الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

البدالي :الفساد وكورونا يتحالفان ويجثمان على المغرب

البدالي :الفساد وكورونا يتحالفان ويجثمان على المغرب البدالي صافي الدين
أصيب المجتمع المغربي بوباء الفساد ونهب المال العام والرشوة منذ زمن بعيد. هذا الوباء الذي أصاب المغاربة تعليمهم في كل أسلاكه ومستوياته وفي مستشفياتهم من المستوصف إلى المستشفى الجامعي، حتى أصبحت المدرسة العمومية تعاني من سرطان التجارب الفاشلة ومن الفساد المالي والإداري ومن الفساد البيداغوجي ومن العقم الثقافي و العلمي ومن تراجع التطور الفكري والنمو العقلي والإبداعي، ولم تعد تنتج إلا التطرف بكل أشكاله والغش بكل أنواعه و الرشوة و البؤس الاجتماعي والتخلف الفكري والعقائدي.
وفقدت دورأستاذها لما انتزعت منه كرامته وعطلت مواهبه، حتى لا يظل هو الباحث والمنظر التربوي والمبدع البيداغوجي والوسيط الاجتماعي والقاهر للجهل .
ولكي يتحول إلى آلة تمرير مفاهيم وقضايا فرضتها برامج ومناهج لم يشارك فيها ولم يكن له رأي فيها حتى أصبحت المدرسة هيكلا بدون روح وأصبحت عملية التعلم بدون طعم و أصبح الطفل و التلميذ و الطالب يرى في المدرسة المجهول. و بفعل سرطان الفساد الذي ينخر البلاد بدون رادع تحولت المستشفيات إلى مقابر الأموات، وأصبح الطبيب بين القسم المهني والواقع العنيد ليعيش الأزمة، فلما جاء الوباء / الكارثة وجد المغرب نفسه أمام واقع مزري على مستوى هذين القطاعين ، يتجلى في ضعف البنية التعليمية وعجزها عن مواجهة الأزمة، وبالنسبة للقطاع الصحي فإن جل المستشفيات والمراكز الصحية لم تكن قادرة على مواجهة الجائحة من حيث التجهيز و بنية الاستقبال المناسبة والموارد البشرية ، مما أدى إلى معاناة الأطباء والممرضين والممرضات وتقنيي المختبرات، ولولا التماسك الإجتماعي والتضامن الذي تميز به الشعب المغربي رغم ظروفه المعيشية، والعمليات الإستباقية التي قامت بها الدولة، ولولا تضحية الطبيب و الممرض من أجل مواجهة خطر الفيروس، ولولا الأستاذ الذي ضحى من أجل تقديم دروس عبر المنصات التواصلية لاستكمال البرامج رغم الصعوبات التقنية وغياب المساعد بالأسرة للتصدي للجهل ولليأس الذي عم الفضاءات العائلية لعاش الشعب المغربي الكارثة العظمى .
لقد وجدت الدولة نفسها في أمس الحاجة لرجال البذلة البيضاء، الذين ظلت تعنفهم كلما خرجوا مطالبين بتحسين ظروفهم وتأهيل المستشفيات لمصلحة المواطنين والمواطنات، من أجل إنقاذ أرواح المواطنين من خطر الفيروس ووجدت نفسها في أمس الحاجة للأستاذ الذي ظل يهان ويعاني من الإقصاء ومن التهميش لإنقاذ السنة الدراسية باستكمال البرامج على حسابهم.
كلهم كانوا عند الطلب، أطباء وطبيبات، أساتذة وأستاذات وكلهم ضحوا من أجل الوطن، حتى أن أطباء سقطوا شهداء في هذه المعركة.
لكن بالمقابل وجدت الدولة نفسها أمام تمرد الذين أنتجتهم سياسة التعليم العقيمة يرفضون قرارات الدولة و يلجئون للعنف.
وأمام تمرد أرباب التعليم الخصوصي وأمام أرباب المصحات الخصوصية بطلبهم الاستفادة من صندوق التضامن لمواجهة خطر فيروس كورونا، وأيضا أمام تواري البرلمانيين والبرلمانيات و المستشارين والمستشارات، الذين لم يعد يظهر لهم أثر ما ينتظرون إلا أن تضع الحرب أوزارها فيخرجون مثل " المخلفون من الأعراب " أو كمثل مقاومي الساعة 25 في فرنسا بعد الانتصار على النازية. ليمدوا أيديهم للتعويضات و ليطالبوا بالمزيد من الامتيازات .
أصبحت الدولة أمام مسؤولية رد الاعتبار للمدرسة العمومية وللأستاذ وللصحة العمومية وللطبيب ومؤسسة التضامن الاجتماعي بالقطع مع الفساد والمفسدين ونهب المال العام وسياسة الريع .
البدالي صافي الدين، فاعل سياسي وحقوقي