الخميس 28 مارس 2024
فن وثقافة

الفنان الأمازيغي.. دوام الحال ليس من المحال

الفنان الأمازيغي..  دوام الحال ليس من المحال حماد بيزماون
حماد بيزماون، اسم آخر من إيحاحان أعطى الكثير للثقافة المغربية عموما والأغنية الأمازيغية خصوصا. ولد بيزماون، واسمه الحقيقي إيزماون أحمد، سنة 1948 بدوار تيمزغوين التابع لقبيلة أيت أمر بإيحاحان، تلقى تعليما ابتدائيا إلى غاية 1962، بعد وفاة والده سيضطر بيزماون إلى الاعتماد على نفسه، فعمل في قطاع البناء بداية قبل أن يستقر به المقام بمجال البحر الذي سرعان ما هجره وقد استهواه الفن.

ستكون بداية بيزماون الفنية بعد لقاء بالصدفة سنة 1968 مع ألبنسير في حفلة بأيت أمر، كانت فرصته الذهبية للانطلاق نحو عالم الفن الرحب، كيف لا وقد أجازه وأعجب به كبير فناني الروايس ألبنسير،  ليدشن بيزماون مسارا حياتيا جديدا عنوانه تيرويسا.
سيلمع نجم بيزماون وهو يدشن لونا آخر من ألوان أغنية الروايس، سيصنع مدرسته الخاصة به في الشعر، سيوظف آلات جديدة لا سيما الطامطام، سيبتكر أنماطا جديدة في الأداء، سيخلق له بين الروايس مكانته وموقعه اللذين أسسهما على اللون الشعري والغنائي والإيقاعات الخاصة ببيزماون، فكانت الشهرة والجاه والمال.

بعد التربع على عرش تيرويسا قرابة عشرين سنة، ولأسباب شخصية، سيختار بيزماون الاختفاء والانزواء والعزلة، انقطع عن الغناء سنوات طويلة بعد أن كان في قمّة مجده الفني، ستعيده إعادة عدد من أغانيه من قبل مجموعة غنائية إلى الساحة من جديد، وهو يكتشف أن فنه يواصل أسر القلوب وأن الناس مازالوا يحبونه، فعاد سنة 2007 إلى الساحة من جديد بعد عشرين سنة من الغياب، وواصل المسيرة.

غنى بيزماون للناس جميعا, ووصف معاناتهم وأفراحهم وأتراحهم، وعبر عن آمالهم وآلامهم، ودخل قلوبهم، وعرف في كل مناطق المغرب وخارج المغرب، مما جعله منذ أسبوع، وهو طريح الفراش مريضا، موضوعا لقصاصات وسائل الإعلام المختلفة بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي.

يتداول الناس نبأ مرض فنان آخر من فناني الأمازيغية، وسرعان ما سينسون ويعودون إلى حياتهم من جديد. ولأن الثقافة، ومنها الفن، مجال لا يحظى إلا بالنزر اليسير من اهتمامنا، ولأن فن وفناني الأمازيغية ليست بأفضل حالا، فأوضاع أبنائها لن تكون إلا صورة منها، ولن يكون بيزماون إلا كأمثاله من الفنانين.

قبل بيزماون، عاش العشرات منهم نفس المآل، ولسان حالهم تفنيد عبارة أن دوام الحال من المحال ووضع الفنان المأساوي مستدام، وهم يختمون أيام عطائهم بالفاقة والعزلة والمرض والإهمال.

فقبل بيزماون مر العشرات من نفس المسار: مهنية، إشعاع، شهرة، تراجع، انكفاء وعزلة، فمرض وجحود، ولن نجد أمامنا مرة أخرى إلا أن نقضم أصابعنا من الأسى على فقد علم آخر من أعلام الثقافة المغربية، فإلى متى ستكون الثقافة آخر اهتماماتنا، ليكون مآل فنانينا ومثقفينا كلما اشتد بهم المرض التوسل والتسول؟

بالشفاء العاجل فناننا الملهم أحمد بيزماون