الأربعاء 27 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

مومر : المسؤولية السياسية لرئيسي الحكومة بنكيران و العثماني في فشل المشروع التنموي المغربي

مومر : المسؤولية السياسية لرئيسي الحكومة بنكيران و العثماني في فشل المشروع التنموي المغربي

نجدد التأكيد على أن السلوك السياسي الراشد يفرض أن يجد المغربيات و المغاربة رئيس حكومتهم يتحمل المسؤولية السياسية في كل القضايا الموكولة إليه وفق أحكام الدستور ، لأن دولة القانون تقوم على أساس سيادة و سمو القانون ليس لأنه ضمانة مطلوبة لحرية الفرد فقط ، و لكن لأنه الأساس الوحيد لمشروعية ممارسة السلطة.

و لأن حزب العدالة و التنمية المتصدر لنتائج الإنتخابات هو المكلف برئاسة الحكومة منذ إنتخابات 25 نونبر 2011 ، فلابد من الإقرار بالمسؤولية السياسية للسيدين عبد الإله بنكيران و سعد الدين العثماني في فشل المشروع التنموي المغربي . وذلك تبعا لأحكام الفصل 88 من الدستور ، فبعد تعيين الملك لأعضاء الحكومة، يتقدم رئيس الحكومة أمام مجلسي البرلمان مجتمعين، ويعرض البرنامج الذي يعتزم تطبيقه. ويجب أن يتضمن هذا البرنامج الخطوط الرئيسية للعمل الذي تنوي الحكومة القيام به، في مختلف مجالات النشاط الوطني، وبالأخص في ميادين السياسة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية والخارجية. يكون البرنامج المشار إليه أعلاه، موضوع مناقشة أمام كلا المجلسين، يعقبها تصويت في مجلس النواب. تعتبر الحكومة منصبة بعد حصولها على ثقة مجلس النواب، المعبر عنها بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم، لصالح البرنامج الحكومي".
أيضا يؤكد الفصل 89 من أحكام الدستور المغربي على أن الحكومة تمارس السلطة التنفيذية. و تعمل الحكومة، تحت سلطة رئيسها، على تنفيذ البرنامج الحكومي وعلى ضمان تنفيذ القوانين. والإدارة موضوعة تحت تصرفها، كما تمارس الإشراف والوصاية على المؤسسات والمقاولات العمومية.
و يسترسل الفصل 90 في بسط الإختصاصات حيث يمارس رئيس الحكومة السلطة التنظيمية، ويمكن أن يفوض بعض سلطه إلى الوزراء. و تحمل المقررات التنظيمية الصادرة عن رئيس الحكومة التوقيع بالعطف من لدن الوزراء المكلفين بتنفيذها.
و حيث أن حزب العدالة والتنمية هو في جوهره تنظيم ديني دعوي لم يستطع إحقاق التمايز بين المجال السياسي والدعوي، و هذا ما أكدته تجربة سنوات من حكومة بنكيران الذي رسخ الخلط بين الخطاب الدعوي والخطاب السياسي و جعل " المرجعية الإسلامية " أيديولوجية يخوض بها حروب التمكين و معارك التمديد . فلا بد من طرح الأسئلة التي لها راهنيتها الأخلاقية و السياسية و القانونية و التي تتلخص وفق ما يلي :
• هل الفشل السياسي لحزب العدالة والتنمية في تنفيذ المشروع التنموي المغربي سيُنْسَبُ عند المحاسبة الشعبية للإسلام كدين و مرجعية ؟!
• أم أنه من حسن المسؤولية السياسية ومن حسن بصيرتها نسبة الفشل لعقليات و برامج الأفراد وأداتهم التنظيمية ؟!.

إنها الأسئلة التي لم يصل حزب العدالة و التنمية لمستوى التأمل في أجوبتها حتى يتسنى لنا الإقرار بأنه الحزب السياسي الأكثر وضوحا و نضجا بالمغرب وفق مسايرته الحكيمة لماهية الإصلاح الدستوري. فاختزال مفهوم الإصلاح في رفع شعار " التحكم " و تهييج الأتباع بمظلومية وهمية لن يلهينا عن واقع الفشل في تنفيذ المشروع التنموي المغربي ، كما أن استمرار اللمز و الهمز بين خطاب عبدالإله بنكيران الأمين العام للحزب وخطاب رئيس الحكومة سعد الدين العثماني يشكل تضليلا بئيسا للأتباع وللمتعاطفات و المتعاطفين و للمغاربة أجمعين.
هذا التضليل الذي حَكَمَ ، فعلا ، على مسار التدبير الحكومي بالفشل الذريع ، في حين أن الوضوح الأخلاقي المتين لحزب العدالة والتنمية كان سيشكل تأهيلا سياسيا معطاء للحزب قصد مسايرة الزمن السياسي الدستوري. فلا يمكن بأي حال من الأحوال العودة مجددا لزمن ما قبل دستور 2011، لكن المشكلة تتجسد في أن حزب العدالة و التنمية الذي يتصدر تدبير الشأن العام، هو تنظيم دعوي يستمر في العمل بنفس المنطق القديم و المزايدة بهواية سياسية و عقلية نزالات " الشوارع "، و يبدو أن الحزب أدمن لعب دور المعارضة ، فلما تم تكليفه بالمشاركة في تسيير أمور الدولة وجد نفسه فاقدا للبرنامج الفعال و عاجزا عن الوفاء بوعوده الإنتخابية و كانت النتيجة فشل النموذج التنموي المغربي.
من كل ما سبق، نستخلص أن حزب العدالة والتنمية لم يضبط ساعته و ليس له سلطان النفاذ لزمن مشروع الدولة-الحاضر، لأنه تَجَمَّدَ رهينةً لرواسب زمن مشروع الدعوة-الماضي . ومن تم ومع حقيقة مبدأ "القصور الذاتي" لحزب العدالة و التنمية عن مسايرة الزمن الدستوري و تحولات الوصول إلى ممارسة السلطة؛ فليس للعدالة و التنمية كتنظيم سياسي إلا مهلة انتظار الزلزال القادم و انشطار الذات المتدينة سياسيا ، وتلك سنة التضليل وعدم الوضوح مع الذات و مع الأخر، أما نخب المنظومة الحزبية المتبقية فليس لها إلا الاتكال على صبر انتظار "قوة الأشياء" لكسب أمانيها المفقودة. ويظل الشعب أيضا في انتظار برنامج التسوية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية المفقود .
غير أن الوطن المغربي العزيز على قلوبنا جميعا، كان ولا زال ، ينتظر وثبة الشباب بانعتاقه الواعي بقيم التحول الدستوري الذي يحتضن مشروع " الحلم المغربي" ، مشروع الشباب المغربي الذي اقتنع بأن الدين لله والسياسة تنافس بين برامج حزبية مدنية.