نشرت مؤخرا مجلة الجيش افتتاحيات عبارة عن خطاب سياسي محض، كما أن الجنرال "سعيد شنقريحة" لا يكف عن الحديث في السياسة أينما حل وارتحل، ومع ذلك، يقوم البعض، من باب التضليل، بترويج أن الجيش الجزائري لا يتدخل في السياسة، لأنها ليست شأنه. ومالا يعيه هؤلاء هو أن كلامهم ينطبق فقط على الجيوش في البلدان الديمقراطية التي يمنعها القانون من ممارسة السياسة، لأنها جيوش الوطن. ولذلك، فهي لا تكون أبدا طرفا في الصراع داخل الوطن، بل هي موجودة للدفاع عنه وعن المواطنين أجمعين.
ونظرا لأن الجنرال "سعيد شنقريحة" لا يتوقف عن الحديث في السياسة متدخلا في شؤونها كل وقت وحين، ومادامت مجلة الجيش في الجزائر تنشر خطابات سياسية، فإن المؤسسة العسكرية قد صارت حزبا سياسيا، ما يعني أنها تحولت إلى طرف في الصراع داخل الجزائر، انتهت بها ممارساتها وعنفها إلى أن تصير عدوا أساسا للشعب الجزائري، الذي صار يطالب بدولة مدنية ديمقراطية حديثة...
إضافة إلى ذلك، لقد بدأت هذه المجلة التي هي لسان المؤسسة العسكرية الجزائرية، تنشر افتتاحيات ومقالات تتحدث عن وجود حملة إعلامية مضادة للجزائر، ما جعل المؤسسة العسكرية تتكلم وجود مؤامرات أجنبية ضد بلاد الجزائر. ويبدو لي أن ما تدعيه هذه المقالات والافتتاحيات هو مجرد وهم ناجم عن الفقر الفكري لجنرالات الجزائر، لأنهم يتحدثون، بشكل مطلق، عن وجود هذه المؤامرة، ما جعلهم يسقطون في الكذب على الشعب الجزائري لإلهائه بهدف الالتفاف على مطالبه.
وعوض اعتراف الجنرالات بفشلهم الذريع في تدبير شؤون البلاد الناجم عن فسادهم، فإنهم لم يجدوا ما يبررون به فشلهم الذريع سوى اجترار " نظرية المؤامرة" التي تقوم على تفكير خرافي يعتقد أن وراء كل فعل بشري هناك يد خفية تُدبِّرها قوى جبارة معادية قادرة على فعل كل شيء. لكن الهدف من هذا الزعم هو تجنب المحاسبة وعدم القيام بالنقد الذاتي...
يقول الفيلسوف البريطاني "كارل بوبر Karl Popper: تميل "نظرية المؤامرة" إلى وصف كل حدث بأنه "متعَّمد" أو "مُخطَّط" له، وبالتالي التقليل بشكل خطير من الطبيعة العشوائية للنتائج غير المقصودة للعديد من الإجراءات السياسية والاجتماعية. و يؤكد مفكرون كثيرون أن: ”أكبر مشكلة في "نظرية المؤامرة" تكمن في أنها لا تبعدنا عن الحقيقة فحسب، وإنما تبعدنا أيضاً عن مواجهة أخطائنا، ومشكلاتنا"، ما ُيحولنا إلى ُسذَّج.
هكذا، يرمي هؤلاء الجنرالات من وراء إغراق الجزائرييين في "نظرية المؤامرة" إلى عسكرة عقولهم، وكأن الجزائر مستعمرة ومهددة في كيانها، ما يعني أن هؤلاء الجنرالات يسعون كاذبين إلى زرع الخوف في نفوس الشعب الجزائري بغية إقناعه بأن بلاده مهددة في كيانها، حتى يتمكنوا من جعله يصطف وراءهم باسم أكذوبة "الدفاع عن الوطن". لذلك، فهم يسعون، في العمق، إلى جعل الشعب الجزائرى ينسى مشاكله ومطالبه، ويتخلى عن صراعه معهم. فالجزائري غارق في مشاكله اليومية، لأن ضعف السيولة النقدية، أو غيابها، جعله يعيش دوما في خوف، لأنه عاجز عن القدرة على توفير ما يغطي به مصروف قوته اليومي. تبعا لذلك، فإن ترويج الجنرالات لوجود مؤامرة وهمية أجنبية ضد الجزائر يرمي إلى صرف انتباه الشعب الجزائري عن فساد الجنرالات وما يرتكبونه من جرائم ضد أفراد هذا الشعب. وهذا ما يدل على أنهم يريدون الرجوع به إلى كوارث تسعينيات القرن الماضي، حيث ارتكب الجنرالات بقيادة الجنرال خالد نزار جرائم دموية خطيرة في حق الشعب الجزائري، ما شكل آنذاك، جرائم في حق الإنسانية، ما يزال الجنرال خالد نزار وأفراد عصابته متابعين بسببها في محاكم دولية.
يدعي الجنرالات أن هناك بيادق تقدم خدمات لأطراف معادية خارجية تسعى إلى خلق الفتن في الجزائر عبر دعوات تدفع في اتجاه خلق شروط لحراك شعبي في الجزائر، حيث يزعم هؤلاء الجنرالات حرفيا أن ما سمته بـ"المؤمرات الأجنبية" هدفه تحريك الشارع للالتفاف على مطالب الشعب. لكنهم، ينسون أو يتناسون أنهم هم من رفض مطالب الشعب الجزائري بالتغيير، كما أنهم ضد مطالبته بمحاسبة المفسدين واحترام حقوق الانسان... الأمور التي لم يتحقق منها أي شيء. وهذا ما يدفعنا إلى استنتاج أن الجنرالات هم الذين يلتفون على مطالب الشعب الجزائري، الذي يعي أنه لم يحدث أي تغيير في البلاد نتيجة سياسة الجنرالات التي تعوقه، حيث تضع دستورا شكليا لا تحترمه، لأنها لا ترغب في تطبيق أي بند كلما تعارض مع مصالحها. لذلك، فهي مكمن الداء، لأنها ترفض رفضا قاطعا بناء دولة مدنية ديمقراطية، لآن ذلك يتعارض مع رغباتها ووجودها...
فضلا عن ذلك، يؤكد ما تنشره مجلة الجيش التي هي لسان المؤسسة العسكرية الجزائري هو دعاية مباشرة ومكثفة ضد المؤسسة العسكرية وسياساتها، لأنها تنشر خطابا يتعارض جذريا مع ممارساتها، الأمر الذي يعريها.
هكذا، فإن من تصفهم المجلة بكونهم بيادق يعملون لصالح جهات أجنبية، هم يوجدون داخلها، ما يفيد أنها تنسف ذاتها بذاتها من الداخل. وما يتجاهله هؤلاء الجنرالات هو أنه لا أحد من أفراد الشعب الجزائري يكلف نفسه عناء تصفح مجلتهم، كما أن هذا الشعب لا يشاهد برامج وأخبار القنوات التلفزية الرسمية التي يتحكمون فيها، لأن درجة رفضه لهم جعلته لا يقبل معرفة أي شيء منهم أو عنهم. وهذا ما يعني أنه لا تأثير لخطابهم في نفوس الشعب الجزائري، الذي يرفضهم، وقد ينخرط في حراك يؤدي إلى انهيارهم.
وإذا كان جنرالات الجزائر يوجهون تهمهم إلى دعاة الحراك الشعبي، فإن هذا ما يؤكد فشلهم في تدبير شؤون الجزائر. كما أن ممارساتهم وفسادهم جعلهم يسيئون إلى المؤسسة العسكرية ذاتها. وبذلك، فإن الجنرالات هم من يضربون مصداقية مؤسسة الجيش، إن كانت لها مصداقية أصلا. وما يتجاهله "سعيد شنقريحة " هو أن الشعب يدرك أن الجنرالات يحمون الفاسدين والمفسدين ومهربي الأموال إلى الخارج وتجار المخدرات... لأنهم يستفيدون ماديا من ذلك. وهذا ما يضرب، في العمق، المؤسسة العسكرية لأنه يعمق تشويه صورتها في أعين الرأي العام...
فوق ذلك، لا يعي الجنرال "سعيد شنقريحة" أن الشعب الجزائري يعي أنه قد التف هو ذاته على وعود الجنرال "القايد صالح" التي قدمها إلى الشعب الجزائري باسم المؤسسة العسكرية الجزائرية، وذلك رغم أن هذا الأخير قد تحايل على الحراك ربحا للوقت. وما دام "شنقريحة" مصرا على عدم تنفيذ تلك الوعود، فقد افتضح أمره، وانكشفت حقيقته بكونه معارضا شرسا لطموحات الشعب الجزائري. ولهذا، فهو لا يعي أنه يبهدل المؤسسة العسكرية بجعلها خصما في مواجهة للشعب في مواجهته للفساد والقمع والاستبداد العسكري..
ومادامت المؤسسة العسكرية تعاني من شروخ كبيرة قد تنفجر قريبا، فإن ما يجهله الجنرال هو أنه من المحتمل إذا دخل في اصطدام مع الحراك المقبل، فإن ذلك قد يؤدي إلى زواله، حيث قد يلجأ بعض الضباط إلى إبعاده ومحاكمته واعتقاله، وذلك تقليدا لما فعله الجنرال "القايد صالح" بكل من الجنرال نزار ومحمد مدين توفيق وطراطير... كما من المحتمل أيضا أن تتعرض الجزائر، إلى التفتت، إذ إن شروط ذلك ما تزال قائمة. وهذا ما لا نريد حدوثه لهذه الجارة الشقيقة. لذلك على المؤسسة العسكرية أن تعيد النظر في ذاته، وتنسحب من السياسة، لأن استمرارها بصيغتها الحالية، ينسف استمرار الجزائر باعتبارها كيانا.
ونظرا لأن الجنرال "سعيد شنقريحة" لا يتوقف عن الحديث في السياسة متدخلا في شؤونها كل وقت وحين، ومادامت مجلة الجيش في الجزائر تنشر خطابات سياسية، فإن المؤسسة العسكرية قد صارت حزبا سياسيا، ما يعني أنها تحولت إلى طرف في الصراع داخل الجزائر، انتهت بها ممارساتها وعنفها إلى أن تصير عدوا أساسا للشعب الجزائري، الذي صار يطالب بدولة مدنية ديمقراطية حديثة...
إضافة إلى ذلك، لقد بدأت هذه المجلة التي هي لسان المؤسسة العسكرية الجزائرية، تنشر افتتاحيات ومقالات تتحدث عن وجود حملة إعلامية مضادة للجزائر، ما جعل المؤسسة العسكرية تتكلم وجود مؤامرات أجنبية ضد بلاد الجزائر. ويبدو لي أن ما تدعيه هذه المقالات والافتتاحيات هو مجرد وهم ناجم عن الفقر الفكري لجنرالات الجزائر، لأنهم يتحدثون، بشكل مطلق، عن وجود هذه المؤامرة، ما جعلهم يسقطون في الكذب على الشعب الجزائري لإلهائه بهدف الالتفاف على مطالبه.
وعوض اعتراف الجنرالات بفشلهم الذريع في تدبير شؤون البلاد الناجم عن فسادهم، فإنهم لم يجدوا ما يبررون به فشلهم الذريع سوى اجترار " نظرية المؤامرة" التي تقوم على تفكير خرافي يعتقد أن وراء كل فعل بشري هناك يد خفية تُدبِّرها قوى جبارة معادية قادرة على فعل كل شيء. لكن الهدف من هذا الزعم هو تجنب المحاسبة وعدم القيام بالنقد الذاتي...
يقول الفيلسوف البريطاني "كارل بوبر Karl Popper: تميل "نظرية المؤامرة" إلى وصف كل حدث بأنه "متعَّمد" أو "مُخطَّط" له، وبالتالي التقليل بشكل خطير من الطبيعة العشوائية للنتائج غير المقصودة للعديد من الإجراءات السياسية والاجتماعية. و يؤكد مفكرون كثيرون أن: ”أكبر مشكلة في "نظرية المؤامرة" تكمن في أنها لا تبعدنا عن الحقيقة فحسب، وإنما تبعدنا أيضاً عن مواجهة أخطائنا، ومشكلاتنا"، ما ُيحولنا إلى ُسذَّج.
هكذا، يرمي هؤلاء الجنرالات من وراء إغراق الجزائرييين في "نظرية المؤامرة" إلى عسكرة عقولهم، وكأن الجزائر مستعمرة ومهددة في كيانها، ما يعني أن هؤلاء الجنرالات يسعون كاذبين إلى زرع الخوف في نفوس الشعب الجزائري بغية إقناعه بأن بلاده مهددة في كيانها، حتى يتمكنوا من جعله يصطف وراءهم باسم أكذوبة "الدفاع عن الوطن". لذلك، فهم يسعون، في العمق، إلى جعل الشعب الجزائرى ينسى مشاكله ومطالبه، ويتخلى عن صراعه معهم. فالجزائري غارق في مشاكله اليومية، لأن ضعف السيولة النقدية، أو غيابها، جعله يعيش دوما في خوف، لأنه عاجز عن القدرة على توفير ما يغطي به مصروف قوته اليومي. تبعا لذلك، فإن ترويج الجنرالات لوجود مؤامرة وهمية أجنبية ضد الجزائر يرمي إلى صرف انتباه الشعب الجزائري عن فساد الجنرالات وما يرتكبونه من جرائم ضد أفراد هذا الشعب. وهذا ما يدل على أنهم يريدون الرجوع به إلى كوارث تسعينيات القرن الماضي، حيث ارتكب الجنرالات بقيادة الجنرال خالد نزار جرائم دموية خطيرة في حق الشعب الجزائري، ما شكل آنذاك، جرائم في حق الإنسانية، ما يزال الجنرال خالد نزار وأفراد عصابته متابعين بسببها في محاكم دولية.
يدعي الجنرالات أن هناك بيادق تقدم خدمات لأطراف معادية خارجية تسعى إلى خلق الفتن في الجزائر عبر دعوات تدفع في اتجاه خلق شروط لحراك شعبي في الجزائر، حيث يزعم هؤلاء الجنرالات حرفيا أن ما سمته بـ"المؤمرات الأجنبية" هدفه تحريك الشارع للالتفاف على مطالب الشعب. لكنهم، ينسون أو يتناسون أنهم هم من رفض مطالب الشعب الجزائري بالتغيير، كما أنهم ضد مطالبته بمحاسبة المفسدين واحترام حقوق الانسان... الأمور التي لم يتحقق منها أي شيء. وهذا ما يدفعنا إلى استنتاج أن الجنرالات هم الذين يلتفون على مطالب الشعب الجزائري، الذي يعي أنه لم يحدث أي تغيير في البلاد نتيجة سياسة الجنرالات التي تعوقه، حيث تضع دستورا شكليا لا تحترمه، لأنها لا ترغب في تطبيق أي بند كلما تعارض مع مصالحها. لذلك، فهي مكمن الداء، لأنها ترفض رفضا قاطعا بناء دولة مدنية ديمقراطية، لآن ذلك يتعارض مع رغباتها ووجودها...
فضلا عن ذلك، يؤكد ما تنشره مجلة الجيش التي هي لسان المؤسسة العسكرية الجزائري هو دعاية مباشرة ومكثفة ضد المؤسسة العسكرية وسياساتها، لأنها تنشر خطابا يتعارض جذريا مع ممارساتها، الأمر الذي يعريها.
هكذا، فإن من تصفهم المجلة بكونهم بيادق يعملون لصالح جهات أجنبية، هم يوجدون داخلها، ما يفيد أنها تنسف ذاتها بذاتها من الداخل. وما يتجاهله هؤلاء الجنرالات هو أنه لا أحد من أفراد الشعب الجزائري يكلف نفسه عناء تصفح مجلتهم، كما أن هذا الشعب لا يشاهد برامج وأخبار القنوات التلفزية الرسمية التي يتحكمون فيها، لأن درجة رفضه لهم جعلته لا يقبل معرفة أي شيء منهم أو عنهم. وهذا ما يعني أنه لا تأثير لخطابهم في نفوس الشعب الجزائري، الذي يرفضهم، وقد ينخرط في حراك يؤدي إلى انهيارهم.
وإذا كان جنرالات الجزائر يوجهون تهمهم إلى دعاة الحراك الشعبي، فإن هذا ما يؤكد فشلهم في تدبير شؤون الجزائر. كما أن ممارساتهم وفسادهم جعلهم يسيئون إلى المؤسسة العسكرية ذاتها. وبذلك، فإن الجنرالات هم من يضربون مصداقية مؤسسة الجيش، إن كانت لها مصداقية أصلا. وما يتجاهله "سعيد شنقريحة " هو أن الشعب يدرك أن الجنرالات يحمون الفاسدين والمفسدين ومهربي الأموال إلى الخارج وتجار المخدرات... لأنهم يستفيدون ماديا من ذلك. وهذا ما يضرب، في العمق، المؤسسة العسكرية لأنه يعمق تشويه صورتها في أعين الرأي العام...
فوق ذلك، لا يعي الجنرال "سعيد شنقريحة" أن الشعب الجزائري يعي أنه قد التف هو ذاته على وعود الجنرال "القايد صالح" التي قدمها إلى الشعب الجزائري باسم المؤسسة العسكرية الجزائرية، وذلك رغم أن هذا الأخير قد تحايل على الحراك ربحا للوقت. وما دام "شنقريحة" مصرا على عدم تنفيذ تلك الوعود، فقد افتضح أمره، وانكشفت حقيقته بكونه معارضا شرسا لطموحات الشعب الجزائري. ولهذا، فهو لا يعي أنه يبهدل المؤسسة العسكرية بجعلها خصما في مواجهة للشعب في مواجهته للفساد والقمع والاستبداد العسكري..
ومادامت المؤسسة العسكرية تعاني من شروخ كبيرة قد تنفجر قريبا، فإن ما يجهله الجنرال هو أنه من المحتمل إذا دخل في اصطدام مع الحراك المقبل، فإن ذلك قد يؤدي إلى زواله، حيث قد يلجأ بعض الضباط إلى إبعاده ومحاكمته واعتقاله، وذلك تقليدا لما فعله الجنرال "القايد صالح" بكل من الجنرال نزار ومحمد مدين توفيق وطراطير... كما من المحتمل أيضا أن تتعرض الجزائر، إلى التفتت، إذ إن شروط ذلك ما تزال قائمة. وهذا ما لا نريد حدوثه لهذه الجارة الشقيقة. لذلك على المؤسسة العسكرية أن تعيد النظر في ذاته، وتنسحب من السياسة، لأن استمرارها بصيغتها الحالية، ينسف استمرار الجزائر باعتبارها كيانا.