الأربعاء 27 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

مصطفى المنوزي: هل مات التفكير الذي سيقود السياسة؟

مصطفى المنوزي: هل مات التفكير الذي سيقود السياسة؟

من حق أي شاب اختيار ما يروقه من نظريات مرجعية أو أدبيات سياسية، شريطة الوعي بأن الظاهرة الأصولية لا تراكم إلا مزيدا من التشنج والتعصب، خلافا للسياسة التي تقتضي ثقافة الانفتاح والواقعية. وأما الشرط الثاني فهو الوعي بأن الانتفاضات والحراكات الاجتماعية، مهما شغلت من حيز زمني في الفضاء العمومي، تظل حالة نضالية هلامية يعوزها التأطير والتراكم الضروري على مستوى التأهيل والتدبير وبناء الثقة وتمثل النفس الديموقراطي كخيار استراتيجي، في سياق التغيير وتأسيس الحقيقة الثورية، بدل الحقيقة السوسيولوجية المستندة على الجبرية الإعلامية أو القدرية الدينية.

ومن باب التذكير، لم يسبق لأي حركة أن صمدت لمجرد التعبير عن النوايا، فالسباحة في عز حمى الانتخابات والانشطارات تفرز مزيدا من التيه، لأن اللايقين يطوق الهواجس والارادات، ولا يمكن للتجريبية أن تحقق إيجابيات ما بالتضحية بالخط الاستراتيجي من أجل منفعة تكتيكية عابرة، إنها مغامرة سياسية خارج الزمن النضالي.

فمتى نسترجع قيم التفكير النقدي لكي نقود السياسة؟

هناك نزعة إرادوية من أجل عودة السياسة، فعادت بدون نبل ولا أخلاق، فقتلت الفكر الذي كان يقودها ويؤطر معالمها وأفقها المنتج للثقافة الديموقراطية، ولم يعد التسلط مقتصرا على الموظفين والمنتخبين، بل تقمصه انتحالا واحتيالا أغلب الطفيليين من جمعويين وإعلاميين، تارة باسم السلطة الرابعة وتارة أخرى باسم الشورى والتشاركية.