الخميس 25 إبريل 2024
في الصميم

جيبو لينا العسكر لترويض المنتخبين!

جيبو لينا العسكر لترويض المنتخبين! عبد الرحيم أريري
الرياضة المفضلة لدى المسؤولين بالمغرب هي «التجرجير». وأحسن نموذج يمكن الاستشهاد به هم منتخبو الدارالبيضاء الذين يلهفون ريعا قدره خمسة ملايير سنتيم في الولاية الجماعية الحالية، دون أن يحرصوا على إخراج المشاريع المسطرة إلى حيز الوجود في الوقت المعقول.
الأمثلة عديدة، لكن سنثير فقط حالة شارع الناضور الذي يعد أحد أهم الشرايين بالعاصمة الاقتصادية، لكونه يربط بين حزامين هامين مهيكلين للتنقل، أولاهما: شارع المنظر العام وثانيهما شارع موديبوكيتا.
أشغال تهيئة شارع الناضورانطلقت في ماي 2017، وها نحن في ماي 2019 (أي عامان بالتمام والكمال!) ولم تنته الأشغال بعد، مما يعرقل حركة السير ويخلق الارتباك في التنقل، ويعطي صورة مشوهة عن المؤسسات المعطوبة ببلادنا، علما بأن شارع الناضور لا يمر في المحيط الأطلسي أو في خليج أو في سلاسل جبلية وبركانية وزلزالية تفسر هذا «التجرجير» الكارثي.
وتبلغ الطامة ذروتها حين نعلم أن طول شارع الناضور لا يتجاوز 700 متر، أي في عامين نجد بلدية الدارالبيضاء تنجز بالكاد مترا واحدا في اليوم!
المشرع الذي أنهك المواطنين بالضرائب بدواعي إنجاز المرافق والبنيات التحتية خول للمنتخبين بالدارالبيضاء ريعا سنويا قدره 8 ملايين درهم (تعويضات شهرية + كراء سيارات للعمدة ونوابه ولرؤساء المقاطعات ونوابهم ورؤساء اللجان + بونات المازوط...إلخ) كي «يسهروا» على حسن تدبير المرافق المحلية، كما وضع المشرع رهن إشارة عمدة الدارالبيضاء ومجلسه جيشا من الأطر التقنية من مهندسي دولة ومهندس تطبيقي ومن في حكمهما من الأطر، تسدد لهم خزينة الجماعة من ضرائب السكان حوالي 200 مليون درهم سنويا كأجور لهاته الأطر للإشراف على الأوراش. وإذا جمعنا هذا الشتات (الريع الممنوح للمنتخبين وتحملات أجور مهندسيهم وتقنييهم) نجد أن المبلغ هو 21 مليار سنتيم سنويا، أي خلال عامين يكون المبلغ هو 42 مليار سنتيم!! 
وإذا قسمنا هذا المبلغ على شارع الناضور (700 متر) نجد أن المتر الواحد يكلف البيضاويين حوالي 600 ألف درهم (60 مليون سنتيم)!
المصيبة أن معظم الخبراء الذين استأنست «الوطن الآن» و"أنفاس بريس"، بآرائهم أجمعوا على أن كلفة إعادة تهيئة شارع معين تتراوح بين 300 درهم للمتر المربع الواحد و1000 درهم حسب نوعية الخدمة المطلوبة ونوع المواد المستعملة ونوع الأثاث الحضري المرغوب (هل خشب أم إينوكس؟ هل الرخام أم زليج طاليان أو زليج عادي؟ وهل سيكون الشارع مغروسا بأشجار مستوردة وارفة أم مغروسا فقط بأشجار عادية...إلخ). أي أن شارع الناضور (باعتماد هذا المنطق) قد يكلف في أضعف الحالات 250 مليون سنتيم و500 مليون سنتيم كأقصى ثمن.
ما الذي تكشفه هذه الأرقام؟
إنها تكشف أن ما يلهفه المنتخبون من ريع، وما يضيع من تحملات اجتماعية لبنية تقنية معطلة بالجماعة من شأنه أن يوفر للسكان ما يمكن أن ننجز به تهيئة 2000 متر مربع يوميا من الشوارع، أي ما يشكل 730000 متر مربع في السنة. بمعنى أن الريع اليومي (60 مليون سنتيم) إذا اقتطعناه سيوفر غلافا ننجز به 60 كلم من الشوارع كل عام بالبيضاء، أي 84 شارع من حجم شارع الناضور، بمعنى كل عام سنصلح خمسة شوارع كبرى في كل مقاطعة من المقاطعات 16 بالبيضاء. 
وبما ان المصائب لا تأتي مجتمعة، فإن المقارنة مع ما ينجزه العسكر في يوم (خاصة فرق الهندسة العسكرية) مقارنة مع فشل المنتخبين، يصيبنا بالدوار والغثيان.
فالقوات المسلحة الملكية أنجزت الجدارالأمني بتعقيداته (حفروخنادق وأسلاك شائكة وتثبيت الكاميرات والرادارات وما شاكل ذلك) على طول 2400 كلم في ظرف خمسة أعوام (من غشت 1980 إلى متم 1985)، في سياق خطير يتميز بقصف من طرف العدو الجزائري والبوليزاريو ومواجهة الصواريخ والقنابل والقرطاس، بمعنى أن الجندي المغربي أنجز 480 كيلومتر في ظرف عام، أي في اليوم بنى العسكر 1.3 كلم من الجدار (1300 متر)، بينما منتخبو الدارالبيضاء لم ينجزوا سوى متر واحد في العام!. و(هذا يفيد أن الجندي المغربي له مردودية تساوي 1300 مرة من مردودية المنتخب).
فلماذا لا نأتي بالعسكر كي يعطي درسا للمنتخبين «السيفيل» (Civil) الذين يتمرغون في الريع والبزولة دون أن يخدموا البلاد والعباد.؟!