السبت 20 إبريل 2024
سياسة

بنطلحة الدكالي: المغرب ليس بالحديقة الخلفية لأوروبا

بنطلحة الدكالي: المغرب ليس بالحديقة الخلفية لأوروبا محمد بنطلحة الدكالي مدير المركز الوطني للدراسات والابحاث حول الصحراء
 لعل اللافت في السياسة الخارجية المغربية اليوم. هو انتقالها  من أسلوب الدفاع الذي دأبت على نهجه طيلة سنواتٍ كثيرة إلى أسلوب مغاير وسياسة خارجية ذات طابع هجومي في إطار الدفاع  عن الصحراء المغربية القضية الوطنية الأولى. وهي سياسة ما زالت  تتتج ردود أفعال قوية شدت إليها  أنظار العديد من المراقبين والمحللين وخاصة تجاه بعض بلدان الاتحاد الأوروبي (ألمانيا، وإسبانيا، وفرنسا )،  كما أن هذا التحول الجذري في السياسة الخارجية للمملكة يرجعه المحللون أساساً إلى ارتكاز الرباط على القرار التاريخي باعترافِ الإدارة الأمريكية، بسيادة المغرب على الصحراء المغربية.
 
 في هذا الإطار ؛في تصريح اعلامي أكد  الدكتور محمد بنطلحة الدكالي، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بمراكش، المعين حديثا  مديرا للمركز الوطني للدراسات والأبحاث حول الصحراء على أن السياسة المغربية حازمة تعتمد على إعادة ترتيب الأوراق وفق ما تقتضيه المصلحة الوطنية وعلى أوروبا مراعاة هذا التوجه؛  فإذا كانت الدبلوماسية المغربية قد  عانت طيلة سنوات عديدة من التبعية لحلفاء تقليديين (فرنسا، إسبانيا.. الخ)،  بفعل  تخاذل هذه الدول خاصة حيال ملف نزاع الصحراء ؛فإن ذلك دفع صانعي القرار بالمغرب إلى تبني منهجية براغماتية تُقاطع الولاء للتحالفات التقليدية، وتجعل معيار المصلحة ضابطا للسياسة الخارجية. ويؤكد الدكالي، أن هذا التوجه الجديد للدبلوماسية المغربية شكَّل صدمة غير متوقعة للدول التي كانت تتعامل مع المغرب كأنه حديقتها الخلفية، واشتدتِ الصدمة بالاعتراف التاريخي للإدارة الأمريكية في عهد دونالد ترامب بالسيادة المغربية على الصحراء، إذ تم تسجيل الاعتراف الأمريكي وثيقة رسمية من وثائق مجلس الأمن الدولي وهكذا عرض بنطلحة الدكالي  تطور هذه  العلاقات  كالتالي: 
 
أولا: فيما يتعلق  بالمواجهة المغربية الألمانية، أوضح الدكالي  إن المغرب اعتبر دعوة ألمانيا مجلس الأمن الدولي للبحث في الاعتراف الأمريكي بسيادة المملكة على الصحراء بكونه موقفاً عدائياً، تسبب بعد ذلك في استدعاء المغرب سفيرته ببرلين للتشاور.
وإنه “بدل أن توطد ألمانيا علاقاتها مع المغرب وتستفيد من خبراته الأمنية وتجربته في محاربة الإرهاب، فإنها استضافت ووفرت الظروف الملائمة لبعض الإرهابيين للتحريض على ارتكاب أعمال إرهابية في المغرب، من قبيل المدعو محمد حجيب الذي قضى سنوات في السجون المغربية على ذمة قانون محاربة الإرهاب، قبل أن يستقر بعد خروجه من السجن في ألمانيا”. ولاحظ الدكالي أن ألمانيا تروم ابتزاز المغرب ومقايضته على خلفية ملفاتٍ اقتصادية بالأساس، ذلك أن ألمانيا لم تعد حاضرة في الأسواق المغربية بما يوازي قوتها الاقتصادية، وبالمقابل رفض المغرب هذا الشكل من الابتزاز والمساومة على مصالحه العليا متمثلة في صحرائه.
 
ثانيا: أما العلاقات المغربية الإسبانية، فيراها المتحدث قد مرت تاريخياً من عدة مطبات وعقبات، بدءاً من الوجود العربي في الأندلس، وما رافق ذلك من حضور مغربي قوي جسدته معركة الزلاقة التي ما تزال جرحاً غائراً في الذاكرة الإسبانية، ومروراً باحتلال إسبانيا لمناطق مغربية في الشمال والجنوب، ووصولاً إلى استقلال المغرب واحتفاظ الإسبان بمدينتي مليلية وسبتة في الشمال.
"هذه الأحداث جعلت علاقات البلدين تعرف باستمرار مداً وجزراً، وعلاقة الصداقة بين الطرفين ظلت دوماً حذرة، فإسبانيا لم تتحرر من عقدة التوجس وأسر التاريخ وعقدة الجغرافيا، وهي تنظر إلى المغرب كجار مزعج لا تريد أن يكون المغرب قوة اقتصادية إقليمية ودولية، رغم عدم تصريح مدريد بذلك”،  وذكر  محمد بن طلحة الدكالي  بانه في يناير من 2020 اثر قرار المغرب ترسيم حدوده البحرية في إطار القانون الدولي كان أحد مسببات التوجس الإسباني، مما خلق أزمة صامتة بين البلدين، وزاد الطين بلة الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء، وهو ما أربك حسابات الإسبان، وشكل تحولاً مهماً على مستوى التوازنات الجيوسياسية".
ودعا المحلل المغربي الدكالي  إسبانيا إلى إدراك أن موازين القوى الإقليمية بدأت تتغير، وأن دبلوماسية مدريد مطالبة بالركون  إلى الواقعية، واستحضار الجهود المغربية في الحد من الهجرة غير الشرعية إلى الأراضي الإسبانية، وجهوده أيضاً في محاربة الإرهاب الدولي، وإرساء الأمن الإقليمي.
 
ثالثا: وبخصوص العلاقات مع فرنسا، يقول المحلل السياسي  المغربي إن باريس تفاعلت مع الخطوة الأمريكية بشكل محتشم، وبأنها لا تزال تنظر بعدم الرضا إلى خطوات المغرب بتنويع شركائه السياسيين والاقتصاديين والتقليل من تبعيته الاقتصادية والسياسية لها.
ليختم الدكالي بالقول إن “المغرب ثبت أقدامه في إفريقيا جنوب الصحراء كأحد الشركاء البارزين مع تلك الدول، وهو ما لم يعجب المستثمرين، وصانعي القرار الاقتصادي والسياسي. في فرنسا.