حين يكثر البراحون فهو دليل قاطع على وجود حالة من الفوضى والارتباك لكن هذه المهمة التي فاقت أختها الصغيرة في زمن كان البراح يعتمد على صوته وتجواله لينقل خبرا أويزف آخر .لم يكن متاحا في تلك المرحلة هذا الكم الهائل من آليات التواصل السريعة والفعالة في نفس الوقت.
غالبا "تبراحت" ليست مهنة بالمجان ولايمكن لأي كان ممارستها فهي ترتكز على جسارة المكلف ومدى قدرته في انجاز المهمة الموكولة إليه. في الوقت الراهن لم يعد لها تواجد في ظل التطور التكنولوجي وماواكبه من مستجدات.
فانتحلها بالوكالة وزير بعدما طور آلياتها وميكانيزماتها لتؤدي أغراضا غير بريئة وأهدافا محددة. فانقلبت عن مقاصدها الأولى في تطور خطير وأهداف شذت عن القواعد والأعراف. فصارت تتقاذفها الألسن وتتهمها بالتواطؤ والإنبطاح إن لم تكن إرتقت لدرجة الخيانة....كيف ذلك ؟
لاتستعجلوا في التأويل والإسقاط فكثير من الحالات يصدق عليها المقال. بعدما وجدت نفسي في حيرة من أمري لأتساءل ماهي الشخصية بين الحالات التي رصدتها تستحق التناول هنا كأولوية حتى نحدد المستهدف ونتمكن من إغلاق القوس؟.
هل نبدأ بالنموذج الأول الذي بدأ ذات مرة متلعثما في تصريحاته حتى اختلطت عليه الأمور ثم صار بعدها بقدرة قادر ناطقا وهو بالكاد ينطق الحروف الأولى وفي غفلة منا ذات صباح ربيعي برز فينا خطيبا يطوع اللغة ماشاء قهرا ويمارس عنتريته على الشعب بشكل فج. يهوى لحد الثمالة اقتناص صور هنا وهناك في مشهد من الفانتازيا للترويج لانجازات يفضحها الواقع ولن يترك وراءه سوى لغط كثير وألبوم صور وانتكاسات فاتها زمن المعالجة وانتهت صلاحيتها في الإستدراك.
الشخصية الثانية موضوع مقالنا هذا مسار طويل وحكاية لاتنته من فصول التشويق . يحكى والعهدة على الراوي.
إن صاحبنا نشأ في بيئة سياسية تدرج فيها كباقي المناضلين فلم يظهر فجأة كما تطفو على السطح بعض الطفيليات والكائنات السياسية التي تنمو بسرعة كالفطريات ثم ماتلبث أن تنمح. إنه قيادي ترعرع في شبيبة حزبه وبدأ نجمه يسطع وأصبح لايشق له غبار يخوض معاركه في كل اتجاه حتى تنبأ له جل المهتمين بمستقبل زاهر كيف لا وهو في كل مناسبة أتيحت له إلا ويثبت علو كعبه في فن الخطابة فيستدعي هنا حكما وأقوالا مأثورة وفي مناسبة أخرى شعرا مقفى يسد به أفواه المتقولين بل فاق حديثه الفقهاء وأهل السند وهو يستدعي آيات من الشرع وأحاديث نبوية لو رأيته لخلته فقيها جهبذا .تمرس لدرجة بدأت الأنظار تتشوق إليه. الجميع يعرف بشكل مسبق أن هذا القيادي له من الجرأة وقوة المناكفة مامكنه من احتلال مواقع مهمة فتناثرت صوره عبر كل وسائل الاعلام ومواقع التواصل بل اصبحت بعض الأطراف تخشى جانبه وتتحاشى مواجهته على الهواء. كيف لا وقد قام ذات زمان من الماضي القريب يخطب في الجمع رافعا شارة النصر يلف حول عنقه ثوب فلسطين المطرز في إشارة منه ملتزمة ووفاء للقضية . يقتحم لقاءا تعبويا في زمن المعارضة الذي ولى ولن يعود حيث يؤطر المواطنين . أجهش بالبكاء وهو يحكي ظروفعيش البراريك وسؤال كرامة المواطن. فاختلطت الشعارات بالأناشيد والتصفيق حماسة وتفاعلا لتشكل لوحة تراجيدية سقطت عليها كل الأحلام.
ما أشبه اليوم بالأمس ...! صور تتلوها صور ومن خلالها مواقف انقلبت بشكل متطرف مائة وثمانين درجة في اتجاه معاكس تتخلى معها عن مبادئك وماكنت تدافع عنه بالأمس.
سجل ياتاريخ ...!
ما أقسى أن يكشف لك الزمان صورا خادعة تتراجع معها كل الطموحات وقدرنا أن نؤجل أحلامنا إلى حين ...!
لن يؤلمنا عجز المشاريع ولا القرارات المجحفة التي مست قوتنا اليومي ولا التراجعات والانتكاسات في مجالات حيوية على رأسها الجانب الحقوقي والحريات كلها.
نؤمن بعامل واحد لاسترجاعها إنه النضال الحقيقي على الأرض وهو الكفيل الوحيد باستردادها. لكن لا أجد جواب لهذه الوضعية الملتبسة التي تجعل الإنسان يتخلى عن قناعاته ومبادئه في صورة مشينة عنوانها الأساس الإنبطاح المذل الوغل في الخذلان.
إن أقبح سقوط مدوي يقع في مسارك النضالي والسياسي هو بالدرجة الأولى الأخلاقي حين تقايض مبادءك مقابل مسؤولية مؤقتة وبعض الإمتيازات التي حتما ستزول يوما . اكتشفنا كل تلك المناورات هي حالات عاكسة لحقيقة البراح الذي يتمتع بالسنطيحة وتخراج العينين اكثر من شيء آخر . لكن تطرح هذه النهاية المأساوية سؤالا عميقا إذا كانت مؤسسة الأحزاب تكون مجموعة من الإنتهازيين و"الشلاهبية" لايجيدون سوى سياسة الإزدواجية في الخطاب والمواقف تحت مبررات الظروف والمصلحة العامة كمشجب تعلق عليه كل الإخفاقات التي لم تعد مبرراتها تقنع أحد .
فعن أية أطروحة وايديولوجيا نتحدث ؟ مادامت الأخلاق والالتزام لامجال لمناقشتها أمام عينة من الخريجين والنخب. فلانقول طاح الوزير البراح لوحده بل منظومة بكاملها للأسف الشديد.
لاتستعجلوا في التأويل والإسقاط فكثير من الحالات يصدق عليها المقال. بعدما وجدت نفسي في حيرة من أمري لأتساءل ماهي الشخصية بين الحالات التي رصدتها تستحق التناول هنا كأولوية حتى نحدد المستهدف ونتمكن من إغلاق القوس؟.
هل نبدأ بالنموذج الأول الذي بدأ ذات مرة متلعثما في تصريحاته حتى اختلطت عليه الأمور ثم صار بعدها بقدرة قادر ناطقا وهو بالكاد ينطق الحروف الأولى وفي غفلة منا ذات صباح ربيعي برز فينا خطيبا يطوع اللغة ماشاء قهرا ويمارس عنتريته على الشعب بشكل فج. يهوى لحد الثمالة اقتناص صور هنا وهناك في مشهد من الفانتازيا للترويج لانجازات يفضحها الواقع ولن يترك وراءه سوى لغط كثير وألبوم صور وانتكاسات فاتها زمن المعالجة وانتهت صلاحيتها في الإستدراك.
الشخصية الثانية موضوع مقالنا هذا مسار طويل وحكاية لاتنته من فصول التشويق . يحكى والعهدة على الراوي.
إن صاحبنا نشأ في بيئة سياسية تدرج فيها كباقي المناضلين فلم يظهر فجأة كما تطفو على السطح بعض الطفيليات والكائنات السياسية التي تنمو بسرعة كالفطريات ثم ماتلبث أن تنمح. إنه قيادي ترعرع في شبيبة حزبه وبدأ نجمه يسطع وأصبح لايشق له غبار يخوض معاركه في كل اتجاه حتى تنبأ له جل المهتمين بمستقبل زاهر كيف لا وهو في كل مناسبة أتيحت له إلا ويثبت علو كعبه في فن الخطابة فيستدعي هنا حكما وأقوالا مأثورة وفي مناسبة أخرى شعرا مقفى يسد به أفواه المتقولين بل فاق حديثه الفقهاء وأهل السند وهو يستدعي آيات من الشرع وأحاديث نبوية لو رأيته لخلته فقيها جهبذا .تمرس لدرجة بدأت الأنظار تتشوق إليه. الجميع يعرف بشكل مسبق أن هذا القيادي له من الجرأة وقوة المناكفة مامكنه من احتلال مواقع مهمة فتناثرت صوره عبر كل وسائل الاعلام ومواقع التواصل بل اصبحت بعض الأطراف تخشى جانبه وتتحاشى مواجهته على الهواء. كيف لا وقد قام ذات زمان من الماضي القريب يخطب في الجمع رافعا شارة النصر يلف حول عنقه ثوب فلسطين المطرز في إشارة منه ملتزمة ووفاء للقضية . يقتحم لقاءا تعبويا في زمن المعارضة الذي ولى ولن يعود حيث يؤطر المواطنين . أجهش بالبكاء وهو يحكي ظروفعيش البراريك وسؤال كرامة المواطن. فاختلطت الشعارات بالأناشيد والتصفيق حماسة وتفاعلا لتشكل لوحة تراجيدية سقطت عليها كل الأحلام.
ما أشبه اليوم بالأمس ...! صور تتلوها صور ومن خلالها مواقف انقلبت بشكل متطرف مائة وثمانين درجة في اتجاه معاكس تتخلى معها عن مبادئك وماكنت تدافع عنه بالأمس.
سجل ياتاريخ ...!
ما أقسى أن يكشف لك الزمان صورا خادعة تتراجع معها كل الطموحات وقدرنا أن نؤجل أحلامنا إلى حين ...!
لن يؤلمنا عجز المشاريع ولا القرارات المجحفة التي مست قوتنا اليومي ولا التراجعات والانتكاسات في مجالات حيوية على رأسها الجانب الحقوقي والحريات كلها.
نؤمن بعامل واحد لاسترجاعها إنه النضال الحقيقي على الأرض وهو الكفيل الوحيد باستردادها. لكن لا أجد جواب لهذه الوضعية الملتبسة التي تجعل الإنسان يتخلى عن قناعاته ومبادئه في صورة مشينة عنوانها الأساس الإنبطاح المذل الوغل في الخذلان.
إن أقبح سقوط مدوي يقع في مسارك النضالي والسياسي هو بالدرجة الأولى الأخلاقي حين تقايض مبادءك مقابل مسؤولية مؤقتة وبعض الإمتيازات التي حتما ستزول يوما . اكتشفنا كل تلك المناورات هي حالات عاكسة لحقيقة البراح الذي يتمتع بالسنطيحة وتخراج العينين اكثر من شيء آخر . لكن تطرح هذه النهاية المأساوية سؤالا عميقا إذا كانت مؤسسة الأحزاب تكون مجموعة من الإنتهازيين و"الشلاهبية" لايجيدون سوى سياسة الإزدواجية في الخطاب والمواقف تحت مبررات الظروف والمصلحة العامة كمشجب تعلق عليه كل الإخفاقات التي لم تعد مبرراتها تقنع أحد .
فعن أية أطروحة وايديولوجيا نتحدث ؟ مادامت الأخلاق والالتزام لامجال لمناقشتها أمام عينة من الخريجين والنخب. فلانقول طاح الوزير البراح لوحده بل منظومة بكاملها للأسف الشديد.