الخميس 18 إبريل 2024
في الصميم

مات القذافي.. عاش الوزير بنعبد الله!

مات القذافي.. عاش الوزير بنعبد الله!

إذا أسقطنا «ليبيا القذافي» التي كان تحمل أطول اسم لدولة: «الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى»، نجد أن أطول اسم لوزارة في العالم هو وزارة الحاج الشيوعي نبيل بنعبد الله: "وزير إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة".

فعقب البلوكاج الشهير لتشكيل الحكومة، عض نبيل بنعبد الله بالنواجذ على حقائب ثلاث وزارات ودمجها في وزارة واحدة ووضعها تحت إبطه، لدرجة توهم الرأي العام أن «الوزير التقدمي» سيحول مدننا إلى «واحات فيحاء» بفضل سياسته «التقدمية» في المدينة. لكن للأسف، هاهي الحصيلة السلبية تخيب الآمال. ولم يتمكن الوزير بنعبد الله حتى من تحديد مفهوم «سياسة المدينة»، فأحرى أن يعبئ المجتمع حول استراتيجية مجددة وجديدة.

فهل سياسة المدينة هي وثائق التعمير أم هي رخصة البناء، أم هي سياسة التجزئات؟

هل سياسة المدينة هي شركة «إدماج سكن» والعمران والضحى وأليانس دارنا؟ أمهي تنمية المدن بما يسمح للمرء أن يعيش في بيئة ذات جودة حضرية مقبولة؟

هل سياسة المدينة هي الاختناقات المرورية الرهيبة وضياع ساعات من وقت المواطنين هباء منثورا كل يوم؟

هل سياسة المدينة هي المرافق الاجتماعية من نقل حضري جيد وآدمي ومدارس وملاعب وحدائق ومسابح وساحات عمومية وكورنيش ومسرح وقيساريات وأسواق بلدية؟ أم هي «ماكينة» لإنتاج «الأبارتايد المجالي» وتعميق الإقصاء وتضخيم الحرمان وإنتاج البطالة؟

هل سياسة المدينة هي تهميش للقرية مع ما يعني ذلك من تهميش 47 في المائة من سكان المغرب؟ أم هي سياسة التعجيل بانهيار موروثنا العمراني في المدن القديمة والأنسجة الحضرية العتيقة؟

وهل سياسة المدينة هي استغلال موارد الدولة وأذرع الدولة لتسمين الحلفاء في هذه المدينة أو تلك وبالمقابل تجفيف الضرع وتجويع مناطق الخصوم السياسيين؟

هل سياسة المدينة هي ازدراد ما لذ وطاب من أكل وشرب في الفنادق الفخمة مع جمعيات «الكافيار» أم هي وضع الأرجل في أوحال المجتمع للاستماع لنبض المدن؟

على الحاج الشيوعي نبيل بنعبد الله أن يجيبنا وينور الرأي العام، لأنه منذ أن تقلد «الوزارة الليبية» والمشاكل تزداد بالوسط الحضري ويتم التلاعب بالمواطن بين المجالس المحلية من جهة والوزارة من جهة ثانية: كل طرف يرمي باللائمة على الآخر، حتى تحول المواطن إلى «ساندويتش» بينهما.

فمنتخبو أزيد من 300 مدينة كبيرة وصغيرة ينتظرون من الوزير نبيل بنعبد الله أن يبسط لهم معالم «سياسة المدينة». فكل الأوراش متوقفة في انتظار تنزيل هذه السياسة: هل ستكون شيوعية (بطعم مؤسسي حزب التقدم) أم أصولية (بطعم حزب عراب بنعبد الله) أو ستكون «مدرحة» بالمرجعيتين معا؟

فالوزير نبيل بنعبد الله يقدم نفسه بكونه ينتمي لعائلة «تقدمية»، والحال أنه يسير المدن بقوانين ماضوية لا تخدم إلا مصالح فئة محدودة جدا، بدليل أن كل ما نصت عليه تصاميم التهيئة بجل المدن المغربية (التي تتوفر على وثيقة تعمير) لم ينفذ منه في أحسن الأحوال سوى 18 أو 20 في المائة، وبالتالي عوض أن تحل وزارة نبيل المشكل تحولت الوزارة إلى مضخة لتوليد المشاكل في فضاءات حضرية يقطنها أزيد من 18 مليون نسمة!