الأربعاء 24 إبريل 2024
في الصميم

32 «صطافيت» لـ324 معتقلا يوميا بالبيضاء.. مرحبا بكم في فندق عكاشة!!

32 «صطافيت» لـ324 معتقلا يوميا بالبيضاء.. مرحبا بكم في فندق عكاشة!! عبد الرحيم أريري
لو جمعنا عدد «صطافيطات» الأمن الوطني التي تنقل المعتقلين إلى سجن عكاشة بالدار البيضاء كل سنة ووضعنا الواحدة وراء الأخرى، لحصلنا كل سنة على مسافة بطول 70 كلم (طول هيكل فاركَونيت يقارب ستة أمتار)، أي ما يعادل المسافة بين مدينتي مريرت والحاجب أو بين مدينتي وزان وشفشاون، إذ في كل سنة يتم اعتقال 118000 فرد بالدار البيضاء بسبب جرائم مختلفة.
هذا الرقم يثير الفزع، لأن عدد الموقوفين يمثل 3.5 في المائة من مجموع سكان الدار البيضاء. بمعنى أنه من أصل مائة بيضاوي هناك أربعة أفراد تقريبا يحملون جينات إجرامية (سرقة - الاتجار في المخدرات - نصب - اغتصاب...إلخ) وهو ما يطرح سؤالا على كافة المسؤولين باختلاف مستوياتهم (الحكومية والبرلمانية والحزبية والأمنية والقضائية والمدنية والجامعية والدينية) للقيام بوقفة لمعرفة سبب انزلاق الدار البيضاء، وبالتالي الخوف من أن تنتقل البيضاء من «العتبة المقبولة إجراميا» إلى «العتبة الأمريكو-شمالية» أو إلى «العتبة الأمريكولاتينية» في الإجرام في حالة ما إذا ترك الحبل على الغارب.
مشروعية القلق تكمن في أن هذا الرقم يخفي بدوره رقما مفزعا، يتجلى في أنه من مجموع 118 ألف موقوف، نجد أن 94 ألف شخص تم توقيفهم في حالة تلبس، أي ما يمثل 79 في المائة من مجموع الموقوفين، وهو ما يشكل 2.8 في المائة من مجموع سكان «كازا».
طبعا الأرقام التي أوردناها تبقى جزئية، لأنها لا تخص سوى إدارة الأمن الوطني، في شخص والي الأمن بالبيضاء عبد الله الوردي الذي سبق وكشف عن هذه المعطيات. وبالتالي لا نتوفر على معطيات بشأن الإجرام بالمناطق الخاضعة لنفوذ الدرك الملكي الذي لم يصدر بعد أرقامه بعد لإخبار الرأي العام بالواقع.
لكن إذا قمنا بإسقاط متسرع باحتساب عدد سكان ضاحية الدار البيضاء الخاضعة للدرك الملكي مقارنة مع مجموع سكان المدينة، سنجد أن الدرك يشرف على حوالي 700 ألف نسمة، أي 21 في المائة من المجموع العام، وبالتالي سنحصل على عدد يقارب 23 ألف موقوف من طرف الدرك الملكي في السنة (طبعا مع كامل التحفظ لأنه مجرد إسقاط وليس رقما رسميا صادر عن جهاز الدرك)، وبالتالي سنكون أمام عدد مهول من الموقوفين بكامل تراب البيضاء يصل إلى 141 ألف شخص (تراب الأمن الوطني والدرك الملكي معا)، أي ما يمثل 4.2 في المائة من المجموع العام لساكنة الدار البيضاء!
فهل سبب ارتفاع منحنى الجريمة هو البطالة؟ أم سوء التنشئة بالمدرسة والأسرة؟ أم أن سبب تصاعد هذه الأرقام مرتبط بتفكك المجتمع وتدمير نسقه القيمي؟
لماذا استقالت كل الأطراف المعنية من أسرة وأحزاب وحكومة وبرلمان وجماعات ترابية ومساجد عن لعب دورها الوقائي؟
هل ترك البوليس والدرك وحراس السجن لوحدهم في مواجهة تسونامي الجريمة بالدار البيضاء هو الحل لتطويق الظاهرة؟
ففي مدينة تفتح سجونها يوميا لاستقبال 32 «صطافيت» محملة بـ 324 معتقلا، بدل أن تفتح أبواب مختبرات بحثها أو أبواب مسابحها وملاعبها ومعاملها للشباب لتفجير شحناتهم السلبية أو لإنتاج المعرفة والثـروة، على المسؤولين الأربعة الأوائل بالدار البيضاء (العمدة ووالي الجهة ورئيس الجهة ورئيس مجلس العمالة) ألا يرف لهم جفن حتى يتم تجفيف منابع هذه الأرقام الصادمة.