دائما كنا نقول إن أهم مدخل لمحاكمة السلطات الحكومية هو مفتاح السجون والسجناء. إذ لما يعم الرخاء والرفاهية، ينشغل المرء بالدينامية الاقتصادية التي توفر له فرصا متنوعة للعمل؛ وبالمقابل لما ينكمش الاقتصاد ويعم الركود ترتفع منحنيات الإجرام.
هذا ما حدث بالضبط بالمغرب مع مجيء الأصوليين للحكومة. فقبل عام 2011 كانت الساكنة السجنية بالمغرب تصل بالكاد إلى 57.769 نزيل، فإذا بها تقفز اليوم إلى 82.716 سجين. أي في الوقت الذي ارتفع فيه عدد السجناء بنسبة 28 في المائة، نجد أن نسبة نمو الاقتصاد بالمغرب انخفضت بـ 58 في المائة خلال نفس الفترة، علما أن نقطة واحدة من النمو الاقتصادي تسمح بخلق ما بين 30 و35 ألف منصب شغل في السنة!
وإذا استشهدنا بالمعطيات الصادمة التي كشفها عادل بلعمري، الباحث في سوسيولوجيا الإجرام، ليومية "الاتحاد الاشتراكي" مؤخرا، سنصاب بالدوار. إذ أبرز الأستاذ عادل بلعمري أن المغرب يعرف 281 سجينا لكل 100.000 نسمة، وهي نسبة جد مقلقة ومرتفعة مقارنة مع دول العالم الغنية او الفقيرة، أكانت هذه الدول ذات الحجم السكاني الكبير جدا أو العكس.
ففي أندونيسيا مثلا، نجد 38 نزيلا لكل 100.000 مواطن، وفي باكستان هناك 59 نزيلا لكل 100.000 نسمة.
أما في فرنسا فنجد 95 نزيلا لكل 100.000 نسمة، و92 نزيلا لكل 100.000 في تركيا و96 نزيلا لكل 100.000 في ألمانيا، و100 نزيل لكل 100.000 بإيطاليا.
وحتى الدول التي تقدمها وسائل الإعلام الغربي بشكل مشوه بكونها دول "معروفة بانتشار الإجرام"، مثل البرازيل والمكسيك، فإن الأرقام تبرز أن هناك 169 نزيلا لكل 100.000 مواطن بهذين البلدين.
فهل سيتعظ العثماني ويعترف بفشله وفشل حزبه وفشل حلفائه في الحفاظ على ما كان المغرب يحققه من نسبة نمو سنوي قبل مجيء الأصوليين للحكومة؟ أم سيناور مرة ثانية لتقديم بروفيلات وزراء فاشلين و"فنيانين" و"مساليين" في التعديل الحكومي المقبل؟
إن كان الأمر كذلك، فمن الأحسن إلحاق العثماني ومن معه من وزراء فاقدي الكفاءة و"الكبدة" بالسجن.
فرغم أنها "مانايضاش، مانايضاش"، فهذا الإجراء، على الأقل، سيسمح للمغرب بتحطيم الرقم القياسي بالتوفر على 200 سجين لكل 100.000 نسمة.
فالمغاربة تحملوا الكلفة الباهظة لتمويل ريع وإقامة وزراء الحكومة قرب المشور ليخلقوا الثروة ويمتصوا البطالة ويخففوا عبئ المديونية، لكن بما أن الحكومة فشلت، فالمكان الأنسب لكل وزير فاشل هو السجن.