أربعة وزراء حاليين وخمسة سابقين شملهم الزلزال الذي وعد به جلالة الملك المغاربة في خطابه السامي بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الحالية . لقد أنجز المجلس الاعلى للحسابات تقريره وخلاصاته بشأن منارة الحسيمة وبناء عليه جاءت الهزة السياسية على سلم ربط المسؤولية بالمحاسبة بقياس تسعة وزراء وجديرا عاما واربعة عشر مسؤولا إداريا . الملاحظ أن هناك حزبان شكلا طرفا في الإئتلاف الحكومي السابق والحالي ينتمي إليهما معظم المعفيين وهما التقدم والاشتراكية بأربعة وزراء والحركة الشعبية بخمسة شخصيات تقلدت المسؤولية الوزارية باسم شعار السنبلة.
أشرف الوزراء الحاليون والسابقون الذين طالهم اقرار الملكي على قطاعات طرف في منارة المتوسط . المشروع الذي دشنه جلالة الملك في اكتوبر 2015 بمبلغ اجمالي قدر ب ستة مليار درهم ونصف على امتداد زمني سقفه سنة 2019 وشمل اربعة عشر محورا . ويبدو أن الزلزال لم يشمل أربعة قطاعات وزارية طرفا وهي الفلاحة والأوقاف والمجال الاجتماعي والتجهيز (الطرق).وبالتالي لم يضرب الزلزال أي وزير من العدالة والتنمية الذي قاد أمينه العام عبد الاله بنكيران رئاسة الحكومة السابقة وهو كما ينص على ذلك الدستور (الفصل 89) أن الحكومة وتحت سلطته تعمل على تنفيذ البرنامج الحكومي وعلى ضمان تنفيذ القوانين .والإدارة موضوعة تحت تصرف الحكومة .كما تمارس الاشراف والوصاية على المؤسسات والمقاولات العمومية.
هناك بعض النقط التي أرى لابد من إثارتها :
أولا من الناحية الأخلاقية تقتضي الهزة السياسية خروج حزبي بنعبد الله والعنصر الخروج من الائتلاف الحكومي الحالي بقيادة سعد الدين العثماني لأن وزراءهما فشلا في تدبير مشروع استراتيجي بجم منارة المتوسط . قد تكون هناك خلفيات سياسية وراء مااستنتجه المجلس الاعلى للحسابات ذات بعد جهوي ووطني وحيث أن التدشين الملكي كان عشية الاستحقاق التشريعي . لكن أن يشمل الاعفاء جل وزراء سابقين وحاليين للحزبين المذكورين فذلك له أكثر من دلالة ورسالة .
ثانيا ، أن فشل تدبير المشاريع باقليم الحسيمة يقف وراء احتجاجات بالمنطقة بالمدينة وتجمعاتها الحضرية . لقد رفع المحتجون في مظاهراتهم مطالب تتعلق بالاوضاع الصحية والسكنية والثقافية .وهو ما يندرج في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية . وقد أعقبت هذه الاحتجاجات اعتقالات ومحاكمات . ونتمنى أن يؤدي الزلزال الملكي ألى إطلاق سراح المعتقلين هناك بشمال المملكة أو هنا بالدار البيضاء في الملفات ذات الصلة بالاحتجاجات.
ثالثا ، تضمن بلاغ الديوان الملكي عناصر ذات الاهمية بمكان تدشن بالفعل لعهد جديد من ربط المسؤولية بالمحاسبة وتجسيد لها
"فقد أصدر جلالته توجيهاته السامية لأخذ العبرة من المشاكل التي عرفها البرنامج التنموي منارة المتوسط، لتفادي الاختلالات والعوائق التي قد تعرقل إنجاز الأوراش التنموية بمختلف جهات المملكة .
كما جدد جلالة الملك الدعوة لاتخاذ كافة الإجراءات التنظيمية والقانونية، لتحسين الحكامة الإدارية والترابية، والتفاعل الإيجابي مع المطالب المشروعة للمواطنين، في إطار الاحترام التام للضوابط القانونية، في ظل دولة الحق والقانون...
أن هذه القرارات الملكية تندرج في إطار سياسة جديدة، لا تقتصر على منطقة الحسيمة فقط، وإنما تشمل جميع مناطق المغرب، وتهم كل المسؤولين على اختلاف مستوياتهم، في نطاق إعمال مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتحفيز المبادرات البناءة، وإشاعة قيم الوطنية الحقة والمواطنة الملتزمة بخدمة الصالح العام".
هو إذن زلزال يجب أن تكون ارتداداته في مستوى ما ذكره بلاغ الديوان الملكي . لقد بذرت حكومات ووزراء ومدراء مؤسسات ومسؤولون جهويون ومحليون زمنا ثمينا من مسار التنمية ومن المشاريع وأخلوا بالتزاماتهم وبشعارات وخطابات أحزابهم .وكان إخلالهم بمسؤولياتهم أحد العوامل التي وضعت الشارع على صفيح ساخن .