الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

نوفل البعمري: التقاضي عن بعد خرق للمحاكمة العادلة

نوفل البعمري: التقاضي عن بعد خرق للمحاكمة العادلة نوفل البعمري
أعلن وزير العدل عن انطلاق عملية التقاضي عن بعد،و هو الإجراء الذي اسأل الكثير من المواقف الرافضة له، سواء من طرف النقابة الديمقراطية للعدل،أو من طرف غالبية النقابات المشكلة لهيئات المحامين بالمغرب، قرار وزير العدل الذي اتخذه يطرح عدة ملاحظات جوهرية منها ما يلي:
- القرار اتخذه وزير العدل بتشاور فقط مع إدارة السجون، النيابة العامة و المجلس الأعلى للسلطة القضائية حسب التصريح الذي نقل عنه، وهي خطوة اتخذت بشكل أقصى قطاعين أساسيين من الأسس المشكلة للجسم القضائي بالمغرب، و هم كتابة الضبط من خلال ممثليهم، و المحامين من خلال جمعية هيئات المحامين بالمغرب والنقباء، مما يجعل من هذا القرار قرار متسرع، لم يتخذ بعين الاعتبار موقف و رؤية باقي الفرقاء الذين بدونهم لن تستقيم المحاكمة و لم تتحقق المحاكمة العادلة.
-القرار يقضي بعدم نقل المعتقلين للمحاكم و بالاستماع إليه عن بعد، افتراضيا، وهو ما يطرح مدى احترام حقوق الدفاع سواء بالسنة للمتهمين المعتقلين أو بالنسبة للمحامين، الدفاع، فكيف يمكن الاستماع لمتهم دون أن يكون إلى جانبه محاميه؟ وبأية ضمانات؟ وكيف يمكن ضمان الاستماع المتهم عن بعد بشكل يحترم حقوقه الكاملة؟ قرار وزارة العدل لا تجيب على ذلك.
- القرار هو قرار غير قانوني مخالف لقواعد المسطرة الجنائية التي تنظم المحاكمات في المادة الجنحية والجنائية، والخروج عليها لا يمكن أن يتم إلا بتعديل القانون و ليس بالإعلان عن ذلك في منشور أو في تصريح داخل البرلمان.
- القرار غير دستوري، لأنه يخالف القواعد التي نص عليها الدستور في مختلف الفصول التي تضمن وتنص على احترام قرصنة البراءة، والحرية، وعلى المحاكمة العادلة، كما أنه مختلف للمادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي حدد قواعد المحاكمة العادلة.
- القرار اتخذ بعلة اكتظاظ السجون، وهي علة لا تستقيم مع الواقع، فقد كان على وزير العدل أن يدافع على القواعد المنصوص عليها في المسطرة الجنائية منها ما يتعلق بالإجراءات البديلة،الوقائية، منها حث النيابة العامة على متابعة من يتم تقديمهم أمامها في حالة سراح بعد متابعتهم في حالة اعتقال لتفادي الاكتظاظ، وحث القضاة على توسيع نطاق الاستجابة لملتمسات السراح المؤقت التي تقدم من طرف الدفاع، إذ لا يمكن أن يتحمل المتهم وضعية الاكتظاظ الناتجة عن قرارات قضائية، وتكون حقوقه و حقوق الدفاع هي ثمن ذلك.
- قرار وزير العدل في حالة العمل به، سيؤدي إلى نقض تلك الأحكام لأن المحاكمات ستجري بشكل مخالف للقانون ونخلق وضعية خارج الدستور والقانون.
المحاكمات الافتراضية تنظيما و قرارا،تعكس نوع من الارتجال، معالجة ظروف السجناء والاكتظاظ،لا يمكن أن تكون على حساب القانون وحقوق الدفاع، بل يجب أن تعزز صمامات المحاكمة العادلة وهو ما لم يتوفر في نازلة الحال.