الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

أمينة ابن الشيخ: نريد البيض أم الكتاكيت؟

أمينة ابن الشيخ: نريد البيض أم الكتاكيت؟ أمينة ابن الشيخ

أثير في الأيام الأخيرة جدل واسع، يتعلق بما هو هوياتي وثقافي وانتمائي للمغرب، ويتعلق الأمر بواقعة إطلاق “الأسماء الوهابية والسلفية الجهادية” على عدد من الشوارع والأزقة بمدينة تمارة، ضواحي الرباط ومدينة طنجة عروسة الشمال، وهو نفسه الجدل الكبير والواسع الذي أثارته الأسماء الفلسطينية، أو بالأحرى "فلسطنة" عدد من الأزقة والشوارع بمدينة أكادير. وخلجنة أزقة ودروب مدينة الدريوش بالناظور.

أسماء الشوارع والأزقة تختلف، والفاعل للأسف واحد، وهو حزب العدالة والتنمية، الذي يترأس عدد من الجماعات والبلديات...!

 

ولأن منسوب الوعي الهوياتي والثقافي والانتماء المغربي والمغاربي بدأ يكبر رويدا رويدا، مثل كرة الثلج، فقد تصدى المغاربة خصوصا الشباب والشابات منهم، في مواقع التواصل الاجتماعي، لسياسة مشرقنة وفلسطنة وخلجنة المغرب، وعبروا عن استيائهم وغضبهم من إطلاق الأسماء السلفية والوهابية المشرقية على أزقة وشوارع المدن المغربية، وفضحوا هذه السياسة الخطيرة التي تمجد المشارقة وتقصي بشكل كبير كل المغاربة من رجالات ونساء المقاومة والفكر والعلم والرياضة.. ممن استرخصوا حياتهم لخدمة الوطن وأسدوا الشيء الكثير للمغرب وللمغاربة.

 

إن تغيير الهوية البصرية للشوارع المغربية بتسمية الشوارع والأزقة المغربية بأسماء لشخصيات لا علاقة لها بتاريخ ولا جغرافية وطننا في استثناء تام للغة الأمازيغية اللغة الرسمية للبلد، أمر متوقع بحكم إيديولوجية حزب العدالة والتنمية، وهو نفس ما قام به في وقت سابق ابناء ما يسمى بـ "الحركة الوطنية" من قبيل حزب الاستقلال وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، من خلال إطلاق الأسماء المشرقية والبعثية والناصرية على أزقة وشوارع المغرب منذ ستينيات وسبعينيات القرن الماضي. في تهميش واضح وإقصاء ممنهج للأمازيغ وللأمازيغية على حد سواء، بمبرارت لا أساس لها، فتارة يقولون لنا بأن الأولوية في السياسات العمومية هي إرساء مؤسسات الدولة وذلك شأن حزب الاستقلال والمؤسسات التي تدور في فلكه، وتارة أخرى يقال لنا أن الأولوية هي لتثبيت قواعد الديمقراطية، وهذا ما وقع مع حكومة التناوب، وهكذا حتى تمكنوا بالتوالي من تعريب البشر والأرض والبشر.. وها هو حزب العدالة والتنمية "البيجيدي" يعمل على دعشنة الأحياء والشوارع بتسمية زعماء وقيادات التيارات الدينية الأصولية من وهابية وسلفية وإخوانية، أمثال ابن تيمية وتلامذته، ليستكمل بذلك المشروع الذي بدأه أحزاب ما يسمى بـ "الحركة الوطنية"، وهو مشروع إقصائي عنصري يستمر في الزمان والمكان.

 

أما نحن الأمازيغ، فكما هي عادتنا، بقينا كما آباؤنا وأجدادنا أبطال المقاومة وجيش التحرير، خارج التغطية، تارة باسم الوحدة والوطنية، وثانية باسم الدين، وأخرى باسم الإنسانية.

 

إن صعود حزب العدالة والتنمية إلى الحكم نتحمل فيه نحن الأمازيغ مسؤولية كبيرة، ومسؤولية تاريخية، لأننا كنا نطالب بمقاطعة الانتخابات، وبالتالي ساهمنا من حيث لا ندري أو ربما ندري في صعودهم إلى مؤسسات الدولة، من الجماعات إلى البلديات ومن الجهات الى البرلمان ومن الحكومة إلى رئاسة الحكومة، والآن يتحكمون في رقابنا كما يريدون وكما يشاؤون وكيف ومتى يشاؤون.

 

ولأننا ساهمنا في صعودهم إلى مؤسسات الدولة وساهمنا في حصولهم على المناصب والمكاسب السياسية، فقد ردّوا لنا الجميل من خلال إعادتنا إلى نقطة الصفر، لكي نبقى دائما وأبدا تابعين، خنوعين مستضعفين نسعى الفتات ونقنع أنفسنا أننا قادمون (راجع العدد الأول من جريدة العالم الأمازيغي لشهر ماي لسنة 2001 الذي كان يحمل عنوان "الأمازيغ قادمون") وها هي الآن تمر على ذات العدد 19 تسعة عشر سنة، ومنذ ذلك الوقت مازلنا نترجل ولم نصل بعد، لأن الآخر ركب القطار المكوكي أو الطائرات أو على الأقل العربات ذات الدفع الرباعي، ولكن نحن مازلنا نترجل ونؤجل كل شيء، في انتظار غودو الذي لن يأتي؛ وإن أتى سيأتي على أخضر الأمازيغية ويابسها، وسيجدنا نناقش فيما بيننا ونلوك السؤال الفلسفي الكلاسيكي، من الأسبق الدجاجة أم البيضة، في إغفال تام لدور الديك في عملية إخصاب الدجاجة إذا أردنا بيضا ينتج كتاكيت.

 

فهل نريد البيض فحسب أم نريد الكتاكيت أيضا؟

 

وقديما قال الحكيم الامازيغي:

ⵉⵔⵥⴰ  ⵡⵓⴳⴳⴰⵍⵍⵓ  ⴰⵔ  ⵏⵏ  ⵜⵜⴰⴳⴳⵯⴰⵏ ⵉⵎⵉ    ⵜⴼⵓⵏⴰⵙⵜ

IrZa wuggallu ar nn ttaggan imi i tfunast

 

- أمينة بن الشيخ، مديرة جريدة "العالم الأمازيغي"