المجتمع كنخبة قائمة الذات، لتوزع ثقافة النخبة على المجتمع من جديد، بالمفهوم الغرامشي للتفاعل الثقافي والفكري والسياسي للكلمة .

نحن جيل عبر عن آراء كان يؤمن بها. ووصلنا لأجيال لا تعرف معنى الرأي إلا عبر اليوتيوب، قد نتفق أنه جيل العولمة أو جيل الإستهلاك العظيم، لكننا لن نتفق أنه جيل مناضل من أجل حقوقه المشروعة ، ومبادئ القانون التي تحيط به ، بل أن يدافع على رؤية واضحة لمفهوم الوجود والكينونة داخل نسق حياتي .وهذا ما يحز في نفسي كفنان مندمج في قضايا وطني .

أتمنى أن تعود القيادة للتعليم والثقافة والعلم والمعرفة. وأن نحصر السياسة في خدمة الشأن العام وليس في خدمة الريع . العولمة شيطنة الفكر وليست بدرة تقدم للإنسانية .

 

ما هي الأسباب التي جعلت المثقف يغيب عن المشهد الثقافي؟ هل رحم الوطن لم يعد ينتج مثقفين ومفكرين من طينة الأسماء التي ذكرت؟ أم أن المثقف استقطبته مؤسسات الدولة وتخلى عن أدواره الطلائعية في الدفاع عن طبقته؟

 أغلب من قدمهم المسؤولون في السنوات الأخيرة هم أساتذة جامعات انتهازيون. ما دفع بالمثقف العضوي إفراغ الساحة تحت قصف الانتهازية ونيرانها التي تحرق الجيوب، وامتد ذلك إلى الفنون والجسم الإعلامي وكل شيء... حتى بعض الشرفاء تراجعوا وأصبحوا ينتجون في صمت، المثقف يا سادتي بلغ من الظلم والإقصاء عثيا للأسف.