منذ وصول الأصوليين إلى مركز القرار الحكومي والبرلماني بالمغرب عام 2012 إلى اليوم، فقد المغرب أزيد من مائة ألف منصب شغل في القطاع الصناعي لوحده (منها حوالي النصف في قطاع النسيج). وبالمقابل ارتفع عدد النزلاء بالسجون المغربية من 75 ألف إلى 85 ألف فرد في ظرف خمسة أعوام، فضلا عن تزايد عدد الفراشة والمتسولين وأصحاب المهن الهشة والهامشية.
وبالعودة للتصريح الحكومي للأصوليين، سواء المقدم من طرف بنكيران أو من طرف العثماني، نجد تخمة في شعارات «التصنيع» و«التشغيل» و«خلق فرص العمل» و«تشجيع المقاولة المغربية»، في حين أن واقع الحال يظهر أن الحكومة باعت المغرب للشركات الأجنبية التي تستفيد من الأراضي والإعفاءات وباقي الامتيازات، وعجزت عن الدفاع عن مصالح المقاولات المغربية لدى الدول التي أبرم معها المغرب اتفاقيات ثنائية أو اتفاقيات التبادل الحر. وبدل أن تحافظ على مناصب الشغل الموجودة في القطاع الصناعي والخدماتي، بل وتعزيزها بخلق مناصب إضافية، اتجهت حكومة العثماني إلى تفخيخ النسيج الاقتصادي بشكل أفرز كسادا رهيبا.
ولنا في المحنة التي يجتازها قطاع النقل الدولي للمسافرين خير مثال على ذلك، إذ تجندت كل المصالح الأمنية الإسبانية (جمارك وحرس مدني) لاغتيال المقاولات المغربية التي استثمرت في مجال النقل الدولي حتى يتسنى للإسبان أن ينقضوا على «الهمزة» ويحتكروا المجال لوحدهم. فيوميا تتعرض العشرات من الحافلات المغربية إلى «الحجز والاعتقال» في ميناء الجزيرة الخضراء بافتعال تهم واهية وتافهة من طرف الجمارك الإسبانية، مفادها أن المسافرين المغاربة يحملون معهم «الشباكية» أو «سلو» أو «السمن» أو «النعناع» في الحافلات دون أن يصطحبوا معهم وثائق طبية وصحية حول المنتوج! والحال أن المغاربة ألفوا منذ أزيد من 30 سنة أن يتواصلوا مع أهاليهم بأوروبا عبر الحفاظ على تثمين الرأسمال اللامادي المتمثل في طقوس الأكل وإرسال «الشهيوات» إلى ذويهم بأوروبا عبر الحافلة (خاصة في رمضان)، مثلما هو الشأن للأوربيين الذين يرسلون سلعهم بالحافلات أو الشاحنات إلى أفراد الجالية الأوروبية بالمغرب، دون أن يعترضها المغرب أو يحتجزها بالموانئ.
وما كان للإسبان حاليا أن ينقلبوا على الاتفاقيات والأعراف أن يستأسدوا على الحافلات المغربية لو لم يكونوا على بينة من ضعف الحكومة المغربية التي خانت القسم المؤدى أمام الله وأمام الملك. إذ بدل الدفاع عن مصالح المغرب والمغاربة وإجبار الإسبان على احترام حرية تنقل البضائع والسلع والأفراد حسبما تنص عليه الاتفاقيات الدولية، نجد الحكومة المغربية تخون الثقة وتخون القسم بتخليها عن شركات النقل المغربية وتركها عرضة للتحقير و»التمرميد» على يد المسؤولة المتحكمة في جمارك الجزيرة الخضراء، المسماة نوريا (Noria)، وهي بالمناسبة مسؤولة باسكية عنصرية تكره المغرب والمغاربة، ووظيفتها ليست فقط حماية حدود بلادها واقتصاد بلادها من ولوج الممنوعات، بل تعدتها إلى لعب دور حقير عبر تسخير منصبها لعرقلة الحافلات القادمة من طنجة لدفع المسافرين المغاربة إلى الحنق وبالتالي دفعهم إلى عدم استعمال الحافلات المغربية والتوجه نحو حافلات إسبانية!
وهذا ما يجعل السؤال مشروعا حول سبب صمت الوزير بوليف والحكومة التي ينتمي إليها، وبالتالي التساؤل: هل الوزير بوليف قدم الولاء للملك محمد السادس أم للباسكية العنصرية نوريا؟