الجمعة 29 مارس 2024
مجتمع

المواطن وردي: هكذا تحول المحامي الإدريسي إلى "شكام صغير"

المواطن وردي: هكذا تحول المحامي الإدريسي إلى "شكام صغير" القاضي حكيم وردي، والمحامي عبد الصمد الإدريسي (يسارا)

ضمن سلسلة مقالات وحي القلم، التي يخص بها الأستاذ حكيم وردي، القاضي والباحث القانوني، جريدة "أنفاس بريس"، فيما يلي مقالة عنونها بـ "الشكام الصغير"، موقعا إياها بصفة "مواطن":

 

"في لحظة انفعال مؤلمة دعاني زميلنا الأستاذ عبد الصمد الإدريسي إلى الوفاء بالعهد والبر بالوعد والتعقيب على افتتاحية اكتتبها مناصفة مع صحفي على صدر أحدى اليوميات ردا على مقال سابق لي حول " فوبيا الاستقلالية ويتامي التبعية"، وقبلها استبدت بزميلنا حمى الارتياب وهو يعلق على مقالي "القانون والسيادة" فتخيل أنه مستهدف في وطنيته وجهاده المشهود كشخصية سياسية مرموقة في الدفاع عن صورة الوطن داخل أروقة المنظمات الدولية.

 

وبالمقابل حشرني الزميل المحترم بكل ازدراء يليق بحقوقي عتيد في زاوية الموظف النكرة الذي يقوم بأدوار قذرة، أمسكت به أنياب لن تتركه إلا جيفة مضرجة في دمائها.

 

والحقيقة أنني لم أستطع التعرف لا على المحامي المفوه، ولا السياسي المحنك، ولا الحقوقي المثخن بحب الإنسان، فيما يقترفه زميلنا ذ. الإدريسي سعيا لاهثا في ملاحقة منشوراتي وتسفيه آرائي بلغة ركيكة، وارتباك في الأفكار وبغير قليل من الحقد والضغينة وسوء الظن الذي دعا الله عباده المؤمنين إلى اجتنابه.

 

ولأنني مثقل الكاهل بالانشغالات المهنية والالتزامات الأسرية، وتقديري بأن ليس كل لغو أو سباب رخيص يستدعي الرد، كنت أتعفف على الخوض مع الخائضين، وأكتفي بترديد دعاء أشرف المرسلين "رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون".

 

وبالفعل فالزميل عبد الصمد الإدريسي بكتاباته الاستعدائية، وتحقيره العمدي لآرائي كمواطن يحاول الاستفادة من ثمار الحرية في الرأي والتعبير التي كفلها دستور 2011 للقضاة، لا يريد أن يستوعب أنني على حد قول أحد مطر لست لحزب أو جماعة، ولست لتيار شعارا أو لدكان بضاعة .. إنني الموجة تعلو حرة ما بين بين، وتقضي نحبها دوما لكي تروي رمال الضفتين...

 

ولكم أتضرع لله بخالص الشكر أنه عجل باستقلال القضاء، وإلا كنت كما سبقني إلى ذلك قضاة شرفاء وليمة على مقصلة التأديب بسبب الرأي..

 

ألم ترفع زميلي العزيز شكاية بئيسة إلى رؤسائي في العمل تدعوهم إلى إلجامي عن الكلام باسم خرق واجب التحفظ، ولو كنت كما تزعم مشبعا بثقافة الاختلاف لكان الرأي يقارع الرأي في نزال علمي راق شريف يشجع القضاة على  الإسهام المسؤول في النقاش العمومي المفيد للوطن والعدالة، ولكن للأسف تحولت إلى "شكام" صغير يحن إلى استعادة  زمن أليم اعتاد فيه على رؤية القضاة يسلخون ولا يصرخون، ولكم يثير في نفسي الشفقة أولئك (ومنهم زميلنا ذ الإدريسي) الذين يحسبون كل صيحة عليهم، ويعتقدون في طهرانية مواقعهم وقداسة مواقفهم فيراكمون تورما في الأنا كانعكاس طبيعي لغشاوة تعلو البصر وانطماس يخمد البصيرة، فتحاصرهم الأخيلة، ويصرعهم الدهان ويعتصرهم الهذيان، ويسرح بهم التوهم إلى الاعتقاد أنهم عظماء وحكماء وأوفياء غير أنه للأسف ليس هناك من يلتفت إلى رأيهم الثاقب فيما ينبغي أن تسير عليه الأمور.. وطبيعي أن مسلكا كهذا في الحياة ينتهي بصاحبه إلى معانقة التضاد، والسياحة في التناقض، مع الاستمرار بكل خسة في الأكل من القدر ولعن الطباخ.

 

لذلك  أقول لك زميلي العزيز يامن نعتني بالكاذب المدلس: إن زمن الرواية الواحدة والتلبيس على العامة باسم انتماء فئوي، أو مركب مصالحي وترويج الأراجيف حول القضاء قد أذن بالأفول، فإن كنت ناقلا فالصحة وإن كنت مدعيا فالدليل، وطالما أنك لا تملك لا هذا ولا ذاك ولم تقل شيئا جديرا بالرد المؤسس الرصين أكتفي بهذه الدعابة الليلية الخاطفة أنثرها حرة بدون قيد عساها تذكرك متلما تذكر غيرك أن الاستنكاف عن الرد لا ينبغي أن يحمل على الضعف، وأنني أتألم عندما أكره على النزول إلى القاع.... وإن عدت زميلي العزيز عدت"...