الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

محمد بوبكري: الزعيم في مهب الريح

محمد بوبكري: الزعيم في مهب الريح محمد بوبكري

لما قرأت كتبا تتناول السيرة الذاتية للرئيس العراقي "صدام حسين"، وجدت أن هناك تشابها بينها وبين سيرة زعيم الاتحاد، حيث إن المناورات والتحايلات والانقلابات والاغتيالات السياسية التي قام بها "صدام حسين" من أجل الاستيلاء على "حزب البعث العراقي" هي نفسها التي دبرها زعيم الاتحاد ضد مناضليه من أجل التمكن من السطو على الاتحاد وسرقته من الاتحاديين، وكذا من الشعب المغربي، الأمر الذي يؤكد أن هذا الزعيم مصاب بالاستبداد الشرق أوسطي البدوي القومجي، دون أن يعلم أن هذا النوع من الاستبداد لا يمكن استنباته في التربة المغربية، القادرة فكريا وثقافيا على مقاومة هذا الوباء. وهذا ما يعني أن جذور استبداد زعيم الاتحاد  توجد في السير الذاتية لاستبداد زعماء  احزاب البعث، ما يؤكد أن طموح زعيم الاتحاد يتجاوز بكثير الاستيلاء على الحزب، حيث إنه مستعد لفعل أي شيء، بما في ذلك التحالف مع  الشيطان، من أجل ممارسة استبداده الشرقي على الوطن، ما يقتضي الحذر من هذا الشخص، الذي لا يتوقف عن جمع الاموال الوسخة من الداخل والخارج، حيث يعتقد أنه قادر على تجييش الناس  ليتمكن من الاستقواء بهم من اجل خرق القانون. وللتدليل على ذلك، فإن الذين يهتمون بالشأن الحزبي في المغرب يدركون كل هذه الخروقات، ويتحدثون عنها في مجالسهم الخاصة، حيث إن الرائحة النتنة  لانحرافات وخروقات هذا  الزعيم قد باتت تفوح في جميع أرجاء الوطن، ما جعلها تكاد تزكم أنوف المغاربة في كل مكان...

 

فمن المعلوم أن قانون الأحزاب لا يسمح بإدخال أي تعديل على القانون الأساسي للأحزاب، إلا من قبل المؤتمر الوطني. لكنه يسمح فقط بتعديل القانون الداخلي للأحزاب من قبل مجالسها الوطنية، شريطة أن تكون تعديلات القانون الداخلي منسجمة مع روح القانون الأساسي، الذي هو الأصل.

 

لذلك يبدو واضحا أن زعيم الاتحاد سيفشل في سعيه إلى تحريف القانون الأساسي لهذا الحزب، حيث إنه يعتقد، أن تعديل القانون الأساسي للحزب يدخل ضمن صلاحيات المجلس الوطني. لكن لماذا أقدم الزعيم على هذا الخرق والتحريف؟ ألا يعلم أن ذلك يعد خرقا كبيرا لقانون الأحزاب، الذي يسري على جميع الاحزاب المغربية؟

من الأكيد أن الزعيم يعلم مسبقا أن قانون الأحزاب يتعارض جذريا مع نزعته المستبدة لفرض عهدة ثالثة لصالحه على رأس الحزب، ضدا على القانون والحزب، ومع ذلك، فقد قرر أن يغامر بذلك، بغية النصب على القانون والاتحاديين معا.

 

لكن لماذا يصر على الاستمرار لعهدة ثالثة، رغم ان الأمر يتعلق بخرق سافر لقانون الأحزاب؟ يبدو لي أن الزعيم يروج في محيطه أنه لا توجد أية جهة في البلاد تراهن، اليوم، على الاتحاد، أو غدا، حيث يعتقد ان الاتحاد لم يعد يتوفر على أية شروط ذاتية، ولا موضوعية تمكنه من أن يكون طرفا في المعادلة السياسية راهنا، أو استقبالا. وهذا ما جعل هذا الزعيم يعتقد أن الاتحاد قد فقد أهميته على يده، حيث يمكنه أن  يفعل به ما يشاء، دون أن  تهتم أية جهة بذلك، لأنه يعتقد أن الاتحاد لم تعد له أية أهمية في الوضعية السياسية الحالية بالبلاد. هكذا، فإن هذا الزعيم يعتقد أنه يمتلك طاقية إخفاء تمكنه من ارتكاب الجرائم دون أن ينتبه إليه أحد. ولحسن الحظ، فإن للمغرب رب يحميه، منحه عيونا وآذانا تراقب مخالفي القانون، حماية لحقوق المواطن المغربي...

 

وإذا كان معلوما أن هذا الزعيم قد حول الاتحاد الاشتراكي إلى مزرعة خاصة به، حيث إنه قام بإفراغه من مناضليه ومؤسسيه، وعوضهم بوافدين جدد احتطبهم في غابة الانتخابات بوسائل قذرة تنهض على خرق القانون، ما يفيد أن وجود هؤلاء الوافدين في الحزب ليس قانونيا، لأن الزعيم أغرق الحزب بهم للسطو عليه، فصار بذلك أكبر مستبد حزبي في المغرب، نتاجا عن تأثير محيط منافق يشجع الزعيم على أن يصير مستبدا… وهذا ما يجعله يرفض بناء المؤسسات التي تعمل على أساس المبادئ والقيَّم والمشاريع الديمقراطية في كل المجالات، لأنه مُصاب بداء التسلط والتهافت على مراكمة الثروات...

 

ونظرا لأن هذا الزعيم متشبث ببقائه على رأس الاتحاد، فإنه مستعد لركوب أية مغامرة من أجل ذلك، والحال أن القانون يتعارض مع طموحه المقرف هذا، الأمر الذي لا يريد الزعيم أن يفهمه، ما جعله يدفع بأزلامه للقيام بتصريحات يعلنون فيها تشبثهم ومطالبتهم بعهدة  ثالثة لصالح هذا الشخص، الذي لا يحترم الأحياء، ولا الأموات.. وإذا  القانون يتعارض مع نزعته السلطوية التحكمية، فإنه لا يزال مستمرا في التعبير عن رفضه للقانون، بشتى الأساليب. ونظرا لقيام هذا الزعيم بنشر صور بعض  أزلامه، مرفوقة بتصريحات تدافع عن عهدة ثالثة لصالحه، علما أن الزعيم يفعل ذلك، دون إرادة أزلامه، الذين يتبرؤون مما يقوم بنشره باسمهم. لكن لما ذا يقوم الزعيم بالتشبث بعهدة ثالثة، رغم أن ذلك يتعارض مع قانون الأحزاب؟ ألا يعني ذلك أن هذا الزعيم يسعى من وراء ذلك إلى المزايدة على القانون وابتزاز الدولة؟ ألا يشكل ذلك تحديا للسلطة؟ ألا يعد ذلك استهتارا بالاتحادين واحتقارا لهم؟...

 

فضلا عن ذلك، فإذا كان هذا الزعيم يعلم جيدا أنه لن يتمكن من تحقيق طموحه التسلطي، فإنه يخاف أن تبدو باكرا بوادر فشله، لآنه يدرك  جيدا، قبل غيره، ان أتباعه سينفضون من حوله، وهو لا يريد أن يصبح معزولا، حيث أنفق أموالا طائلة لكسب أتباعه إلى جانبه، وهو يعلم انهم سيبيعونه غدا كما أشتراهم بالأمس. وتلك هي مأساته، التي لا يستطيع تحمل عواقبها الثقيلة...

 

خلاصة القول، إن هذا الزعيم يوجد في حيرة من امره، لأنه يدرك جيدا أن سيفشل في مواجهة القانون، ما جعله يعيش كـ "عود ثقاب مشتعل  في مهب الريح"، وبئس المصير!!…