الجمعة 19 إبريل 2024
مجتمع

في الذكرى الأربعينية لوفاته..عبد الإله الحسنين يعدد مناقب الراحل المذكوري

في الذكرى الأربعينية لوفاته..عبد الإله الحسنين يعدد مناقب الراحل المذكوري عبد الإله الحسنين، والراحل فؤاد المذكوري(يسارا)
ماذا عساني أقول في أربعينيتك فقيدنا الغالي
أي كلمات تسعفني أيها الفؤاد لأرثيك أيها الفؤاد، أيها الإنسان الطيب الخلوق الذي أحبه الجميع، صديق الجميع، محبوب الجميع يمينهم ويسارهم، قمتهم وقاعدتهم.
أخي فؤاد المذكوري نم قرير العين فأحبابك هنا مجتمعون بكل الصفات والواجبات وقلوبهم مفجوعة في رحيلك .يدعون لك بالرحمة والمغفرة ولعائلتك وأصدقائك بالصبر والسلوان.
لقد كنت دائما الحاضر المستمع إلى هموم الجميع، لكل أصدقاؤك ورفاقك ليس فقط داخل حركة الطفولة الشعبية التي حببت فيها الكثير من الشباب وأحببتها حتى النخاع وخدمتها على طول سنوات نضالك التربوي والجمعوي دون كلل ولا ملل، وكنت سندها في السراء والضراء بل في عملك وحيك ووسط الأحبة والأقرباء، والقادمين إلى منزل الوالدين من كل أنحاء المغرب، ووظفت كل علاقاتك الاجتماعية والحزبية والثقافية والمهنية لخدمة الطفولة الشعبية وقضاياها بالمغرب وعبر العالم العربي من خلال نسجك لعلاقات ثقافية وتربوية مع مختلف السفارات العربية والغربية على حد سواء وصداقات مع الكتاب والفنانين على اختلاف مجالات عملهم وإبداعهم.
لقد كنت الكريم المستجاب إذا ناديناك والرفيق الملتزم إذا سألناك والمرافق الخدوم إذا احتجناك والسند بدون شروط كلما تمكنت من ذلك، وحتى دون علمنا، وكنت المساعد الاجتماعي إلى جانب العمال والموظفين الذين كانوا يشتغلون إلى جانبك ولم تقبل أبدا أن يكونوا تحت إمرتك كما كان شأن العديد من المديرين بل وأقل من المديرين. ولا غرابة في ذلك فأنت ابن آل المذكوري بكل ما عرفنا منهم وعنهم من استقبال وشهامة وكرم ونضال وأخلاق وبيت مفتوح للجميع، والابن البار للمرحوم الطيبي بنعمر الذي كان يعتبرك صديقا وابنا وكنت تعتبره أبا روحيا لما لمست فيه من خصال حميدة وتعلمت منه من قيم إنسانية عالية وتربيت عنه من قواعد النزاهة والمسؤولية وجودة الخدمات.
أيها المرحوم العزيز.
أتذكر حين سافرت أيها الفؤاد إلى فرنسا أواسط الثمانينات أو نهايتها لم أعد أتذكر، كنت قاطنا حينها بمدينة باريس كطالب بالجامعة الفرنسية، وقضينا أيام إجازتك ونحن نتحاور ونتناقش حول الطفولة الشعبية، ومن بين القضايا التي كانت تقض مضجعك حينها مشروع انتقال الطفولة الشعبية من جمعية هاوية إلى مؤسسة لتربية الطفولة المغربية، انطلاقا من التجارب التي عشتها وأنت طالبا بالشرق العربي، فأسست لصحافة وأدب الطفل من خلال شعبة التوثيق التربوي وما جلبته من مجلات عربية للطفولة والشباب أو حولهما، كما ربطت علاقات مع الجمعيات الأهلية بالمشرق وجمعيات الرعاية التربوية بدول شمال إفريقيا، بل ضل الهاجس قائما إلى أن عدت للمغرب وأسسنا معا بمعية بعض الإخوان مجلة للأطفال تحت اسم وصلة أصدرنا منها خمسة أعداد، كما أن ملحق الطفولة بجريدة الاتحاد الاشتراكي تشهد الأعداد الأولى التي صدرت منه على حبك للطفولة قضية وحركة تربوية..
لقد كنا نحمل هم التوثيق والذاكرة من خلال أحاديثنا حول شعبة التوثيق التربوي وما يمكننا عمله للحفاظ على ذاكرتنا وتاريخنا من خلال جمع الوثائق الأدبية وأشغال المؤتمرات التنظيمية وما تكتبه الصحافة من قصاصات وتقارير حول الطفولة المغربية، وكنت سندنا بعد ذلك في تجربة تأسيس المرصد الوطني لشؤون الطفولة التجربة الوحيدة التي عرفها المغرب المعاصر على مستوى جمعيات المجتمع المدني.
أخي فؤاد رحمة الله عليك، لو كنت إلى جانبنا اليوم في هذه الظروف العصيبة التي نمر منها كحركة الطفولة الشعبية ويمر منها بلدنا المغرب؛ لما ركنت إلى الهدوء الجسدي ولما استمتعت بالسكينة الروحية، لأننا عرفناك ورافقناك في معارك عدة تهم الطفولة والشباب صحافة وتربية وتخييما ونضالا سياسيا وعملا مجتمعيا وفعلا جمعويا، كنت دائما بدينامية عالية وفعالية ناجعة وناجحة تتحرك باستمرار للعمل والعطاء وتنسج علاقات طيبة مع المجتمع بكل أصنافه وأطيافه.
أخي فؤاد، لو كنت معنا اليوم والطفولة الشعبية في أزهى حللها بعد مرور حوالي 66 سنة؛ لسهلت علينا الكثير من المهام والأشغال والبرامج، فقد كان تواصلك مع الجميع أفرادا وفروعا بحنكة وبسلالة وحكمة وتبصر، القناة التي يمر منها العمل الجماعي لحركتنا ويعبد الطريق للعديد من البرامج التي رسمت بذكائك ملامحها الكبرى والمشاريع التي خططت أهدافها الرئيسية وضلت إلى يومنا تتحدث عنك ونتذكرك بها ومن خلالها في كل وقت وحين.

وأختم بتدوينة صديقنا الأخ مصطفى لعراقي: وداعا ابن الطفولة الشعبية الذي ضخ في العمل التربوي دينامية استمرت لعقود، فهو المجدد لأساليب التواصل، المبدع في أدوات التنشيط، هو رحابة الصدر التي ما ضاقت يوما..
وداعا أخي فؤاد الذي بصم الطفولة الشعبية بحيوية التطوع ونكران الذات، الذي جعل من بيت العائلة وآل المذكوري الدعم والسند لأنشطة حركة ظل وفيا لها..