الجمعة 1 نوفمبر 2024
فن وثقافة

الباحث محمد حفيظ يقرأ الخطاب الإعلامي في زمن كورونا (6)

الباحث محمد حفيظ يقرأ الخطاب الإعلامي في زمن كورونا (6) محمد حفيظ

حل محمد حفيظ، الأستاذ الباحث بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، والصحافي سابقا، ضيفا على حلقة من حلقات الجامعة الرقمية، التي تنظمها حركة الشبيبة الديمقراطية التقدمية، خلال فترة الحجر الصحي؛ وكان موضوع الحلقة هو "قراءة في الخطاب الإعلامي في زمن كورونا".

"أنفاس بريس" تنقل لقرائها، في حلقات، هذا الحوار مع محمد حفيظ الذي جرى بثه على اللايف مساء يوم السبت 25 أبريل 2020

 

الحلقة السادسة: لا أعتبر من يكتب على الفيسبوك صحافيا.. ولا يمكن أن نتعامل معه باعتبار ما يقدمه صناعة صحافية

 

كما هو معلوم، ليس الإعلام وحده الذي يوفر الأخبار، بل هناك منابر تساهم هي الأخرى في نشر الأخبار كمواقع التواصل الاجتماعي. آخر الإحصائيات أشارت إلى أن 80% من مستخدمي الإنترنيت يلجؤون إلى هذه المواقع وفي مقدمتها الفيسبوك كمصدر للمعلومات. لماذا بدأ المواطن المغربي يلجأ إلى هذه المواقع؟ وهل يمكننا القول بأن هذا التصرف مرده إلى أن المواطن فقد ثقته في الصحفي أو في المنابر الإعلامية؟

 

لا يمكن أن نتسرع في إصدار الأحكام، انطلاقا من أرقام معينة.. نقول إن لجوء الناس إلى وسائل التواصل الاجتماعي هو حكم سلبي على وسائل الإعلام. المواطن يلجأ إلى هذه المواقع لأنها تتوفر على العديد من الخصائص التواصلية التي لا تتيحها له وسائل الإعلام "التقليدية". فوسائل التواصل الاجتماعي وَسَّعَتْ من دائرة اتصاله، وجعلت تواصله يتم بسهولة وبكل يسر، وجعلته ينخرط في العملية التواصلية وبشكل مباشر وخارج الحدود. وهذا الوضع ليس خاصا فقط بالمغرب، فهو ظاهرة تهم بلدان العالم كلها، فنسبة كبيرة جدا من الناس تستعمل هذه الوسائل في التواصل الاجتماعي.

 

وفي رأيي، لا يمكن أن نصدر أحكاما على الصحافة والإعلام بناء على المقارنة بين عدد مستعملي وسائل التواصل الاجتماعي وعدد المتابعين لوسائل الإعلام. مثلما لا يمكن أن نعتبر لجوء الأفراد إلى وسائل التواصل الاجتماعي هروبا من وسائل الإعلام. أولا، الانتماء إلى العصر يجعل الأفراد بل يفرض عليهم أن يستعملوا هذه الوسائل في تواصلهم الفردي والجماعي. ثم ثانيا إن وسائل التواصل الاجتماعي هي حامل لما يبثه فيها الناس من معلومات وآراء وصور وفيديوهات...

 

يجب أن نميز بين الصنفين. فما تنشره صحيفة إلكترونية أو صحيفة ورقية أو إذاعة أو تلفزة يدخل في إطار المحتوى الصحافي، وهناك معمل لصناعة المحتوى الصحافي؛ هذا المعمل يشتغل فيه الصحافيون والإعلاميون. ما يبث على وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف أنواعها هو ما ينشره الناس من آراء ومعلومات. كان الناس يلتقون في مقهى أو في مجمع عائلي أو في مناسبة معينة ويتبادلون معلومات وأفكارا وآراء، واليوم التكنولوجيا وسَّعت هذه المساحة وأعطتها بعدا كونيا. ولذلك، فالإعلام والصحافة شيء وما يوضع على وسائل التواصل الاجتماعي شيء آخر. وحينما نريد أن نقيم ما ينشر في وسائل الإعلام ينبغي أن نستند معايير تختلف عن المعايير التي يمكن أن نقيم بها ما ينشر في وسائل التواصل الاجتماعي.

 

وانطلاقا من هذا التمييز، لا أعتبر من يكتب على الفيسبوك صحافيا. هو مواطن يعبر عن رأيه، وقد يخبر بمعلومات، ولكنه لا يصنع المحتوى، باعتباره محتوى صحافيا. قد يقوم ببعض وظائف الصحافي في الإخبار والتعبير عن الرأي والشرح والتفسير والتحليل، ولكن لا يمكن أن نتعامل معه باعتبار ما يقدمه صناعة صحافية. فحينما نتحدث عن الصحافة، فإننا نقصد المحتوى الذي تصنعه الصحافة الورقية، والصحافة الإلكترونية، والمحطات الإذاعية، والقنوات التلفزيونية. وفي المقابل، ما يبث على وسائل التواصل الاجتماعي معلومات وآراء وصور يتبادلها الناس فيما بينهم، مثلما كانوا يتبادلونها دائما، ولم تمر من مصنع الصحافة والإعلام الذي يصنع المحتوى الإعلامي وفق قواعد الصحافة وأخلاقيات المهنة والرؤية التحريرية.