ثلث ميزانية الدار البيضاء تقريبا يخصص للنظافة (100 مليار سنتيم سنويا بعد أن كانت لا تتجاوز 40 مليار سنتيم قبل ثماني سنوات!!)، ومع ذلك فالواقع يبرز أن ضرائب المواطنين تذهب سدى. لدرجة أنه حتى أجور عمال النظافة لا تصرف في أوقاتها المعتادة، وهذه قمة احتقار كرامة الآدمي وسرقة عرق جبينه.
هنا السؤال: إما أن 100 مليار سنتيم تحولت إلى وزيعة أو همزة تنهشها الكلاب والضباع، وإما أن 100 مليار سنتيم يتصرف فيها الجهلة والساقطون والفاشلون بشكل يجعل المال العام يهدر من جهة والخدمة لا تؤدى للمواطن من جهة ثانية.
في كلتا الحالتين: الأمر يستدعي تدخلا من الحلف الأطلسي لقصف مقر ولاية البيضاء ودك المنتخبين ورجال السلطة "حب وتبن"، لأن سلطة الوصاية ومؤسسات الرقابة المالية وتدخل الحكومة وتعبئة الأحزاب تبقى مجرد خرافة وأكذوبة في مغرب 2021.
فنحن أصبحنا مثل أهل الذمة: ندفع الجزية ولا حق لنا في الانتفاع من الخدمة العمومية و"للي دوا فينا يرعف".
65 سنة مرت على استقلال المغرب، ومع ذلك لم تتوفق السلطات العمومية في تدبير ملف النظافة وجمع الأزبال ووقاية السكان من الأمراض والأوبئة.
ما جدوى الانتخابات إذا كانت نفس السلالات والكائنات تعيد إنتاج الخيبات؟
ما جدوى الأحزاب إذا كانت هذه الهيئات لا تعبئ المغاربة إلا في قضايا الشرق الأوسط وقضايا السند والهند وسمرقند و"تضرب الطم" على ما يهم العذابات اليومية للمغاربة؟
ما جدوى الاستمرار في تسمين المعهد الملكي للإدارة الترابية لتكوين رجال السلطة الذين لا يفعلون سلطاتهم القانونية والواقعية لما يتخرجون ويتسلمون مهامهم؟
ما جدوى إغراق الإدارة بالأطر التي تلتهم الغنائم والامتيازات، إن لم تظهر بصمتهم على تجويد التدبير اليومي؟
ما جدوى خلق مديرية الضرائب التي تحلب وتمص دماء المغاربة دون أن يرى المواطن أثرا لضرائبه على أرض الواقع؟
ما جدوى خلق الحكومة والبرلمان والقضاء إذا تعطلت حواس هذه المؤسسات في تأمين أبسط حق من حقوق الإنسان: ألا وهو الحق في النظافة وجمع الأزبال؟!
إن عجزتم عن تدبير شؤون الدولة وشؤون المغاربة، فعلى الأقل قلدوا إمارات الخليج: لا تطالبوا المغاربة بالضرائب المباشرة وغير المباشرة، ولا تقتطعوا من مداخيل الموظفين "الجزية" عند المنبع، ولا تستخلصوا أي درهم في كل تعامل يقوم به المواطن، ولا تمصوا أي قيمة مضافة بأسواقنا وتعاملاتنا التجارية!
آنذاك لا حق لنا في أن نطالبكم بجمع الأزبال أو ما شاكل ذلك من الخدمات العمومية.
فالضريبة يقابلها تأمين الخدمة.. وما عدا ذلك فإننا نكون أمام دولة جائرة ودولة سارقة ودولة مارقة ودولة خائنة للعهود والالتزامات والتعاقدات مع المواطن!!