ستيفان بادوك أمريكي أبيض وعيناه زرقاوان وعمره 64 سنة لاشك أنه تعرض لما يجعله يفقد قواه العقلية عندما جمع عددا من البندقيات الرشاشة ومعها ما يكفي من الذخيرة للقيام بفعل إجرامي فظيع، وقال مع نفسه هكذا توفرت لي الشروط الموضوعية للقيام بالفعلة التي استعد لها. ويعلم الله كيف تمكن هذا الأمريكي الأبيض من الصعود إلى الطابق الثاني والثلاثين لأحد الفنادق ودخل إلى غرفة تطل على ساحة كانت تحتضن حفلا موسيقيا صاخبا فنظر ذات اليمين وذات الشمال وتأمل في الجماهير التي تقدر ب22 ألف والتي كانت غارقة في الأجواء الموسيقية قبل أن يوجه إليها نيران بندقياته الرشاشة.
وما هو إلا وقت قصير قيل إنه يتراوح بين ما بين 9 و11 دقيقة، حتى بلغ عدد الضحايا 59 قتيلا وأكثر من 500 جريح. إنها حصيلة أكبر حدث في مسلسل الجرائم التي تتكرر في الولايات المتحدة بفعل القانون المتسامح مع من يرغبون في تملك السلاح بدعوى الدفاع عن النفس.
ويعتبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من المدافعين عن هذا القانون الذي يتوفر على لوبي قوي في أمريكا بخصوص صناعة وتجارة واستعمال السلاح.
وقد أعلنت هذه اللوبيات مساندتها لدونالد ترامب عندما كان مرشحا للرئاسة ولهذا لا غرابة في تعاطف الرئيس الأمريكي مع هذه اللوبيات التي تحصل على أرباح مالية كبيرة من صناعة وتسويق الأسلحة واستخدامها.
لهذا ليس من المستبعد أن يتولد عما حصل في مدينة لاس فيغاس بولاية نيفادا الأمريكية ليلة الأحد فاتح هذا الشهر، تجدد النقاش في أمريكا حول ما إذا كان يجب إعادة النظر في القانون الذي يبيح حرية بيع وشراء الأسلحة النارية.
من هو هذا الأمريكي الأبيض الذي ارتكب هذه الجريمة الشنعاء؟
لم تمض ساعات على هذه المجزرة حتى أخذت بعض وسائل الإعلام في أمريكا وغيرها تروج بيانا قيل إنه صادر عن التنظيم الإرهابي داعش، ومفاده أن هذا التنظيم يتبنى جريمة لاس فيغاس بدعوى أن الذي نفذها أمريكي اعتنق الديانة الإسلامية مؤخرا.
الذين عملوا على ترويج هذه الإشاعة المغرضة فعلوا ذلك رغبة منهم في تحويل الأنظار عن الأسباب الحقيقية لهذه الجريمة، أي القانون الأساسي الذي يحمي من يدافعون عن حرية صنع الأسلحة وبيعها واستعمالها في أمريكا بدعوى الدفاع عن النفس. والذين روجوا لهذه الإشاعة فعلوا ذلك قبل إجراء تحقيقات وتحريات تكشف عن الهوية الحقيقية للشخص الذي ارتكب الفعل الإجرامي وإلى أي حد يكون قد قام بعمله هذا جراء إصابته بأمراض عقلية.
ولهذا فإن التعامل الإعلامي مع ما جرى، في لاس فيغاس، يؤكد إلى أي حد يتم توظيف تنظيم داعش في خدمة أعداء الإسلام..
كتاب الرأي