الجمعة 29 مارس 2024
فن وثقافة

مذكرات امحمد التوزاني: تفاصيل الانقلاب ضد الرئيس السوري الراحل أمين الحافظ بزعامة الأتاسي (الحلقة12 )

مذكرات امحمد التوزاني: تفاصيل الانقلاب ضد الرئيس السوري الراحل أمين الحافظ بزعامة الأتاسي (الحلقة12 ) امحمد التوزاني أثناء فترة تكوينه بالكلية الحربية بسوريا (يمينا)، ;حافظ الأسد؛ الرئيس السوري الراحل، ونور الدين الأتاسي؛ الرئيس السوري الأسبق

المناضل امحمد التوزاني.. سليل حركة التحرر المغاربية والعربية من مواليد سنة 1938 بتازة، حمل في المنفى 13 اسما حركيا، من بينه خالد (بتسكين اللام) وحسن..صديق الروائي والقاص والصحفي الفسلطيني غسان كنفاني ورفيق درب المناضل الاتحادي المرحوم الفقيه البصري. ناضل بمعية وتحت قيادة الشهيد المهدي بنبركة وعبد الرحمان اليوسفي ومحمد باهي، وغيرهم..

التحق بالاتحاد الوطني للقوات الشعبية في مرحلة التأسيس وتكلف ضمن اللجنة التنظيمية للمؤتمر بالجانب التنظيمي واللوجستيكي إلى جانب المرحوم مصطفى القرشاوي وفاضل الناصري وأحمد الخراص.

التقى أول مرة بالشهيد المهدي بنبركة عام 1962 حين كلف بمهمة استقباله بفاس والذهاب به إلى تاهلة ليؤطر تجمعا جماهيريا كان قد هيأ له الفرع الحزبي هناك.

ساهم في تأسيس حركة الاختيار الثوري بعد انتقاله إلى باريس إلى جانب عبد الغني بوستة السرايري وأحمد الطالبي المسعودي رغم كفره بمغامرات قائده ومثله الأعلى محمد الفقيه البصري..

"أنفاس بريس" تنشر مذكرات المناضل امحمد التوزاني، والتي تسلط الضوء على حقبة مهمة من تاريخ المغرب السياسي...

 

الأستاذ امحمد التوزاني، ماذا عن تفاصيل زيارة الرئيس السوري السابق أمين الحافظ إلى المغرب والانقلاب عليه بعد عودته بمدة قصيرة؟

كما قلت لك كنا بالكلية الحربية بحمص لا يسمح لنا بمشاهدة التلفزيون إلا إذا كانت أخبار مهمة ولمدة نصف ساعة فقط من الثامنة والنصف إلى التاسعة.

ففي إحدى الليالي بيناير 1965 نادت علينا الإدارة لسماع خطاب الرئيس أمين الحافظ. ولما قال ما قال حاول الضابط البعثي غسان اللاذقاني استفزازي بأسئلة استنكارية عن زيارة أمين الحافظ إلى المغرب فقلت له أن بنسودة سفير المغرب بلبنان آنذاك والذي أصبح فيما بعد مستشارا للملك الراحل الحسن الثاني لما استقبل أمين الحافظ هو ومساعديه أقاموا له ضيافة استثنائية قدموا له ما لذ وطاب من مأكولات مغربية شهية ك " البسطيلة " وغيرها، وقد عملوا على تغيير تقييمات الرجل وعاد من المغرب وهو معجب بالبلد وملكه وبشكل تنظيم الحرس الملكي.

وأين يتجلى التغيير الذي حصل لدى أمين الحافظ بعد زيارته للمغرب ؟

لما عاد المرحوم أمين الحافظ من المغرب مدح الملك الحسن الثاني في كلمته التي تحدثنا عنها ولأنه أعجب بفخامة المواكب الملكية، فقد قام بالمناداة على اللواء عمران الذي كان سفيرا لسوريا بإسبانيا من أجل تأسيس حرس جمهوري شبيه بما رآه لدى ملك المغرب، وبعد مدة قصيرة من ذلك فوجئ بانقلاب ضده يوم 22 فبراير من سنة 1965 والحقيقة أنه كان شجاعا في مقاومة مهاجميه بالقصر لساعات طويلة إلى أن نفذت ذخيرته، وهي المعركة التي جرحت فيها ابنته الصبية.

وماذا عن نتيجة الانقلاب ؟

نتيجة الانقلاب هي صعود القيادة القطرية إلى واجهة الحكم بالبلاد وإزاحة القيادة القومية، حيث أصبح الدكتور نورالدين الأتاسي رئيسا للدولة - وهو تركماني - وحافظ الأسد وزيرا للدفاع والدكتور يوسف زعين رئيسا للوزراء والدكتور ماخوس وزيرا للخارجية. والدكاترة الثلاث كانوا بجبهة التحرير الجزائرية، وقد كان هناك اتفاق للقيادة القطرية آنذاك أن كل من أراد أن يكون بالقيادة المدنية في الدولة أو الحزب عليه أن يتخلى عن رتبته وصفته العسكرية، ولذلك تخلى صلاح الجديد عن مهامه العسكرية ليكون في القيادة الحزبية وهذا ما رفضه حافظ الأسد واستلم مهمة تجمع بينهما أي وزير الدفاع.

وللإشارة فقد كان الرائد حاطوم مديرنا بالكلية من المشاركين في الانقلاب وهو أيضا كردي، ومن صفاته أنه عسكري قاسي وصعب وقامته قصيرة وجسمه مكتنز، وكلها صفات توجد في الرائد الانقلابي المغربي اعبابو مدير كلية الضباط بأهرمومو.

السي امحمد غادرت المغرب سنة 1963 ولم يكن لك أي اتصال بعائلتك إلا سنة 1965، كيف حصل الاتصال؟

لقد علمت أسرتي من خلال الحزب -الاتحاد الوطني للقوات الشعبية - أنني أتواجد بسوريا و ليس العراق، و قد جاء أخي المرحوم محمد التوزاني واتصل بأعضاء الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بدمشق سائلا عني فأخبروه أنني أتنقل من حمص إلى دمشق كل يوم خميس. فانتظرني والتقيته بمقر الاتحاد وذهبنا لوحدنا إلى أحد المطاعم وخضنا في حديث طويل عن العائلة وعما مر به لما غادرت البلد.

ماذا قال لك بالضبط ؟

قال لي انه لما تم إطلاق سراحهم من معتقل دار المقري السيء الذكر، حاول مجموعة من الطلبة الهروب من المغرب عبر طنجة و في نيتهم الوصول الى مقر الاتحاد العالمي للطلاب ليكون وسيطا لهم من أجل إتمام دراستهم بأوروبا الشرقية، و كان من ضمن هؤلاء الطلبة بالإضافة إلى أخي محمد، أحمد الحلوي ومحمد الفاروقي وأحمد الريح، و عند وصولهم إلى طنجة تم اعتقالهم من طرف البوليس المغربي واقتادوهوم إلى كلية اهرمومو العسكرية التي كان يديرها الرائد محمد اعبابو، و كان الهدف من الذهاب بهم إلى اهرمومو هو غسل دماغهم من كل سياسة وفكر يجعلهم معارضين لنظام بلدهم، ويقال أن صاحب الفكرة هو الجنرال/ اللواء ادريس بن عمر.

كما حكى لي أخي أنهم كانوا بأهرمومو يتلقون التداريب الشاقة من طرف ضباط الصف ومنهم عقا، لكن الرائد اعبابو لما لاحظ ذلك نهر الضباط المشرفين على تدريبهم، وذكر لهم أنهم يدربون أناس أبناء عائلات محترمة، ويجب معاملتهم بما يليق من كرامة وإنسانية ومنذ ذلك اليوم تم التخفيف من عذاب التداريب وأصبحوا يعاملون معاملة بها الكثير الإحترام وحفظ الكرامة.

ومما حكاه لي أخي ونحن بذاك المطعم بدمشق سنة 1965 أنه كان بمعتقل دار المقري وكان معهم الطالب حميد برادة الذي سبق له أن ترأس الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وفي أحد الأيام طلب مقابلة الكولونيل أوفقير قائلا أريد مقابلة مون كولونيل وفي الغد أتى أحد " الحجاج " قائلا من منكم طلب مقابلة الكولونيل أوفقير؟

أجاب: أنا حميد

وبذلك عرف الطلبة من يكون طالب اللقاء مع أوفقير رغم أن عيون الجميع كانت مغطاة بعصابة، وبعد مدة قصيرة ظهر حميد برادة بالجزائر.

السي امحمد من المعروف عنك في سنوات الدراسة بسوريا أنك كنت تجالس الصحفي المعروف المرحوم محمد باهي

هلا حدثتنا عن الأمر؟

نعم كان الصحفي البارز، القيادي بالاتحاد الوطني للقوات الشعبية يستضيفنا في بعض أيام الخميس ليلا بدمشق في عشاء وسمر ثقافي وفكري أنا وصديقي الموريتاني سعيد الداي، وكان يحاسبنا متى عرف اننا ذهبنا إلى دمشق دون مسامرته.

في تلك المساءات الخميسية كان يحبط به ألمع المثقفين العرب كالشاعر سليمان العيسي وجورج طرابلشي ومعين بسيسو وغيرهم ممن أتيحت لنا فرصة مجالستهم عن طريق المرحوم باهي من دكاترة وصحفيين وغيرهم.

لو سمحت ماذا تعرف عن المرحوم محمد باهي غير الذي يعرفه عنه العموم كصحفي مقتدر؟

ما أعرفه عن الرجل العظيم محمد باهي أنه وطني كبير ورجل كريم و بسيط ومتواضع، و كان دائما يجلس القرفصاء فوق حصير والكتب تحيط به من كل جانب، و بقربه كأس قهوة دمشقية ومطفأة وعلبة سجائر سوداء فرنسية النوع. لقد كان صحراويا حقيقيا.

وقد كانت مقالات محمد باهي تنشر بجريدة البعث و تذاع بالإذاعة والتلفزيون، وحسب ما أعلم إن شعار " بترول العرب للعرب " هو من نحته.

الأستاذ امحمد التوزاني، ماذا بعد سنتين من الدراسة بالكلية الحربية بسوريا؟

تخرجت من الكلية الحربية بحمص برتبة ملازم ثاني ( سول يوطنو )، وذلك في يونيو 1966.

بعد التخرج أرسلت رسالة إلى صلاح الجديد المسؤول بالقيادة القطرية أطلب منه أن اتمم دراستي العسكرية بألمانيا الشرقية، وقد قمنا بهذه المبادرة انا وصديقي الموريتاني سعيد الداي وكان ذلك بإيعاز من صديقنا وأستاذنا المرحوم محمد باهي، فجاءتنا الموافقة.