الأربعاء 24 إبريل 2024
فن وثقافة

الكاتب المغربي مبارك ربيع: لم أكتب رواياتي للسينما بل كتبتها لكي تقرأ والنقد الأدبي عندنا قاصر ومقصر ..

الكاتب المغربي مبارك ربيع: لم أكتب رواياتي للسينما بل كتبتها لكي تقرأ والنقد الأدبي عندنا قاصر ومقصر .. الكاتب المغربي مبارك ربيع، و الزميل عبدالاله التهاني
استمرارا لحلقاته الحوارية، استضاف برنامج "مدارات" الكاتب الروائي والقصصي الكبير مبارك ربيع، في حديث أدبي وفكري شامل، لإضاءة جوانب من مسيرته الأدبية والأكاديمية الحافلة، باعتباره " ظل يشغل على امتداد أزيد من نصف قرن، مكانة مهمة ومميزة  في الساحة الأدبية المغربية والعربية، وتميز كأحد أبرز مبدعي الأدب الروائي والقصصي، حيث راكم فيه إنتاجا وفيرا، اتسم بالتنوع والعمق والإمتاع، كما بالجودة والتميز في الكتابة"، وفق الورقة التقديمية للزميل عبدالاله التهاني، معد ومقدم البرنامج، مضيفا بأن النصوص القصصية والروائية للكاتب  مبارك ربيع، عكست  صورا ومشاهد وحالات، من حياة الانسان والمجتمع في المغرب الحديث ، مبرزا أنه موازاة مع مساره الأدبي الحافل، عرف الدكتور  مبارك ربيع  
وجها بارزا  للنخبة الطليعية ، التي رسخت إشعاع الدرس الجامعي المغربي، في مجال العلوم الإنسانية .
وأشار الزميل عبدالاله التهاني، إلى أنه علاوة على غزارة الانتاج الروائي والقصصي للاديب المغربي مبارك ربيع ، والذي تجاوز عشرين إصدارا ، إلا أنه عرف أيضا بكتاباته في مجال الدراسات النفسية والتربوية ، وكذا بإبداعاته القصصية الموجهة للأطفال" .
واستعرض معد ومقدم البرنامج أضمومة إصدرات مبارك ربيع ، في مجال كتابة القصة : (  سيدنا قدر - دم ودخان- رحلة الحب والحصاد - البلوري المكسور/ من غرب لشرق/ الصورة والقفص ) وكذا أعماله الروائية : (الطيبون/ رفقة السلاح والقمر/ بدر زمانه/ برج السعود/ من جبالنا/  ثم ثلاثية درب السلطان ، وهي "نور الطلبة" و "ظل الأحباس" و "نزهة البلدية"/  خيط الروح/ طوق اليمام/ غرب المتوسط/ ثم روايته الأخيرة  "أحمر أسود " ) .
كما أشار إلى ما أنجزه مبارك ربيع في مجال الدراسات النفسية ، ولاسيما كتابه : "عواطف الطفل: دراسة في الطفولة والتنشئة الاجتماعية و كتابه: "مخاوف الأطفال وعلاقتها بالوسط الاجتماعي"،  لينتقل إلى ذكر عناوين كتبه الموجهة للأطفال (.أحلام الفتى السعيد/  ميساء ذات الشعر الذهبي/ بطل لا كغيره/ طريق الحرية/ مدينة صغيرة ) .
وفي حديثه عن بداياته الأدبية، أوضح مبارك ربيع أنه لم يخطط ليكون كاتبا، وأنه أصبح كاتبا ربما لأنه لا يصلح لشيء آخر ، مستحضرا بعض ذكرياته عن هذه المرحلة ، ومنها حضوره للجلسات الادبية  للكاتب المصري الكبير الدكتور طه حسين، خلال زيارته للمغرب ، بما فيها بعض الجلسات الخاصة التي كانت له مع أعيان مدينة الدارالبيضاء ، وكيف أن ذلك الحدث بالنسبة إليه ،  كان حلما ، وتحقق .
وروى ضيف برنامج  "مدارات". 
كيف بدأ يميل إلى كتابة الشعر، مدفوعا بتأثره بالشعر المهجري، قبل أن يقتحم عالم الكتابة القصصية سنة 1960،  حيث نشر  أول قصة له في جريدة "التحرير" . 
وجوابا عن سؤال يتعلق بانتقاله وتحوله، من كتابة القصة القصيرة  إلى التأليف الروائي ، أوضح الكاتب مبارك ربيع بأنه ليس هناك أي تحول، وأنه كان يكتب القصة والراوية في وقت واحد ، شارحا    أنه كان من الصعب ، في فترة الستينيات من القرن الماضي، أن تصل إلى القارئ، مبرزا  أن "وظيفة القصة القصيرة،  ليست هي وظيفة الرواية. 
وعن سؤال  يتعلق بأثر  الدارالبيضاء  في وعيه الادبي، كما هو الشأن في ثلاثيته الروائية (درب السلطان) ، وصف مبارك ربيع روايته هذه ،  بأنها ثلاثية المغرب، وأن درب السلطان نفسه، هو صورة للمملكة المغربية، تجد فيه كل ذلك المزيج والتفاعل والخليط" .
 وفي سياق آخر من الحوار ، اعتبر  مبارك ربيع ، بأن الأدب هو أن تأخذ من كل شيء طرفا ، وأن يكون لك شيء من معارف عصرك المختلفة، وأنه قبل أن تتبلور كاتبا، ينبغي أن تكون مثقفا ، وملما ومتشبعا بثقافة عصرك .
وردا على سؤال يتعلق بمدى استفادته  ككاتب من علم النفس، الذي تخصص فيه، أوضح مبارك ربيع أن الناقد الراحل  جورج طرابشي، كان قد اهتم برؤيته ،  وهو الذي كان يمارس التحليل النفسي في الأدب تحليلا عميقا، حيث أصدر وكتب دراسة طويلة عن روايته (بدر زمانه) ، مشددا على أنه كتب هذه  الرواية،  قبل  يتخصص في علم النفس.
وعن مدى مواكبة النقد الادبي لتجربته الروائية والقصصية ، ومقاربته لها بالقدر المطلوب والمنصف ، قال الكاتب مبارك ربيع  بأن "الناقد أو المتلقي عندما يلج عالم الإبداع، يكون له منظور خاص، وفرضيات يبحث عنها، بحيث يكتشف وينير مصباحه حسب رؤيته". واعتبر أن قراءة النقد هي مسألة ممتعة، وهي كتابة جديدة، تحس أن الناقد يكتشف.
وعن الكتابات النقدية التي تناولت أعماله، أوضح بأن هناك بعض الإشارات ترد أحيانا، وهناك محاولة من البعض للوقوف عند الكتابات الأولى ، وكأن الكتابة المتأخرة هي أحسن من الأولى، وأن هناك تدرجا ، ليوضح بأن "الفن لا يخضع لهذه التعاقبات، وأن الذائقة الأدبية هي التماهي مع النص لاكتشافه". وخلص إلى القول  بأن النقد الادبي مقصر، بل قاصر و قصير، ولا يتابع.
ووصف مبارك ربيع المبدع، بأنه "مستقل، وهو مشرع القيم الأدبية والفنية، لأن القيمة الجمالية يخلقها المبدع، والناقد يكتشفها، ويجب على الناقد أن يتعامل مع النص مباشرة، عوض اللجوء إلى إسقاط المفاهيم على النص" .
وبخصوص إدراج أعماله الأدبية في المناهج والمقررات الدراسية، أوضح الكاتب مبارك ربيع وهو يتحدث في برنامج "مدارات " على أمواج الاذاعة الوطنية ، بأن شعوره كان مفاجئا بعض الشيء، حين تلقى رسالة من وزارة التربية الوطنية ، تخبره بأنه وقع الاختيار على روايته ( الطيبون)، لتكون ضمن المقررات الدراسية للتعليم  الثانوي، لأن المألوف الذي كان سائدا  قبل ذلك ، هو برمجة روايات مشرقية ، مع العلم أن روايته " الطيبون" ،كانت قد فازت بجائزة الرواية العربية، ثم تلتها بعد لك رواية "الريح الشتوية" .
 وبهذا الخصوص ، حرص مبارك ربيع على التأكيد ،  أنه  لم يسع  مطلقا بأي مسعى، لكي تكون هذه الرواية مقررة ، دراسيا".
وعن أوجه الالتقاء والتمايز بينه وبين الكاتب الروائي الراحل  عبد الكريم غلاب،  قال عن هذا الاخير، بأنه يمثل قيمة أدبية رفيعة، بشخصيته الوطنية وخصاله الإنسانية، وأنه اشتغل إلى جانبه في اتحاد كتاب المغرب ، ويقرأ له بتقدير ، لكن مبارك ربيع  شدد على أنهما يمثلان مدرستين مختلفتين، في الرؤية والتصور ، مبرزا أن ثقافة الراحل عبدالكريم غلاب ، مغربية مشرقية ، بينما ثقافته هو مغربية خالصة. 
وكشف مبارك  ربيع في لحظة أخرى من لحظات هذا اللقاء الاذاعي، عن السر في عدم انتقال أعماله الروائية إلى السينما ، موضحا أن الامر يرجع إلى مهنية السينمائيين، مقارنا في هذا السياق بين " الناشر الذي  يطبع الكتاب، ويوزعه، ويبيعه أيضا  بالتقسيط" ، وبين  رجل السينما، الذي يريد أن يكون في نفس الوقت، هو المخرج  والمنتج وصاحب النص ، وكيف أنه لا يريد أن يشرك معه أحدا، ويتعب نفسه في جهد فكري، لانه  يريد أن ينتج بسرعة".
وفي هذا السياق ، تحدث مبارك رييع عن غياب رجل السينما المثقف، الذي يحمل رسالة أدبية،  رغم أن أهم صنف في الأفلام السينمائية، هو صنف الأفلام الروائية. ولاحظ أنه لا أثر للرواية في السينما المغربية، واصفا أن النماذج التي قدمت له ، لاجل تحويل رواياته إلى أعمال سينمائية، بأنها  لم تكن مقنعة، مشددا على القول بأنه مبدئيا، لم يكتب أعماله للسينما، بل كتبها لكي تقرأ .