الجمعة 29 مارس 2024
سياسة

من يحاول تغليط الرأي العام بشأن "إغفال" غوتيريس لأدوار المجلس الوطني لحقوق الإنسان في تقريره لمجلس الأمن؟

من يحاول تغليط الرأي العام بشأن "إغفال" غوتيريس لأدوار المجلس الوطني لحقوق الإنسان في تقريره لمجلس الأمن؟ أمينة بوعياش رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان وغوتيريس الأمين العام للأمم المتحدة

في الوقت الذي تفاعلت مجموعة من المنابر الإعلامية مع التقرير الأخير، الذي رفعه أمين عام الأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريس" لمجلس الأمن حول الصحراء على غرار باقي التقارير الأممية، وهو ما يجب أن يتعزز أكثر من خلال السهر أيضا على تعزيز مواكبة أشغال دورات مجلس حقوق الإنسان بجنيف والاستعراض الدوري الشامل وتقارير الهيئات التعاهدية والمساطر الخاصة وتوصياتها، إلى أنه من المؤسف أن جل الزملاء ساروا اتجاه واحد، وإن اختلفت المنابر وتعددت؛ فيه كثير من التغليط للرأي العام والقراء والمتصفحين.

 

جل المقالات ركزت للأسف على عدم ذكر تقرير الأمين العام لأدوار المجلس الوطني لحقوق الإنسان في تقريره الأخير، مؤكدة أنها أول مرة يتم فيها "إغفال" ذكر المجلس ولجانه الجهوية في التقرير منذ 2012، وهو خطأ جسيم وصريح، يمكن أن يستشف منه وجود إهمال كبير في البحث أو وجود تحامل على المؤسسات.

 

الحقيقة أن مقاربة "غوتيريس" تختلف عن مقاربة "بان كي مون". فإن كانت تقارير الثاني تشير، منذ 2011 (حيث رحب بإحداث المؤسسة) وليس منذ 2012، كما يتم تداوله، (كانت تشير) إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان ولجانه الجهوية، وهو ما قد يكون مرده لمقترح توسيع مهام المينورسو لتشمل حقوق الإنسان بأقاليمنا الجنوبية، فهذا الأمر لا ينطبق بتاتا على تقارير غوتيريس، جميعها، باستثناء تقرير أبريل 2017، وهو أول تقرير له في الموضوع، وإن مر ذلك التقرير سريعا على المجلس الوطني في مناسبتين (الفقرة 56 والفقرة 71). الراجح أن يكون إعداده تم على يدي بان كي مون وفريقه، على اعتبار أن الأمين العام الجديد تسلم مهامه أربعة أشهر بالكاد على تاريخ تقديم أول تقرير له حول الصحراء لمجلس الأمن.

 

فإن كان هناك أي "تحول خطير" في تقارير الأمين العام الجديد، فقد وجب الانتباه إلى ذلك في ثاني تقاريره حول الصحراء، أي في مارس 2018، ثم في أكتوبر 2018، ثم في أبريل 2019، قبل تقرير أكتوبر 2019... وهي تقارير لم تأتي على ذكر المجلس جميعها، على الإطلاق.

 

فرغم أن تقارير الأمين العام الأخيرة لم تأتي على ذكر المجلس، إلا أن جميع قرارات مجلس الأمن لم تغفل قط أدوار المجلس ولجنتيه الجهويتين بل ورحبت بها، آخرها قرار أبريل الماضي رقم S/RES/2468، الذي رحب "بالخطوات والمبادرات التي اتخذها المغرب والدور الذي تؤديه لجنتا المجلس الوطني لحقوق الإنسان اللتان تعملان في الداخلة والعيون"، وقبله القرار رقمS/RES/2440 (أكتوبر 2018) والقرار الذي قبلهما رقم S/RES/2414 (أبريل 2018)...، في ما يبدو أنها مقاربة جديدة لغوتيريس تسلط الضوء على الأحداث والسياقات وقضايا حقوق الإنسان في متن تقارير الأمين العام، وتترك الأدوات والآليات لتأتي في نص قرارات مجلس الأمن.

 

المؤسف ربما أنه لم يتم استدراك الأمين العام للإشارة إلى تنصيب الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، خاصة أنه كان في كل مرة يركز في تقريره على غيابها، وكذا آلية تتبع حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والآلية الوطنية للتظلم الخاصة بالأطفال، وإن كان من الصعب مبدئيا القيام بذلك على اعتبار أنه تم تعميم تقرير الأمين العام مطلع أكتوبر الجاري، أيام قليلة فقط بعد تنصيب الآلية، نهاية شتنبر الماضي.

 

هناك خطأ منهجي إذن، في البحث والتأكد من المعلومة أولا، وفي التحليل ثانيا، ثم في التسرع وبناء أحكام وخلاصات خاطئة. لا يمكن لأي باحث أو خبير أن يغفل الفرق بين تقارير الأمين العام، ولا أحد يجادل في أهميتها، وبين قرارات مجلس الأمن، وهي الأهم!!. من الحيف أن لا نشير إلى هذه القرارات في تحليلنا لهذه المعطيات، التي نتمنى أن تنصفنا دائما، إلى حين انتهاء هذا المسلسل قريبا، إلا إذا كان هناك قصد ونية مبيتة لتغليط الرأي العام، وللأسف حتى عدد من المنابر الصحفية المحترمة سقطت في فخ تدوينة لم يكلف صاحبها نفسه عناء الرجوع إلى التقارير السابقة للتأكد من صحة ما يقول، لكنها تبقى صفحة خاصة، أما الصحفي والمنابر الإعلامية فمن بين مسؤولياتها المهنية البحث والتقصي والتحقق من صحة المعلومات قبل نشرها.