الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

أحمد الحطاب: هل يُعاقَب الغيابُ أم الحضورُ؟

أحمد  الحطاب: هل يُعاقَب الغيابُ أم الحضورُ؟ أحمد الحطاب
ينصُّ القانون الداخلي لمجلس النواب على وُجُوب حضور النَّائبات والنواب للجلسات العامة. وينصُّ كذلك هذا القانون على اتخاذ إجراءات في حق النَّائبات والنُّوأب المُتغيِّبين عن هذه الجلسات قد تصل، في حالة تكرار الغياب، إلى اقتطاعات تُخصَمُ من التَّعويضات التي يتقاضاها البرلمانيون شهريا.

غير أن هذه الإجراءات، التي ينصُّ عليها بوضوح القانون الداخلي لمجلس النواب، لم يتم تفعيلُها إلى حد الآن لتبقى مجرَّدَ حبرٍ على ورقٍ لا تَصلُح إلا للتَّباهي بها في المحافل السياسية. 
حسب رأيي الشخصي، لا أجد فرقا يُذكر بين حضور النَّائبات والنُّواب في الجلسات العامة وغيابهم عنها. وبعبارة أخرى ودائما حسب رأيي الشخصي، حضور النَّائبات و النواب في الجلسات العامة ليست له قيمة مضافة على الأقل فيما يخص مراقبة العمل الحكومي. فما دامت هذه القيمة المضافة غائبة، فما هي الجدوى من حضور النواب والنائبات في الجلسات العامة؟
و هنا، يبدو لي أنه كان من الأرجح أن تتمَّ محاسبةُ النَّإثبات والنُّواب على حضورهم غير المُجدي وغير المُنتج في الجلسات العامة. خضورٌ ليس له تأثير لا على العمل الحكومي ولا على المشهد السياسي ولا على المواطنين الذين اختاروا هؤلاء النَّائبات والنواب لينوبوا عنهم.

لو افترضنا أنه تمَّ تطبيقُ مبدأ محاسبة الحضور غير المُجدي وغير المُنتِج في الجلسات العامة، لتنيَّن لنا أن البلاد ليست في حاجة إلى هذا العدد الضخم من النَّائبات و النُّواب على الأقل فيما يخصُّ مراقبة العمل الحكومي.
مراقبة عبارة عن تبادل اللَّغط و اللَّغو بدون فائدة. مراقبةٌ عبارة عن مسرحيةٍ أبطالُها النائبات و النواب والوزراء. مراقبةٌ لا تُغيِّر ولو بقيد أنملة عملَ وسياسةَ الحكومة. وما دامت لاتُغيِّر شيئا في العمل الحكومي، فلا وقعَ لها على حياة المواطنين علما أن هذه المراقبة، منطقيا، تتمُّ بإسم الشعب.
عادةً و انطلاقا من ما ينصُّ عليه الدستور، مراقبةُ العمل الحكومي عبارة عن مساطر ووسائل موضوعة رهن إشارة النَّائبات والنُّوأب لمساءلة هذا العمل ليستجيبَ لتطلُّعات وانتظارات المواطنين. فالأمر يتعلَّق إذن بمُساءلة السياسات الحكومية لعلها تصبُّ في الصالح العام وفي خدمة المواطنين اجتماعيا، اقتصاديا و ثقافيا. 

ما نشاهده على أرضِ واقعِ مراقبةِ العمل الحكومي لا يرقى إلى المستوى الذي يريده و ينتظره المواطنون. والدليل على ذلك، المشاكل الأساسية التي يعاني منها الشعب لا تزال قائمةً : الفقر، الأمية، الجهل، التهميش الهشاشة، فشل التَّعليم، تدهور قطاع الصحة، وبصفة عامة، غياب الكرامة الإنسانية إصافةً إلى هدرِ المال العام.