الأربعاء 27 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

حميد عزيز:إلى النقابات التعليمية العريقة.. انتحار...مع سبق اختيار

حميد عزيز:إلى النقابات التعليمية العريقة.. انتحار...مع سبق اختيار

أمامكم واقع تعليمي يزحف نحو البؤس المطلق..
أمامكم كل هذا التردي الذي طفح الكيل بأدرانه.وكل هذا الهجوم الشرس على المدرسة العمومية،لافراغها من أية قيمة اكتسبتها على مر السنين،ومن أدوارها التي باتت غير ذات جدوى او معنى.وسحبها سحبا إلى مستنقعات العبث ،والإذعان التام لتوصيات صندوق المال الأسود..
لقد بلغ السيل الزبى.وبات قاب قوسين أو أدنى من تجريف ما تبقى من أمل..
أليس غريبا بعد هذا الذي يحدث،أن تتحصنوا بالصمت ؟وأن تمارسوا هواية البلاعات المحتشمة،ملوحين من بعيد بخرقة حمراء،أسميتموها شارة احتجاج؟وما هي في الواقع الا قميص واق من رصاص تخافون أن يصيبكم.
لن يشفع لكم بعد اليوم تاريخكم الحافل بالنضال.وهو تاريخ مشرف دون شك.لأن جيلا بأكمله لم يعش هذا التاريخ،وهو اليوم في القلب من واقع مختلف.
لقد خذلتم بتخاذلكم رسالة الفعل النقابي الأصيل.حتى كدتم تتحولون إلى جزء من مشكل يستفحل.مرت تحت جسوركم عديد القرارات التي تضرب التعليم في مقتل.واكتفيتم في كل مرة بتسجيل الملاحظات.من التقاعد الى التعاقد،وما بينهما من الاعتداء على حق الإضراب وعلى ما تبقى من كرامة..لم نر منكم غير بيانات الشجب والتنديد،تماما كالقادة العرب.وفي غمرة اللاموقف،تسللت إلى القطاع ممارسات هي أقرب الى البوليس المدرسي.ولم تتحركوا.كأنكم بانكفائكم على لغة من خشب البيانات،تهيئون لها الساحة،كي تفعل فعلها في حرمة المؤسسات وأهلها .
قد غلبتكم المواقع،وكبلتكم حسابات صغيرة.لينضاف الريع النقابي إلى اخوانه في السياسة والاقتصاد والثقافة والاعلام..وووو.
ان الجميع يعلم ويدرك أن رصيدكم تضاءل تنظيميا،وتوزع الجسم النقابي على قبائل مجهرية تحارب طواحين الهواء بسيوف من فوضى التأطير.ولكم في ذلك نصيب،كما للعاملين من قواعدكم وقواعد المتفرجين نصيب،ونصيب أوفر لسياسة الدولة.لكن أليس المناضل هو من يجتهد في تحويل نقاط الضعف الى نقاط قوة،ومؤشرات الإحباط إلى عناصر للأمل ؟
القواعد مسؤولة ..نعم،لكن مسؤوليتها الأكثر وضوحا هي في إفرازها لقيادات تصارع نفسها،وتنتحر في صالونات الحوار المغشوش.ولنتساءل بقليل من التفكير ،أليس بمقدوركم التأسيس لفعل تنسيقي حول ملف مطلبي من خمس آو ست نقط؟تكون جامعة للمشترك من الهواجس والتطلعات.إذا لم يكن ذلك ممكنا،فلا شيء أخر ممكن.ولتذهب حساباتكم إلى الجحيم...