الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

محمد بوبكري: انتفاضة الشعب الجزائري في أكتوبر المقبل..لماذا؟

محمد بوبكري: انتفاضة الشعب الجزائري في أكتوبر المقبل..لماذا؟ محمد بوبكري
لقد أعجب العالم إعجابا كبيرا بإبداع الشعب الجزائري لحراكه الشعبي السلمي الذي أطاح بعصابة "عبد العزيز بوتفليقة التي تمكنت من التحكم في الجزائر لمدة عشرين عاما. وبعد الإطاحة بهذه العصابة، تمكن أزلامها من بسط سيطرتهم على البلاد، بسبب أن قيادة الحراك لم تستطع توفير قيادة وبرنامج بديلين، وأساليب إنجاز كل ذلك فعلا بانسجام مع طبيعة الاستراتيجية التي كانت تطمح إلى تحقيقها.
ويؤكد خبراء جزائريون أن العصابة الحاكمة لا تعتمد أي وضوح في تدبير البلاد، حيث تقوم بذلك ظلمات وتعفنات قنوات الصرف الصحي، كما أن أفراد هذه العصبة وأزلامهم لا يغادرون العاصمة، لأنه ليست هناك مشاريع يتطلب الأمر تدشينها، لذا، فحكام الجزائر يتخوفون من زيارة الجهات، حيث إن "تبون" لا يستطيع مغادرة العاصمة، و"سعيد شنقريحة" مصاب بالرعب من الشعب الجزائري، لأنه سبق لأهالي "بجاية" أن واجهوه بقوة ولقنوه درسا، فندم على الذهاب إلى هناك، ومن ثمة لم يعد يقدر على ملاقاة الجماهير... وهذا ما جعل "الوزراء" يقبعون في مكاتبهم وإقاماتهم ويتجنبون القيام بأية زيارة لأية مدينة، أو ولاية...إنه الرعب الذي جعلهم يكرهون الشعب ويواجهونه بكل أشكال العنف والقهر...
ونتيجة لما تقوم به العصابة من عنف ورعب وفساد، فقد بلغ السيل الزبى، حيث انخرطت مجموعة من المواطنين ورموز الحراك الشعبي في التحضير لإضراب عام وعصيان مدني مستمرين في الخامس من شهر أكتوبر المقبل، هدفهما السعي إلى بناء دولة الحق والقانون وتحقيق حياة كريمة للشعب الجزائري، وتحقيق الاستقلال عن العسكر، لأن الشعب الجزائري لا يزال يعتقد حتى اليوم أنه لا يزال يعيش تحت الاحتلال، وينظر إلى الجنرالات بكونهم محتلين لاقتناعه بأنه لم يحصل بعد على استقلاله، ما خلق لديه رغبة في التخلص من حكم العسكر وتحقيق حلمه بالاستقلال عنهم....
لماذا تم تحديد يوم الخامس من أكتوبر لانطلاقة الانتفاضة الشعبية ضد الجنرالات المتسلطين على الشعب والكيان الجزائريين؟ إن لهذا التاريخ دلالة رمزية، لأنه يذكر بانتفاضة اكتوبر لسنة 1988 ضد "الشاذلي بن جديد" وعصابته التي لا يزال بعض أفرادها متحكمين في جزائر اليوم، رغم أن أياديهم ملطخة بدماء الجزائريين ضحايا "العشرية السوداء"... وترجع مسؤولية الشروع في تخريب الجزائر إلى هذه العصابة وأزلامها، لأنها مارقة فكرا وممارسة، حيث إن البلطجي يكون دوما خارج القانون، ويسعى دوما إلى فرض قانونه الخاص الذي يحافظ له على مصالحه، ما قد يؤدي إلى انهيار الدولة؛ فالقانون لا يسمح بالفساد والعنف، ولا يخول للحاكمين توجيه تهمة الإرهاب إلى معارضيهم، ولهذا فالجنرالات يوظفون قانونهم الخاص لتوجيه تهمة "الإرهاب" إلى أفراد يعارضونهم، دون امتلاك حجة على ذلك، ما جعل الرأي العالم يكتشف استبدادهم وعنفهم ضدهم، وظلمهم للشعب الجزائري، فرفض الاستجابة لطلباتهم الرامية إلى تسلم معارضيهم، لأنهم سيغتالونهم بعد إرجاعهم إلى الجزائر، حيث إن الجنرالات سيأخذونهم رأسا إلى ثكنة "عبلة" التابعة لوزارة الدفاع الجزائرية، وسيقتلونهم، وبعد ذلك سيضعون جثامينهم في أكياس سيتم القذف بها في الخلاء بعيدا عن اعين الشعب الجزائري...
إضافة إلى ذلك، لقد قام حكام الجزائر بتفقير الشعب الجزائري، فجعلوه يعيش حرمانا وعذابا قاتلين، وفرضوا على نسبة كبيرة من أطر البلاد الاستقرار خارج الوطن.. لقد كانت الجزائر كانت جنة، وحولها الجنرالات إلى جحيم لم تعد الأطر الجزائرية تطيق العيش فيه... وهذا ما دفع الشعب الجزائري إلى الانتفاضة ضد الجنرالات من أجل بناء مستقبل أفضل؛ حيث لا مستقبل معهم، فالشعب لا يستفيد من عائدات البترول والغاز
ويرى أغلب الجزائريين أن استمرار الجنرالات في السلطة قد جعل المستقبل أسود، حيث إن آبار البترول قد جفت، بل إنهم يدركون أنهم لن يستفيدوا منها شيئا إذا استمر حكم الجنرالات، لأنهم يستولون على هذه العائدات ويهربونها إلى الخارج؛ فالشعب يعي أن عائدات البترول والغاز قد بلغت إلى حد الآن ألف مليار دولار، ويدرك أنه لم يستفد أي شيء منها، حيث إن الجنرالات لم يبنوا له منها ولو مستشفى واحدا. فضلا عن ذلك، فالحد الحد الأدنى للأجور في الجزائر لا يتجاوز مائة أورو، بل إن هذا المبلغ هو الراتب الشهري لأستاذ التعلم الابتدائي في الجزائر، الذي صار عاجزا عن تلبية حاجات أسرته، والحال أن الجزائر بلد مصدر للبترول والغاز، ما جعل الشعب الجزائري يكتشف فساد الجنرالات ونهبهم لخيرات الجزائر..
تبعا لذلك، لقد خرب الجنرالات كل شيء، وأخذوا كل شيء، ولم يتركوا أي شيء. وهذا ما يفسر أن الفضاء قد ضاق بالشعب الجزائري، ما جعله يلجأ إلى سلاح الإضراب العام والعصيان المدني المستمرين. أتمنى أن تنتصر إرادة الشعب الجزائري الشقيق، ويتمكن من التخلص من نظام العسكر، وبناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة، تحقق له النماء والاستقرار والازدهار...