السبت 20 إبريل 2024
سياسة

قراءة في الإرث الأسود لوزير الشباب والرياضة السابق الطالبي العلمي

قراءة في الإرث الأسود لوزير الشباب والرياضة السابق الطالبي العلمي رشيد الطالبي العلمي، وزير الشباب والرياضة الأسبق،و حسن عبيابة الوزير الحالي للقطاع(يسارا)

تعتبر الخطابات الملكية حول الشباب بمثابة خارطة طريق لوزارة الشباب والرياضة من أجل رفع جميع التحديات التي تواجه شبابنا، من خلال رسم سياسات شجاعة و جريئة تقترب من هموم الشباب و تهدف إلى بلوغ مصالحهم، لكن الواقع شيء آخر.

1ـ أرقام ومعطيات صادمة

إن أرقام الإحصائيات المتوفرة لجريدتي "الوطن الآن" و "أنفاس بريس"، تؤكد أن 11 ميلون شاب وشابة يمثلون نسبة 34% من ساكنة المغرب. من هنا يرى العديد من المراقبين أنه "كان لزاما على وزارة الشباب والرياضة أن تشتغل على موضوع الشباب بمقاربة تنموية، بعيدا عن خلفية الوعيد والتهميش والإقصاء".

هذا الإمكان الشبابي الذي يمثل ثروة بشرية هائلة، كان من المفروض أن تشتغل عليه الوزارة الوصية بمقاربة "الإحتضان والإحتواء وتعميم مشاركتهم في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، والحرص على مساعدتهم في الاندماج في الحياة النشيطة" توضح مجموعة من الفعاليات التي تتابع وترصد سياسة "قطاع الشباب والرياضة".

وفي سياق متصل أكدت نفس المصادر أنه كان "ينبغي أن تكون أي سياسة عمومية مندمجة للشباب خارج الحسابات الإيديولوجية الضيقة خصوصا في ظل المعطيات و الأرقام الصادمة عن واقع الشباب في المغرب". على اعتبار أن النسب المائوية المقلقة على سلم واقع الشباب المغربي تؤكد " أن نسبة 1% من مجموع 11 مليون شاب وشابة فقط منخرطة في الأحزاب السياسية"، في الوقت الذي يتساءل الرأي العام عن أسباب العزوف السياسي وإشكالية تجديد النخب وتشبيبها.

نسبة مائوية أخرى صادمة لا تقل أهمية عن سابقتها بحيث أنها تعكس صورة حقيقية لتهميش الشباب، تتمثل في كون " 50% من الشباب المغربي تتولى وظائف ضعيفة و هامشية"، فضلا على أن نسبة " 75% من الشباب بلا تغطية صحية". هذا بالإضافة إلى ارتفاع عدد العاطلين في صفوف الشباب وتمثل نسبتهم " أعلى معدلات البطالة التي تبلغ 26% في صفوفهم" .

2 ـ هل اعتمدت الوزارة إستراتيجية مندمجة للشباب؟

هذه المعطيات الإحصائية عجلت بالكشف على أن الإستراتيجية المندمجة للشباب برسم سنة 2015 لم تحقق أهدافها في مجال إدماج الشباب خصوصا "فيما يرتبط بتقليص الفوارق المجالية و تكريس العدالة الاجتماعية و درجة إشراك الشباب في تدبير الشأن العام، وفي صناعة القرار ببلادنا، علما أن ذلك لا يتعلق بسياسة قطاعية واحدة بل بسياسة عمومية متقاطعة". بل أن المعطيات الواقعية للسياسة العمومية المرتبطة بالشباب هي "استمرار المقاربة القطاعية وغياب الالتقائية الفعلية بين السياسات القطاعية التي من المفروض أن تكون نتيجة للتفعيل الحقيقي لآلية التنسيق التي يجب أن تقوم بها وزارة الشباب و الرياضة". تؤكد نفس المصادر.

هذه الصورة السوداء تفسح المجال لأسئلة حارقة تنتصب في وجه الوزارة الوصية: كم من إستراتيجية مندمجة للشباب تلزم صانع القرار بوزارة الشباب والرياضة لمعالجة قضايا الشباب؟ لماذا يهدر الزمن التنموي و السياسي؟ . كم من أموال دافعي الضرائب صرفت عن هذه الإستراتيجية الموعودة؟

فور توليه منصب وزير الشباب والرياضة سارع رشيد الطالبي العالمي إلى تقديم إستراتيجية جديدة كل مضامينها مرتبطة بالوقت الثالث الذي هو الترفيه؟ أو هذه هي ما جاد به مكتب الدراسات الذي بادر الوزير فور ولوجه لباب الوزارة إلى منحهم هذه الصفقة دون الإعلان عنها و دون أن يقوم هذا المكتب بلقاءات جهوية ومحلية مع الشباب . حيث تنتصب مرة أخرى أسئلة تنتظر الإجابة: كم كلفت هذه الصفقة الوزارة؟ و أين نحن من هذه الإستراتيجية خاصة و أن الوزير أعلن في كذا حوارات عن إستراتيجية أحادية خاصة بالرياضة؟

اليوم نحن في حاجة إلى إستراتيجية مندمجة، قطب الرحى فيها هو: كيف لنا أن نجعل من الشباب أساس التنمية و ليس مطية لبلوغ أهداف حزبية سياسوية متعفنة .

أين نحن من الإستراتيجية المندمجة للشباب التي تحدثت عن إصدار بطاقة الشباب والتي تمكن من الاستفادة من تخفيضات في وسائل النقل العمومي و من ولوج دور المسرح و السينما و غيرها ؟

3 ـ واقع دور الشباب ...جسد بدون روح

ماذا عن دور الشباب التي أنجبت مثقفين وجمعويين وسياسيين وغيرهم؟ هي اليوم تعاني في صمت و في مسمع من وزيرها والذي لم يقم بأي إجراء لملائمة الأنشطة و التكوين الذي تقوم به مع متطلبات و واقع الشباب الحالي وانتظاراته، ناهيك عن تراجع أعدادها و النقص الحاد في أطرها مما جعلها اليوم مرتعا للعشوائية و الانحرافات بشتى أشكالها.

فالعديد من دور الشباب التابعة لوزارة الشباب والرياضة هي على وشك إغلاق أبوابها أمام الشباب وباقي المرتادين، وذلك لأسباب مختلفة تتباين بين الوعود بإصلاح المقرات، أو صعوبات في تسيير الدور، بل حتى دور الشباب المفتوحة تبقى كجسد بدون روح و بدون رؤية و إستراتيجية.

4 ـ الأندية النسوية ورياض الأطفال

فيما يخص إحدى مهام وزارة الشباب و الرياضة و التي تعتبر جد محورية لما لها من آثار على المرأة و الفتاة المغربية عبر شبكة من الأندية النسوية و رياض الأطفال و التي يسيرها أكثر من 80% أطر مساعدة تكافح و تناضل من أجل تسوية وضعيتها الإدارية أمام صمت رهيب من الوزارة الوصية، مقرات و مؤسسات غالبيتها آيلة للسقوط ، برامج و مقررات تكوينية " أركاييكية" تعود لحقبة الاستقلال لا توجد ضمن أجندة اهتمام وزير الشباب و الرياضة .

5 ـ مراكز إيواء الطفولة ...الورم الخطير.

أما مراكز إيواء الطفولة أو حماية الطفولة فهي بمثابة ورم خطير نبهت إليه الجمعيات الحقوقية بالمغرب و خارجه، حيث عنون التقرير الذي أنجز في شأنها المجلس الوطني لحقوق الإنسان ب ''طفولة في خطر''، ولا أحد تحرك من داخل الوزارة. مراكز في الهاوية تأوي عشرات الأطفال تعاني سوء التغذية و حرمان من أبسط الخدمات الإنسانية و غياب تام لمناهج و برامج تربوية إصلاحية موحدة.

6 ـ سؤال الرياضة ؟

وفيما يتعلق بالرياضة و التي كان يسوق لها وزير الشباب و الرياضة مدعيا مأسستها و العمل على نهج أسلوب حكامتها فالواقع يصدم المتتبع للقطاع الرياضي ببلادنا، واقع بعيد كل البعد على ما تضمنته الرسالة السامية التي وجهها ملك البلاد إلى المناظرة الوطنية حول الرياضة، فأغلب الجامعات الرياضية لا زالت تعاني من العديد من المشاكل الإدارية و المالية جعلت علاقتها بوزارة الشباب والرياضة يشوبها التوتر و الفتور، الأمر الذي انعكس سلبا عن الرياضة الوطنية. والنموذج الصراخ ما يقع في الجامعة الملكية لكرة السلة و الجامعة الملكية للبادمنتون.

تأخر و فتور غير مبرر في إصدار النصوص التطبيقية لقانون 30.09 المتعلق بالتربية البدنية و الرياضة لتلامس الواقع الرياضي. وما مآل الإفتحاص الذي قامت به الوزارة لبعض الجامعات الرياضية و عدم قيامها بهذا الافتحاص لبعض الجامعات الرياضية الأخرى؟

7 ـ ملف ملاعب القرب

ملف ملاعب القرب و التي قرر الوزير إنجاز (800 ملعب قرب) بشراكة مع الجماعات الترابية، فلم يتم إنجازها على الواقع في ثلاث جهات على الأقل إضافة إلى قراره الغير المفهوم بمجانيتها، خاصة أن العدد الأكبر منها تحت إشراف الجماعات المحلية و ليس وزارة الشباب و الرياضة .

فمنذ سنة 2009 و إلى اليوم لم تنجز الوزارة سوى 371 ملعبا للقرب. فكيف ستستطيع وزارة الشباب و الرياضة إنجاز 800 ملعبا في مدة وجيزة؟ و لماذا التجأ الوزير إلى القرض و الفوائد إذ كان بالأحرى أن يعتمد على الإعتمادات التي لم تصرف و التي تقدر ب850 مليون درهم .

تدابير عشوائية و قصور رهيب طال أيضا مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة من قبيل منشآت رياضية كالمركب الرياضي بفاس و المجمع الرياضي الأمير مولاي عبد الله حيث تم حذفهم من هذا الإطار التدبيري دون إدراجهم في أي نمط آخر الشيء الذي يدفعنا للتساؤل عن أي إطار تستخلص الخدمات المقدمة من طرفها و أين تودع حساباتها المالية .

8 ـ فضيحة امتحانات توظيف أطر المعهد الملكي.

قبل إعفاءه من مهام الوزارة رسخ الطالبي العلمي سلوك الانتهازية والمحسوبية وسياسة أباك صاحبي، بعد أن تفجرت فضيحة لوائح نتائج امتحانات توظيف أطر المعهد الملكي لتكوين أطر الشباب والرياضة، والتي عرفت مسلسللا من التجاوزات والشبهات أدت إلى منع منح التعينات الجديدة، وإعادة تصحيح أوراق الامتحانات بقرار من الوزير الجديد الذي توصل بشكايات عديدة في الموضوع، فضلا عن استعداد المقصيين والمتضررين من الشباب وإصرارهم في الدخول في أشكال نضالية متعددة أمام الوزارة.