السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

يحيى المطواط: جائحة "كورونا".. في الحاجة إلى إعلام إنساني لتدبير الأزمات

يحيى المطواط: جائحة "كورونا".. في الحاجة إلى إعلام إنساني لتدبير الأزمات يحيى المطواط
تربعت جائحة كورونا على عرش الإعلام الدولي بكل وسائله وطرق اتصاله، وانخرطت جيوش الصحفيين لمحاربة هذا العدو الكوني، فانطلق الجميع نحو اقتناص صورة من هنا وهناك وتِعداد أرقام تزداد وتنقص لعدد الضحايا التي يخلفها كوفيد 19 كل دقيقة وكل ساعة. جهد مضني من أجل مصداقية الخبر والكلمة الحرة النزيهة التي تحترم قدسية الخبر، صور لتضامن إنساني في أبهى تجلياته، صور لانتصار قيم الإنسانية بين البشر وصور التعاطف مع المصابين، ولا تسمع غير أصوات التسامح والصلاة بكل أشكالها وطقوسها لرب واحد من أجل رفع هذا الوباء والمتمنيات بالشفاء لمن ألمَّ به الداء.
تراجعت أهمية كل الأخبار إلا ما تعلق بكورونا، خطفت هذه التاجية الأضواء من المشاهير والرياضيين وكبار الفنانين فلم يعد للخبر معنى ولا طعمًا إن لم يكن له ارتباط بمستجدات الفيروس، أو أخبار تبرز القواسم المشتركة الجميلة بين بني البشر والتضامن الإنساني في أبهى صوره.
وإذا كان الإعلام النزيه قد وحد كلمته بشكل تلقائي وجعل من خطابه أداة لخدمة الإنسان بواسطة التوعية أو بأشكال أخرى تبعث الأمل والطمأنينة في نفوسٍ تعكر صفوها وأخرى على وشك الإنهيار، فإننا في المقابل نجد إعلاما مسعورًا يتزعمه أشباه صحفيين امتهنوا مهنة المصاعب عن طريق الخطأ زادُهم هو الجاهز مما تبقى من أخبار، كالكلاب التي تقتات على الفضلات، لا يهمهم إن كان الخبر صحيحا ولا مصدره، بل يمارسون سادية من نوع خاص هي بث الذعر بين الناس بواسطة الإشاعات والأخبار الزائفة، همهم الوحيد هو الحصول على أكبر عدد من المشاهدات والقراءات، تجدهم في الشوارع يبحثون عن كل شيء ولا شيء، حتى أصبحوا كالفطريات في كل مكان.
كثر "اللهط"و"اللغط" واختلطت الأصوات وتاه الجميع وسط "جوطية" من صحافة الارتزاق "كُلْها يلغي بْلغاه"، مواقع إلكترونية تخدم أجندات الرداءة، جيوش من الذباب الإلكتروني على أهبة الاستعداد للتشويش والهجوم على كل ما هو جميل، أقلام مأجورة مستعدة للمقايضة حتى على حساب الوطن، باعوا ضمائرهم بالمزاد العلني حتى وصلوا إلى الحضيض الفكري والأخلاقي.
اليوم نحن في حاجة إلى إعلام إنساني يوظف كل وسائله وإمكانياته ضد هذه الجائحة من أجل خدمة الإنسان ومن أجل القيم الكونية المشتركة، اليوم كلنا مطالبون "بغربلة" ما يصلنا من أخبار، لا بد أن نحتاط من مهندسي الأخبار الزائفة ومروجي الإشاعات ومِن خُدَّامهم من "المُتَصيْحِفين" الذين يُخيل إليهم بدون حياءٍ أنهم صحفيون، كبعض الجهلة الأغبياء الذين ابتلت بهم إيطاليا.
نحتاج إلى إعلام "الأزمات" يكون مستعدا للعب أدوار طلائعية بدءًا من التوعية مرورا بنشر كل ما هو إيجابي يزرع التفاؤل والأمل ويراعي الجانب النفسي للمواطن، وصولًا إعلان الانتصار ليس فقط على الجائحة بل حتى على الأصوات النشاز التي تغرد خارج السرب، أزمة كورونا ستعيد للأعلام والصحف الجادة دورها الحقيقي كما أعادت لمهن الطب والتمريض مكانتها الاعتبارية داخل المجتمع.